طالب مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية حكومة الوفاق برفع الإجراءات العقابية المفروضة على قطاع غزة فورًا بما في ذلك صرف الرواتب بالكامل، واحترام حق المواطنين بالعيش الكريم وعدم الزج بالموظفين وحقوقهم والخدمات الأساسية في أتون الصراع السياسي.
وأكد المجلس في بيان صحفي اليوم الخميس، أن تلك الإجراءات تُشكل انتهاكًا صارخًا للمواد (09)، (10/1) و(15) من القانون الأساسي الفلسطيني، وتُشكل جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم.
وشدد على أن حق المواطنين في التجمع السلمي والتعبير عن آرائهم بحرية، هي حقوق كفلها القانون الأساسي الفلسطيني والاتفاقيات الدولية التي انضمت لها دولة فلسطين دون تحفظات.
وطالب الحكومة-للمرة الثانية-بتوفير الحماية للمشاركين في التجمعات السلمية والحفاظ على سلامتهم، خاصة في ظل حالة التحريض المستمرة ضد الحراك المطالب برفع العقوبات، مؤكدًا دعمه الكامل للحراك الشبابي وحقه في التجمع السلمي.
ودعا المجلس الحكومة أيضًا لإصدار اعتذار رسمي، واتخاذ قرارات وإجراءات واضحة من شأنها احترام حق المواطنين في التجمع السلمي والتعبير عن آرائهم بحرية، وقف التحريض، وضمان عدم تكرار تلك الانتهاكات، وفاءً بالتزامات دولة فلسطين بموجب الاتفاقيات التي انضمت إليها، كما دعا حركة حماس لاتخاذ إجراءات مماثلة.
وحسب المجلس فإن "السلطة القائمة في قطاع غزة" مسؤولة عن الانتهاكات التي وقعت بحق المشاركين في المسيرة المطالبة بإنهاء الانقسام ورفع العقوبات عن القطاع، وقال: "هي غير معفية من تحمل مسؤولياتها بتوفير الحماية للمشاركين في التجمعات السلمية".
وأعاد المجلس تذكير الحكومة بالتزاماتها الناشئة عن انضمامها دون تحفظات للاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، وخاصة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والحقوق المكفولة فيه كافة.
وبناءً على ذلك، طالب كلًا من النائب العام في رام الله، والنائب العام في غزة بسرعة فتح تحقيقات جزائية في الانتهاكات التي وقعت بحق المشاركين في التجمعين السلميين، ومحاسبة كل من يثبت تورطه في ارتكابها، أو حرض عليها وعلى مؤسسات المجتمع المدني، وانصاف الضحايا.
وكما أكد خطورة جريمة التحرش الجسدي واللفظي الذي تعرضت له فتيات وسيدات من المشاركات في مسيرة رام الله، والتي شكلت تجاوزاً لكل أخلاقيات العمل الوطني، ويطالب النائب العام بفتح تحقيقات جدية في تلك الجرائم المشينة والمستهجنة، وملاحقة مقترفيها وتقديمهم للعدالة.
وأعلن المجلس عن تشكيله فريق قانوني يتولى بالتنسيق والتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني تقديم البلاغات الجزائية، والدفاع عن حقوق ضحايا تلك الاعتداءات ضمن إجراءات التقاضي الاستراتيجي.
كما أعلن عن تشكيل لجنة تقصي حقائق من منظماته الأعضاء وبالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني، للتحقيق في كافة الانتهاكات التي وقعت في الضفة الغربية وقطاع غزة بحق المشاركين في التجمعات السلمية المشار إليها أعلاه، على أن تُصدر تقرير شامل فيها.
وعليه، دعا المجلس ضحايا انتهاكات التجمعات السلمية المشار إليها كافة إلى التوجه لمنظمات حقوق الإنسان الأعضاء في المجلس لتقديم شكاوى رسمية، لتتولى المنظمات متابعتها قانونياً وتوثيقها ضمن تقرير لجنة تقصي الحقائق.
وفي الإطار، طالب القوى والفصائل الفلسطينية والفعاليات المدنية كافة، بسرعة إجراء حوار وطني شامل بعيدًا عن الحوارات الثنائية بين حركتي فتح وحماس تحقيقًا للمصالحة الوطنية، وإعادة بناء المؤسسات الوطنية بشكل يمثل كافة الفلسطينيين، وصياغة برنامج وطني شامل نحو التحرر الوطني وتقرير المصير.
وشرعت السلطة الفلسطينية منذ مارس 2017 بفرض حسومات على رواتب موظفيها في قطاع غزة والبالغ عددهم نحو 62 ألف موظف/ة تراوحت بين 30-60%، إضافة إلى وقف امتيازات مالية أخرى مثل العلاوات الإشرافية والاجتماعية.
وتبع ذلك-وفق المجلس-تقليص حاد في تغطية التحويلات الطبية الخارجية لمرضى قطاع غزة، وتقليص توريد قيمة فاتورة الوقود لمحطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع وفاتورة استهلاك التيار الكهربائي للجهات الأخرى التي تزود قطاع غزة بالتيار الكهربائي.
ومنذ ذلك الحين، بررت حكومة المقاطعة وعددًا من قيادات السلطة تلك الإجراءات بأنها جاءت بناء على تشكيل حركة حماس لجنة إدارية بغزة، إلا أنه رغم حلها في سبتمبر 2017 استمرت.
كما ازدادت العقوبات في أبريل 2018، حيث لم يتلقَ الموظفون رواتبهم عن شهر مارس، في حين تلقوا بعد ذلك 50% من رواتبهم فقط.
ورافق الإجراءات السابقة، إحالة الحكومة في شهر يوليو 2017، (6145) موظفًا مدنيًا، ونحو (7000) موظفًا عسكريًا إلى التقاعد المبكر القسري خلافًا لإرادتهم ودون فتح المجال للتشاور معهم أو منحهم محفزات مالية للتقاعد المبكر لمن هم دون الـ 60 عاماً، مما يعني عملياً اقتطاع جزءاً من رواتبهم.
ولم يصدر عن رئيس السلطة محمود عباس أو عن الحكومة أي قرار بقانون/ مرسوم رئاسي أو قرار حكومي بشأن تلك الإجراءات، وبُررت في مناسبات عديدة بأنها "خللاً فنياً"، رغم أن قيادة السلطة وعدت بحل الخلل وصرف الرواتب تنفيذًا لقرار المجلس الوطني الداعية لحل الخلل.
إلا أن الحكومة أشارت في بيانها الصادر بتاريخ 12 يونيو 2018 إلى أن: "الخصومات التي يتم الترويج لها على أنها عقوبات مفروضة على قطاع غزة هي خصومات مؤقتة، وأن عدد الموظفين الذين يتقاضون 50% من الراتب، يبلغ 15 ألف موظف مدني، و20 ألف موظف عسكري".
وتأتي تلك العقوبات في ظل حصار خانق تفرضه سلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ 2007، والذي فرض واقعاً اقتصادياً كارثياً على المواطنين مس بشكل خطير حقهم في الحياة والعيش بكرامة.