فلسطين أون لاين

​حكومة الحمد الله والموظفون.. إمعانٌ في التفرقة

...
رام الله-غزة/ نبيل سنونو:

لا تزال إجراءات السلطة التي وصفها رئيسها محمود عباس بأنها "غير مسبوقة" تجاه قطاع غزة، تُلقي بظلالها على الأوضاع الإنسانية والمعيشية للغزيين الذين تحاصرهم (إسرائيل) منذ أكثر من 12 سنة، لا سيما في ملف الموظفين.

وبينما يتلقى موظفو السلطة في الضفة الغربية رواتبهم، خضعت رواتب موظفيها في قطاع غزة –الذين لم يلتحق معظمهم بالعمل منذ أحداث الانقسام في 2007- إلى خصومات، وأحيل بعضهم إلى التقاعد المبكر القسري.

أما الموظفون الذين عينتهم الحكومة السابقة برئاسة إسماعيل هنية في القطاع، فلا تصرف السلطة لهم الرواتب أبدًا، رغم أنهم كانوا ولا يزالون على رأس أعمالهم، وقد ارتقى منهم شهداء وجرحى خلال الحروب العدوانية التي شنها الاحتلال على القطاع، بين 2008 و2014، بحسب نقابة الموظفين في القطاع.

ويقول رئيس نقابة موظفي السلطة في قطاع غزة، عارف أبو جراد، إن التعامل مع موظفي السلطة في القطاع "عنصري بالدرجة الأولى"، مفسرا ذلك بأن حكومة رامي الحمد الله ميزت "بين الموظف الواحد في الوزارة الواحدة".

ويشير أبو جراد، في حديث مع صحيفة "فلسطين" إلى قطع الرواتب دون وجه حق، انتهاء بالتقاعد المبكر الإجباري الذي فرض على موظفي القطاع، والخصومات التي تراكمت على رواتب هؤلاء الموظفين دون بقية موظفي السلطة.

ويوضح أن ما يرد البنوك من وزارة المالية في رام الله ليس للموظفين، وإنما لصالح البنوك، لافتا إلى أن معظم موظفي السلطة هم من أصحاب القروض.

ويتهم أبو جراد، الحكومة بأنها تقوم "بتمييز عنصري فاضح وواضح فيما يتعلق بكيفية التعامل مع الموظفين".

ومنذ مارس/آذار 2017، تخصم السلطة من رواتب موظفيها في القطاع قرابة 50%، وحتى هذه النسبة سبق أن شهدت تأخرا في صرفها.

وردا على تصريحات مسؤولين في رام الله أرجعوا ذلك إلى "أسباب فنية"، يشدد أبو جراد على أن هذا لا يمكن تصديقه، لأن الخلل الفني لا يستغرق أشهر بل ساعات، متابعا: "هي بالفعل إجراءات عقابية على موظفي قطاع غزة".

ويؤكد أن الذي تأثر بالدرجة الأولى من هذه الإجراءات هو المواطن، ومن المفروض إعادة الأموال والرواتب إلى الموظفين.

"تخالف القانون الأساسي"

من جانبه، يصف نقيب الموظفين في غزة يعقوب الغندور، حكومة الحمد الله بأنها "عنصرية بامتياز وفاشلة، تميز بين موظفي الوطن الواحد"، مبينا أنها تميز كذلك بين موظفي غزة أنفسهم، بين موظف مقطوع الراتب، ومخصوم الراتب، ومحال للتقاعد، وآخر لا تعترف بمصيره.

ويقول الغندور، لصحيفة "فلسطين"، الحكومة تخالف بذلك القانون الأساسي والقوانين ذات العلاقة، موضحا أنها تسببت بمعاناة الموظفين من خلال "التمييز العنصري" بينهم.

ويتهم الغندور، حكومة الحمد الله بالتنكر لحقوق الموظفين، وأنها "ترتكب مجازر" من خلال قطع وخصم الرواتب والإحالة للتقاعد وعدم الاعتراف بمصير موظفي غزة، كما اتهمها بـ"التلذذ" بمعاناة هؤلاء الموظفين، في مخالفة لكل القوانين ومنها المادة التاسعة من القانون الأساسي التي تنص على أن الفلسطينيين أمام القانون والقضاء سواء.

وينوه إلى أن الحكومة لم تلتزم ببند نص عليه اتفاق المصالحة الأخير، وهو استمرار استلام الموظفين رواتبهم التي كانت تُدفع لهم، اعتبارا من شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2017، إضافة إلى سرعة إنجاز اللجنة القانونية الإدارية المشكلة من الحكومة لإيجاد حل لموضوعهم قبل الأول من فبراير/شباط الماضي.

ويحمل الغندور حكومة الحمد الله مسؤولية "الأوضاع الكارثية" التي يمر بها موظفو القطاع العام في غزة، قائلا: "نحن كنقابة موظفين قلنا منذ البداية ليس لنا علاقة بالتجاذبات والمناكفات السياسية. يجب أن يتم تحييدنا".

وإذ يشدد على أن حقوق الموظفين "خط أحمر لا يمكن تجاوزه"، يصف الغندور حكومة الحمد الله بأنها "حزبية"، داعيا إياها إلى الرحيل فورا، وإخضاعها للمحاسبة، كما دعا إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية أو إنقاذ وطني تكون قادرة على حل كل مشكلات قطاع غزة بما فيها ملف الموظفين.

ويرى الغندور، أن السلطة تعتبر غزة "بقرة حلوب، يريدون أن يأخذوا منها ولا يعطونها شيئا"، معتبرا ذلك دليلا على أن السلطة ترفض الوحدة الوطنية وإعادة اللحمة للشعب الفلسطيني.

وتسلّمت هيئة المعابر والحدود في السلطة رسميا مسؤولية معابر القطاع، في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 2017 حسب الجدول الزمني الذي حدده اتفاق القاهرة الأخير الموقع بين حركتي حماس وفتح، بيد أن الحمد الله ربط عمل هذه المعابر بالملف الأمني، في خطوة أثارت جدلا حول نوايا السلطة واعتبرها البعض توجها نحو "الإحلال والوصاية" بدلا من الشراكة.

ويؤكد الغندور، أن حكومة الحمد الله تتحمل المسؤولية الكاملة عن عدم دمج الموظفين على سلم مالي موحد، ومن خلال الخزينة المالية الموحدة لكل موظفي القطاع العام سواء المدنيين أو القوى الأمنية العاملين في الضفة وغزة، وأن يكون هناك دمج حقيقي وتسكين لهؤلاء الموظفين.

وفي الثاني من أكتوبر/تشرين الأول 2017، وصل الحمد الله وحكومته قطاع غزة للمرة الثالثة بحضور وفد أمني مصري، لكن الحكومة أنهت أول اجتماع لها في اليوم التالي دون التوصل لنتائج ملموسة، برفع "الإجراءات العقابية" عن القطاع.

ولم تنل حكومة الحمد الله، التي تشكلت في 2014 بموجب إعلان الشاطئ، ثقة المجلس التشريعي.

وتواجه إجراءات السلطة بحق القطاع رفضا وطنيا واسعا، لكن على الرغم من ذلك، لم تتوقف هذه الإجراءات حتى اللحظة، وقد طالت مناحي الحياة الأساسية منها الصحة والكهرباء، وغيرها.