فلسطين أون لاين

خبراء يدعون لتوفير منظومة تشريعات لزيادة معدلات النمو

...

غزة - رامي رمانة

دعا خبراء اقتصاديون لضرورة تضافر كافة الجهود المشتركة بين القطاعين العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني، للنهوض بواقع الاقتصاد الفلسطيني في أعقاب تسجيل معدلات النمو حالة انكماش بلغت شدتها في العامين الأخيرين.

وشدد الخبراء على أهمية توفير منظومة من التشريعات والقوانين والسياسات البعيدة عن الاحتكارات والجاذبة للاستمرار، مشددين على أهمية تحقيق المصالحة على اعتبارها ركيزة أساسية جاذبة للاستثمار .

وقال رئيس المجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والإعمار "بكدار" محمد اشتية، إن الاقتصاد الفلسطيني يعاني من تباطؤ في معدلات النمو، وعمليا يعيش حالة انكماش بدأت منذ منتصف العام 2013.

وأضاف اشتية في بيان صحفي حول الوضع الاقتصادي الفلسطيني ومؤشرات حول أدائه خلال العام الماضي، استنادا إلى الإحصاءات الرسمية ودراسات أعدها، بالتزامن مع تحضيرات عقد اجتماع المانحين (AHLC) في العاصمة البلجيكية بروكسل، أن عدم سير عملية إعمار غزة بالشكل اللازم، بسبب الحصار وتأخر أموال المانحين، انعكس على عدم خلق فرص عمل كافية وتحريك الاقتصاد في قطاع غزة كما كان متوقعا.

ويعرف النمو الاقتصادي بأنه زيادة في إجمالي الناتج المحلي أو إجمالي الدخل القومي بما يحقق زيادة في متوسط دخل الأفراد، وبالتالي فإن مفهوم النمو الاقتصادي يكون هو نفسه مفهوم الرفاهية الاقتصادية.

وبين الخبير الاقتصادي نهاد نشوان أن أسباب الانكماش الاقتصادي في الأراضي الفلسطينية ترجع إلى الحرب الأخيرة على قطاع غزة وتبعاتها، وهدم السلطات المصرية الأنفاق التي كانت تشكل شريان حياة لسكان القطاع، وبطء عملية إعادة الإعمار، علاوة على القيود الإسرائيلية المفروضة على الحركة التجارية في مناطق الضفة الغربية ، وانخفاض المساعدات الخارجية المقدمة للسلطة الفلسطينية.

وأوضح نشوان لصحيفة "فلسطين" أن الظروف الاقتصادية السيئة دفعت برؤوس الأموال إلى الهجرة خارج الأراضي الفلسطينية ، مما ترتب على ذلك تسجيل انخفاض ملموس في معدلات الإنتاج، وانعكاس ذلك على انخفاض دخل الفرد الذي على أساسه تقاس معدلات النمو.

وتحدث عن حالة النقيض بين شطري الوطن عقب الانقسام، وقال إن محافظات الضفة الغربية ارتفعت فيها معدلات النمو من 14% إلى 130% ويرجع ذلك لتحويل مركز الوزارات والبنوك والهيئات العامة للسلطة إلى الضفة فأصبحت تشكل البؤرة الاقتصادية.

ودعا إلى توفير منظومة من التشريعات والقوانين والسياسات البعيدة عن الاحتكارات والجاذبة للاستمرار.

وأشار اشيتة إلى أن معدلات البطالة وصلت لأكثر من 26% من مجمل القوى العاملة، وارتفعت في غزة لتصل 44%، وفي فئة الشباب تصل إلى 52% من الذين تتراوح أعمارهم بين 18-29 عاما.

وأوضح أن معدل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي آخذ بالتآكل وتحديدا في قطاع غزة، حيث لم يتعد نهاية عام 2015 الـ970 دولارا، ما ينعكس على تردي الأوضاع الإنسانية والاقتصادية التي يعيشها سكان قطاع غزة. ولفت إلى أن أكثر من ثلث الفلسطينيين يعيشون ظروفا اقتصادية سيئة ويصنفون كفقراء، ومعدلات الفقر في غزة أكثر من مثيلاتها في الضفة، مشيرا إلى أن 80% من سكان قطاع غزة يتلقون مساعدات إنسانية دولية، وحوالي 47% من العائلات الغزية ليس لديها أمن غذائي.

من جانبه بين أستاذ الاقتصاد أمين أبو عيشة أن النمو الاقتصادي يؤثر على اجمالي الناتج المحلي الفلسطيني الذي كان يتراوح منذ عامين 2013-2015 ما مقداره 8 ملايين دولار سنوياً، مشيراً إلى أن نصيب قطاع غزة 10% فقط من هذا الرقم.

وأضاف إلى أسباب انخفاض معدلات النمو: "السياسية النقدية التي تنتهجها (اسرائيل) تجاه السلطة، تقسيم مناطق الضفة الغربية، استمرارية اتفاقية باريس الاقتصادية"، مشيراً إلى أن سلطات الاحتلال أبقت السلطة بدون سلطة .

وشدد على أن التنمية الفلسطينية تحتاج الى جهد مشترك من جميع شركاء التنمية الثلاثة, الحكومة، القطاع الخاص والمجتمع المدني.

وأشار إلى أن الحفاظ على مستوى معقول من النمو في الاقتصاد الفلسطيني، يتطلب ثلاثة عناصر أساسية، وهي استمرار السلطة بعملية الإصلاح، ووفاء المانحين بالتزاماتهم، والحد من القيود الإسرائيلية بشكل واسع.

أستاذ الاقتصاد في جامعة بيرزيت د. نصر عبد الكريم اعتبر انكماش النمو بعد عام 2013 حتى الآن حالة طبيعية وإن كان للظروف السياسية تأثير ملموس.

وقال لصحيفة "فلسطين"، من الطبيعي أن يدخل أي اقتصاد دولة دورة نمو وانكماش، وما حدث أن الاقتصاد الفلسطيني شهد خلال السنوات الممتدة من 2007-2010، ارتفاعا في معدلات النمو بسبب الإنفاق الحكومي الذي جاء عقب سخاء الدول المانحة، فنفذت السلطة العديد من المشاريع الاقتصادية والبنى التحتية، كما أنه في خلال هذه الفترة فتحت المؤسسات المالية والمصارف أبوابها للراغبين في القروض الانتاجية والاستهلاكية، وتلك الأسباب جميعها ساهمت في احدث نمو اقتصادي ".

وأضاف:" أما بعد هذه الفترة الزمنية نلاحظ أن الانفاق الحكومي انحسر نظراً لتراجع المساعدات الدولية، كما لم يعد للمؤسسات المصرفية الكثير من الفئات المستهدفة لإقراضها".

وتحدث المختص عن تأثير "انسداد الأفق السياسي، وعدم اتباع الحكومة سياسة مستدامة" على النمو الاقتصادي.