في الوقت الذي يحاول فيه الاحتلال الإسرائيلي إلصاق تهمة الإرهاب والعنف بمطلقي الطائرات الورقية والبالونات من قطاع غزة تجاه المستوطنات المحاذية للقطاع، يؤكد شبان فلسطينيون ينشطون في إطلاق تلك الوسائل السلمية بطلان مزاعم الاحتلال والتزامهم بأطر المقاومة الشعبية في أنشطتهم.
ويربط الشبان استمرارهم في إطلاق الطائرات الورقية والبالونات بسعيهم للفت أنظار العالم إلى الحصار الإسرائيلي المستمر على القطاع الساحلي منذ عام 2007 وما نتج عنه من تداعيات كارثية على مختلف الصعد الحياتية، رافعين مطلبا واحدا متمثلا برفع الحصار وتوفير مقومات الحياة للسكان الغزيين.
ونجح الشبان في غزة بتحويل الطائرات الورقية منذ انطلاق مسيرة العودة وكسر الحصار في الثلاثين من شهر مارس/ آذار المنصرم، إلى أداة مقاومة شعبية تستنفر الاحتلال بعد ربط علبة معدنية داخلها قطعة قماش مغمّسة بمادة قابلة للاشتعال في ذيل الطائرة، ثم إشعالها بالنار وتوجيهها بالخيوط إلى أراضٍ زراعية قريبة من مواقع عسكرية إسرائيلية.
الناشط في وحدات إطلاق الطائرات الورقية والبالونات بالمنطقة الوسطى "أبو محمد" قال إن "أسلوبنا المقاوم الجديد قائم على العمل الشعبي الفردي غير المنظم أو المدعوم، وقد تبلورت فكرته في خضم مشاركتنا في فعاليات مسيرة العودة وكسر الحصار شرق القطاع، ومن أجل لفت أنظار العالم إلى ما يجري في غزة".
وأضاف أبو محمد في حديثه لصحيفة "فلسطين" :"منذ الأيام الأولى لنجاح فكرة إطلاق الطائرات الورقية لم نضع في حساباتنا على الإطلاق غاية قتل جنود أو مستوطنين إسرائيليين، بل هدف كان وسيبقى استنفار جنود الاحتلال على مدار الوقت وزرع القلق في حياة المستوطنين اليومية بهدف إجبارهم على الضغط على حكومتهم لرفع الحصار عن غزة".
وأشار أبو محمد إلى أنه جرى التدرج في اختيار المناطق المستهدفة بإطلاق الطائرات الورقية أولا ثم البالونات الحارقة ثانيا، موضحا "كانت النيران تندلع بداية على مقربة من السلك الفاصل المطل على مخيمات العودة، وبعد ذلك أصبحنا نستهدف الأحراش الجافة الملاصقة للمواقع العسكرية، أما المستوطنات فأطلقنا نحوها بالونات تحمل صور الشهداء وعبارات تهديد".
ونفى أبو محمد مزاعم الاحتلال بأن الطائرات الورقية والبالونات يجري ربطها بمواد متفجرة، داعيا في ذات الوقت وسائل الإعلام المحلية إلى الالتزام بوضع أخبار إطلاق الطائرات الورقية والبالونات في إطار "عمل شعبي سلمي" دون الانجرار خلف الروايات الإسرائيلية الساعية لربط أنشطتهم الشعبية بـالإرهاب.
في حين، أكد الناشط في وحدات إطلاق الطائرات الورقية والبالونات "أبو زكريا" أن الاحتلال يحاول تضخيم أنشطتهم وإلصاقها بـ"الإرهاب المنظم"، فتارة يهدد باغتيال مطلقيها واستهدافهم بالطائرات الحربية والصواريخ، وتارة يطلق منظومة إلكترونية متخصصة في إسقاط تلك الألعاب البسيطة.
وقال أبو زكريا لصحيفة "فلسطين": "جرى إدخال وحدة إطلاق الطائرات والبالونات إلى جانب الوحدات الأخرى (الكاوتشوك وقص السلك) بهدف الضغط على الاحتلال الذي تعمد منذ اللحظات الأولى لبدء مسيرة العودة وكسر الحصار، استخدام الرصاص الحي الذي قتل الصغير والكبير والمصور والمسعف والشاب بشكل وحشي دون أي مبرر".
وبين أبو زكريا أن جميع الوحدات التي تنشط في مخيمات العودة الخمسة على طول السياج الفاصل لا تتردد أو تمانع في عقد أي لقاء إعلامي من الوسائل الأجنبية وغيرها، لتوثق بالصوت والصورة الأدوات السلمية التي نستخدمها في إطلاق الطائرات الورقية والبالونات، وننفي مزاعم الاحتلال جملة وتفصيلا.
وسبق لرئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن وصف الطائرات والبالونات (الحارقة) المطلقة من القطاع باتجاه المستوطنات المحيطة به بـ"الإرهاب الحقيقي الذي يتوجب علاجه"، بينما هدد العديد من وزراء الاحتلال وقادة الاحتلال باستهداف مطلقي تلك الطائرات الورقية "ولو كان الثمن الذهاب لعملية عسكرية جديدة".