فلسطين أون لاين

​القدس تصدم وافديها

...
القدس المحتلة (أ ف ب)
القدس المحتلة - مصطفى صبري

الخبر ليس كالمشاهدة والمعاينة، فمن يسمع عن تهويد القدس والبلدة القديمة في نشرات الأخبار والتقارير الصحفية ليس كمن يشاهد ما يحدث في الميدان، فالجماعات الاستيطانية اقتربت من المسجد الأقصى حتى مسافة صفر.

فمئات الآلاف من الوافدين إلى القدس في شهر رمضان يشاهدون كيف يقترب المستوطن من المسجد الأقصى في منطقة باب السلسلة وحائط البراق وحي المغاربة، وباقي أحياء البلدة القديمة.

الوافد من مدينة نابلس زياد دويكات ومعه طفله ابن السنوات السبع بالقرب من باب السلسلة قال: "كنت أسمع عن عربدة المستوطنين، واليوم شاهدت بأمّ عيني خروج مجموعة من المستوطنين من أحد الأزقة القريبة، وعددهم يفوق العشرين".

وتابع وصف ما رآه: "واتجهوا نحو باب السلسلة، وبعدها عادوا إلى الخلف واتجهوا إلى زقاق قريب كتب عليه "حائط المبكى"، فتوقفت كمن أصابه شلل مفاجئ ومعي طفلي عبد الله".

ولأن ما رآه لم يستوعبه اتجه دويكات إلى صاحب محل قريب وبادره بالسؤال: "ماذا يفعل هؤلاء هنا؟!، ولماذا يسكنون بالقرب من المسجد الأقصى؟!، وما هذه اليافطة التي تزوّر حائط البراق باسم حائط المبكى؟!".

رد عليه التاجر المقدسي بقوله: "لاشك أنك لست من أهل المدينة، ولا تعرف واقع القدس"، وأخذ يشرح له واقع المسجد الأقصى والبلدة القديمة، وكيف استوطن المستوطنون بالقرب من المسجد الأقصى، وأقاموا كنسًا لهم تطل على المسجد، وأخذه على بعد عدة أمتار من محله وأشار إلى وجود مبنى للمستوطنين بالقرب من مدخل حائط البراق السفلي المتصل بالطريق المؤدية إلى سوق القطانين.

أضاف دويكات: "أصابتني رعشة قوية بعد سماع حديث التاجر المقدسي، الذي أصر على توضيح الحقيقة الغائبة عن الفلسطيني، الذي لا يعرف واقع القدس وطبيعتها"، لافتًا إلى أنه عاد وقد سال الدمع من عينيه على واقع المسجد الأقصى المؤلم.

بدوره قال أحمد العموري من مدينة طولكرم: "أعلام الاحتلال وشعاراته التلمودية تجثم على المنازل التي صادرها المستوطنون"، مشيرًا إلى أنه خلال مروره من طريق الواد شاهد أعلامًا للاحتلال على مبانٍ مقدسية، ولمّا استفسر قالوا له: "ذهبت هذه المنازل إلى جمعيات استيطانية في صفقات بيع مزورة".

وبالقرب من مطعم البراق القريب من مدخل حائط البراق حدث العموري أحد التجار المقدسيين هناك عن حادثة مؤلمة، والقصة أن جمعية استيطانية اشترت محلًّا تجاريًّا صغيرًا، وبعد هدم الواجهة الشرقية له وجدت خلفها سلسة من الغرف القديمة تصل إلى سور المسجد الأقصى من الجهة الغربية، ليستطيع المستوطنون الوصول إلى السور الغربي بسهولة.

أضاف المواطن العموري: "لم أكن أعلم بهذه الحقيقة المؤلمة، فأصحاب المكان تحدثوا عن مرارة في قلوبهم من تغول المستوطنين والجمعيات التابعة لهم، والعرب والمسلمون في سبات عميق".

وفي لقاء مع مواطن من قلقيلية قال وجيه قواس الذي شغل منصب رئيس بلدية قلقيلية عام 2005م: "واقع البلدة القديمة حاضنة المقدسات _وفي مقدمتها المسجد الأقصى_ لا يتصوره العقل، فالمقدسي المغلوب على أمره يقاسمه المستوطن غرف منزله".

تحدث عن موقف حدث معه عند باب السلسلة عندما خرج مواطن من باب كتب عليه مقر الهيئة الإسلامية العليا، وسأله، فرد: "أنا من عائلة أبو السعود، وهذا المكان يوجد فيه مقر للهيئة الإسلامية العليا، ومنزلي، ومنزل للمستوطنين استولوا عليه".

وتابع قواس: "دخلنا المكان وكانت الصدمة، فحيز صغير ودرج لا يكاد المرء يدخل منه ويعبره يقاسمهم إياه مستوطن، وفي أعيادهم يرقصون بصوت مرتفع مع صراخ كما أخبرنا المقدسي أبو السعود".

أضاف: "في رمضان يتعرف الفلسطيني من خارج القدس إلى واقعها المؤلم؛ فمنذ عبور معبر قلنديا تبدأ الصورة تتضح عن واقع القدس، فكل المعالم تغيرت إلى الواقع التهويدي المؤلم، وعند العودة إلى منازلنا نبقى في صدمة المنظر والواقع الذي تركناه خلفنا".