يعوّل الفلسطينيون على نجاح مسيرة العودة السلمية في تحقيق أهدافها المتمثلة برجوع اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي هجرتهم منها العصابات الصهيونية، ورفع الحصار عن الشعب الفلسطيني، فما فرص توسع وامتداد هذه المسيرة التي انطلقت في 30 مارس/آذار الماضي في قطاع غزة، إلى الضفة الغربية وفلسطين المحتلة سنة 1948 وكافة أماكن تواجد اللاجئين؟
يقول الكاتب والمتخصص في الشأن الإسرائيلي نظير مجلي، إن مسيرة العودة قائمة منذ عقود طويلة في فلسطين المحتلة سنة 1948، وأن الفلسطينيين هناك يرفعون شعار قضية اللاجئين وإيجاد حل عادل لها طوال الوقت، ويدرسون الظروف ويختارون الملائم منها والشكل المناسب للعمل.
ويضيف مجلي لصحيفة "فلسطين"، أنه عندما انطلقت مسيرة العودة في القطاع، خرجت معها "مسيرات في كل مكان من أعالي الجليل حتى النقب الجنوبي عبر الناصرة وحيفا ويافا واللد والرملة"، مضيفا: "نحن جزء من هذه المعركة".
ويرى أن مسيرة العودة جاءت لترفع الصوت الفلسطيني في ظل محاولات طمسه وإنهاء قضيته بما فيها حق عودة اللاجئين، وتشرح هذه القضية بالشكل المناسب.
ويُبيّن مجلي، أن الفلسطينيين في "أراضي الـ48" ينظمون مسيرات ومهرجانات ويعقدون ندوات ويتصلون بالقوى الأجنبية في الولايات المتحدة وأوروبا لإبقاء القضية الفلسطينية حية حتى يتم حلها حلا عادلا.
ونظم "حراك حيفا" في الأول من الشهر الجاري، تظاهرة "تلاحم وغضب" تزامنا مع جمعة "من غزة إلى حيفا.. وحدة دم ومصير مشترك"، التي شهدها القطاع.
ويوضح مجلي، أن حراك الفلسطينيين في "أراضي الـ48" لتحقيق حق العودة، مسألة تحتاج إلى "دراسة ومراعاة الظروف وينبع من قاعدة جماهيرية، علما بأن الأمر ليس جديدا على الإطلاق، فلسطينيو الـ48 لم يتنازلوا عن المطالبة بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وتحقيق حل عادل لقضية اللاجئين منذ أن ثارت المظاهرة الأولى لهم وكان ذلك في مدينة الناصرة في الأول من مايو 1949".
ويشير إلى أن الفلسطينيين هناك، جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني وهمومه وقضيته، لكنه ينوه إلى أن ظروفا تحيط بهم وبمعيشتهم هناك.
ويذكر مجلي أن مسيرة العودة انطلقت في غزة في الذكرى الـ42 ليوم الأرض عندما صادرت سلطات الاحتلال نحو 21 ألف دونم لتنفيذ مشروع أطلقت عليه "تطوير الجليل" وكان عبارة عن عملية تهويد كاملة للمنطقة.
ومن الأهداف التي يسعى الفلسطينيون في "أراضي الـ48" تحقيقها، بحسب مجلي، الحفاظ على الأرض العربية ومنع مصادرتها وتهويدها، "هذه المعركة منذ 1976 (سنة وقوع أحداث يوم الأرض)، أصبحت معركة شعبنا كله".
اهتمام دولي
أما الضفة الغربية، فيقول المحلل السياسي د. عبد الستار قاسم، إنه إذا حدث هناك حراك ومسيرات فسيتعزز ما أنجزته غزة على الساحة الدولية، إذ تم استقطاب الإعلام العالمي واهتمام العديد من الدول، واسترجاع الوعي بقضية حق العودة.
ويوضح قاسم لصحيفة "فلسطين"، أن تحرك الضفة الغربية سيقوي ويعزز الوعي الفلسطيني والعربي والإسلامي والعالمي بقضية اللاجئين الفلسطينيين.
لكن قاسم يتحدث عن معيقات في الضفة، قائلا إنه قد تم زجها للعيش في "حالة استهلاكية، بمعنى أن الهموم الشخصية تطغى على الهموم الوطنية والعامة. عبر 25 سنة خرَّبوها (يقصد السلطة)".
وفي خارج فلسطين، تشير الاحصائيات إلى وجود ما يقارب من ٨٠% من اللاجئين الفلسطينيين في دول الطوق المحيطة بفلسطين المحتلة منذ ١٩٤٨، بحسب مسؤول قسم الأبحاث والدراسات في مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا، إبراهيم العلي.
لكنه يعتقد في حديث مع صحيفة "فلسطين"، "أن ما تشهده المنطقة حاليا من تغيرات وأحداث جسام تمنع توجه اللاجئين باتجاه حدود الوطن"، مبينا في الوقت نفسه أن الفلسطينيين في كل أماكن تواجدهم نظموا الوقفات التضامنية وخرجوا بمسيرات داعمة ومؤيدة لمسيرة العودة الكبرى في فلسطين ونظموا المهرجانات والأنشطة التي توجه العديد من الرسائل للاحتلال.
وهذه الرسائل، كما يحددها العلي، أن الشعب الفلسطيني كل لا يتجزأ وأن اللاجئين لن يترددوا بالقيام بالدور المطلوب منهم في أي زمان ومكان، فضلا عن رسالة إلى الغزيين بأنهم ليسوا وحدهم، وأن اللاجئين في الخارج يقودون معهم ذات المعركة ضد كيان الاحتلال الإسرائيلي.
ويقول العلي، شكلت مخيمات اللجوء الفلسطيني في دول الطوق الرافد والخزان البشري للنضال الفلسطيني، مضيفا أنه على صعيد مسيرة العودة إلى حدود الوطن المحتل كان للاجئين الفلسطينيين في سوريا ولبنان والأردن حراك رائد في هذا الحراك.
ويذكر أنه في مايو/أيار 2011، انطلقت مسيرة العودة من مخيمات سوريا إلى الحدود الفلسطينية السورية في منطقة الجولان السوري المحتل وتمكن اللاجئون الفلسطينيون من اجتياز الحدود ووصل أحدهم إلى بلدته في مدينة يافا المحتلة، وكذلك تمكن آخرون من الدخول إلى بعض القرى والبلدات الفلسطينية.
كما أن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان توجهوا بذات اليوم –والكلام لا يزال للعلي- الى الحدود الفلسطينية اللبنانية وارتقى يومها ثلاثة شهداء من أبناء المخيمات هناك.
وفي الخامس من يونيو/حزيران 2011 في ذكرى النكسة، خرج اللاجئون الفلسطينيون من مخيمات سوريا إلى الحدود الفلسطينية السورية أيضا في مسيرة عودة جديدة وحاولوا اجتيازها وارتقى منهم قرابة 30 شهيدا وأكثر من 300جريح على أيدي قوات الاحتلال، بحسب العلي.
ويبقى مقدار توسع مسيرة العودة وامتدادها جغرافيا مسألة تجيب عنها الأيام المقبلة.