فلسطين أون لاين

​خلافًا للأعوام السابقة .. سوق جباليا تشتكي قلة المشترين

...
غزة - نور الدين صالح

لم يكن مشهد سوق جباليا شمال قطاع غزة في شهر رمضان المبارك هذا العام كما في الأعوام السابقة، فأصناف البضائع الرمضانية مكدسة أمام المحال وأصحابها ينتظرون قدوم المشترين، علّهم يجلبون قوت يومهم.

وتتميز سوق جباليا بالإقبال الشديد للمواطنين طيلة أيام رمضان، كونها من أكبر الأسواق في قطاع غزة، وتفتح على مدار الساعة، وينزل بها بعض البائعين الجدد الذين يمارسون المهن الرمضانية لإعالة أسرهم.

وحرص التجار على جلب كميات من البضائع أقل من الأعوام الماضية، لتوقعهم سوء حركة البيع والشراء خلال رمضان، نظرًا إلى الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيش فيها القطاع، فضلًا عن عدم تلقي الموظفين رواتبهم (موظفي السلطة الفلسطينية وغزة) منذ أكثر من شهرين.

نادر أبو سلطان أحد باعة المخللات في سوق جباليا يشتكي من ضعف الإقبال هذا العام، خلافًا للأعوام السابقة، نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة.

ويقول أبو سلطان لصحيفة "فلسطين": "أصبحت الأسواق شبه فارغة من المشترين، رغم توافر مختلف الأصناف في السواق".

ويبين _وهو يعمل في هذه المهنة منذ عدة سنوات_ أنه على أهمية "المخللات" لدى المواطنين في رمضان الإقبال عليها "ضعيف جدًّا"، ما دفعه إلى جلب كميات قليلة جدًّا مقارنة بالأعوام الماضية.

ويأمل تحسن الأوضاع المعيشية لسكان قطاع غزة، وصرف رواتب للموظفين، من أجل تنشيط حركة البيع والشراء.

كان بائع البطيخ فارس عودة كذلك يقف أمام محله وعيناه تحدقان هنا وهناك، أملًا في قدوم المشترين إليه، لاسيّما أنه "لم يستفتح منذ الصباح"، وفق قوله.

ينظر عودة إلى بضاعته المكدسة تارة وإلى حركة السوق الخالية أصلًا من المشترين تارة أخرى، الأمر الذي جعله يندب حظه ويضرب كفه اليمنى باليسرى، متسائلًا: "إلى متى سيبقى الحال هكذا؟!".

حالة اليأس كانت تسيطر على عودة، لعدم إقدام مشترين على محله، ويردد: "لم نشهد ضعف الإقبال في الأعوام السابقة، كما في رمضان هذا العام".

ويرجع سبب ذلك إلى سوء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة في القطاع، التي أثقلها عدم تلقي الموظفين رواتبهم منذ أكثر من شهرين على التوالي.

يقول عودة وعلامات اليأس تجتاح تفاصيل وجهه: "إن حركة البيع والشراء في رمضان هذا العام تكاد تكون معدومة"، مشيرًا إلى أنه اضطر إلى اشتراء كميات بضائع أقل من الأعوام السابقة.

وكان الشاب أحمد أبو قمر (27 عامًا، وهو من سكان مخيم جباليا) يتجول في السوق، من أجل جلب الحاجات الأساسية لعائلته في رمضان.

ويحرص أبو قمر على جلب أساسيات مائدة رمضان بكميات أقل من المعتاد، نظرًا إلى الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعيش فيه، وفق قوله.

ويبين _وهو أحد موظفي قطاع غزة_ لمراسل صحيفة "فلسطين" أنه لم يتقاضَ راتبه منذ أكثر من 50 يومًا، ما أثقل كاهله، وجعله غير قادر على جلب أدنى احتياجات عائلته.

ويطالب أبو قمر الذي يعيل أسرة مكونة من طفلين الأطراف جميعًا: الحكومة والقيادات الفلسطينية بالتحرك، من أجل إنقاذ قطاع غزة من الكارثة التي حلّت به، بسبب عدم تلقيهم رواتبهم.

أما المواطن سامح عليان (32 عامًا) فلم يختلف عن سابقه، كونه يتجرع من كأس المعاناة والحرمان نفسها، كما عشرات العائلات الفلسطينية، بفعل حصار الاحتلال الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ 12 عامًا، إضافة إلى الإجراءات العقابية التي فرضتها السلطة على القطاع.

ويؤكد عليان _وهو أحد موظفي السلطة_ أنه لم يعد قادرًا على إعالة أسرته وجلب المواد الأساسية لها، بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة التي يمر بها، نتيجة الحصار وعدم صرف الرواتب.

ويأمل صرف رواتب خلال الأيام المقبلة، خاصة مع قرب عيد الفطر، كي يتسنى له شراء المستلزمات الأساسية لعائلته، مختصرًا حديثه بعبارة: "الوضع صعب جدًّا ووصل إلى تحت الصفر".

وألقت الظروف الاقتصادية والمعيشية بتأثيراتها السلبية على الغزيين في مختلف مناحي الحياة، ما جعلهم غير قادرين على الإيفاء باحتياجات عوائلهم، لاسيّما في شهر رمضان المبارك.