توقع أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، د. حسن نافعة، ألا تقبل القاهرة ما تعرف بـ"صفقة القرن" الأمريكية لتصفية القضية الفلسطينية.
وعن الأسس التي تتحرك القاهرة بناء عليها تجاه القضية الفلسطينية حاليا، قال نافعة لصحيفة "فلسطين"، إن أهم أساس هو ألا تبدو مصر منفردة باتخاذ أي قرار وأن تنسق في ذلك مع عدد من الدول العربية في مقدمتها الأردن والسعودية والإمارات، وبالتالي ما تتفق عليه هذه الدول هو الذي سيحدد استراتيجية مصر في المرحلة القادمة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
واعتبر نافعة، أن الأساس الثاني هو عدم الدخول في صدام مع الولايات المتحدة أو (إسرائيل).
وتابع في الوقت نفسه: "في تقديري، مصر لا تملك ولا تريد ولا ترغب في أن تدان لاحقا بأنها هي التي لعبت دورا في تصفية القضية الفلسطينية، أو أن تتحول إلى أداة في يد الولايات المتحدة لتصفية هذه القضية".
ولا يعتقد أستاذ العلوم السياسية أن القاهرة ستقبل "صفقة القرن"، قائلا إنه لا يمكن للأخيرة أن تقبل صفقة لا توافق عليها فلسطين.
وأوضح أنه لا توجد حتى اللحظة وثيقة منشورة تدل على الملامح النهائية لـ"صفقة القرن"، وأن ما نشر حولها يستحيل قبوله من جانب الأردن أو مصر.
وقال: "كنوع من التحليل وليس بناء على معلومات متاحة، مصر لن تقبل صفقة القرن وفق ما ينشر عنها وبالذات لن تقبلها منفردة".
وعما إذا كانت مصر تملك معلومات عن "صفقة القرن"، أجاب: "بالتأكيد تملك معلومات"، مستندا بذلك أنه عندما يأتي مبعوثين أمريكيين خصوصا جاريد كوشنير صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فهو يناقش قضايا محددة.
وعبر عن اعتقاده بأنه ليس هناك نص متكامل حول الصفقة عرض على مصر.
وفي 2002 أقرت القمة العربية التي انعقدت في بيروت ما يعرف بـ"مبادرة السلام العربية"، وتنص على انسحاب الاحتلال بشكل كامل من الأراضي العربية المحتلة منذ 1967، والتوصل إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين، وقبول قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على ما يعرف بحدود "67"، يكون عاصمتها شرقي القدس، مقابل "اعتبار النزاع العربي الإسرائيلي منتهيا".
بيد أن دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي، اعترف في ديسمبر 2017 بالقدس المحتلة "عاصمة" مزعومة لكيان الاحتلال الإسرائيلي، كما قلص مساهمة بلاده في ميزانية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".
وأشار نافعة إلى تأثيرات كون الوضع العربي "عموما منهار" على التعامل مع "صفقة القرن"، لكنه بين أن موقف روسيا والصين وإيران وتركيا الذي ربما لا يكون متحمسا للصفقة، سيعطي مصر والدول العربية الأخرى هامشا ما من المناورة قد ترغب في استخدامه أو توظيفه إن لزم الأمر.
لكنه أردف: "الوضع العام غير مريح لأي طرف، خصوصا إذا أصرت الولايات المتحدة على الإعلان عن "صفقة القرن" أو أصرت على المضي قدما فيها بصرف النظر عن الموقف الفلسطيني".
ورأى نافعة في الوقت نفسه، أن الولايات المتحدة في "مأزق بشكل أو بآخر" بعد نقل السفارة الأمريكية لأنها أخرجت القدس من إطار التفاوض وأصبح واضحا للعيان أن "صفقة القرن" ستتضمن حتما التنازل عن القدس، وأن كل ما يجري التفاوض حوله الآن هو كيف يمكن ضمان "حرية العبادة" في الأماكن المقدسة.
"مقايضة"
وأشار أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة إلى قضايا أخرى لا تقل أهمية، منها قضية اللاجئين الفلسطينيين، لافتا إلى "أن هناك أمور أخرى تتعلق باحتمال أن تطلب الولايات المتحدة من مصر التنازل عن جزء من سيناء وتمرير هذا في إطار تبادل الأراضي"، لكن وزير الخارجية المصري سامح شكري، شدد في نوفمبر 2017 في تصريح لقناة "ON e Tv"، على أنه "لا يمكن التنازل عن أي ذرة من تراب سيناء، التي رويت بدماء المصريين".
وقال نافعة، إنه لا يعتقد أن المعالم الكاملة لـ"صفقة القرن" باتت على وشك أن تعلن، مبينًا أن ذلك يحتاج إلى ضمانات أمريكية للأطراف الرئيسية، وليس هناك ما يوحي بأن واشنطن قدمتها.
وبشأن قطاع غزة، أوضح المحلل السياسي المصري أن الإدارة الأمريكية تقايض تحسين مستويات المعيشة فيه بالتنازل عن الحقوق والدولة المستقبلية وعاصمتها القدس.
وأكد أن الشعب الفلسطيني هو الذي سيقرر ما إذا كان الحل المطروح عليه مقبولا أم لا، مشددا على أهمية توفر استراتيجية فلسطينية موحدة "لإدارة النضال في هذه المرحلة بالغة الحساسية".
وتمم نافعة بأن الشعب الفلسطيني عانى طويلا من الاحتلال ولديه أدوات للنضال لم تستنفد كلها.