قائمة الموقع

تحليل: (إسرائيل) بين المصلحة السياسية داخليًّا و"صفقة القرن" إستراتيجيًّا

2018-06-08T20:40:38+03:00

تصاعدت المواجهات الميدانية خلال الشهرين الأخيرين في قطاع غزة، وسط حديث عن إمكانية اندلاع عدوان إسرائيلي جديد أو بحث خيارات أخرى للحفاظ على الهدوء؛ بسبب تدهور الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في القطاع المحاصر.

آراء المحلّلين في هذا القضية، تباينت وتراوحت في سياقين، الأول وجود خلاف بين المستويين السياسي والأمني في (إسرائيل)، إذ ينظر قادة حكومة الاحتلال الإسرائيلية إلى مصالحهم السياسية، ويتصرفون بناء عليها، فيما يرى المستوى الأمني القضية من وجهة نظر أخرى، تشير إلى ضرورة التخفيف من الأزمة التي يعيشها قطاع غزة لتجنب التصعيد.

أما السياق الثاني فيرى أن تجنب (إسرائيل) خوض مواجهة شاملة مؤخرا في غزة، جاء في سياق استراتيجي هو تمرير للخطة الأمريكية للتسوية، المعروفة إعلاميا باسم "صفقة القرن" التي يسعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى فرضها.

ويرى الخبير في الشأن الإسرائيلي د. أنطون شلحت، أن أمام (إسرائيل) خيارين كبيرين للتعامل مع غزة، فالمستوى السياسي يميل للحل العسكري ومواجهة مسيرات غزة والطائرات الورقية الحارقة بالمزيد من العدوان.

وأوضح أن الخيار الثاني، "موضعي" من خلال تحسين الأوضاع في غزة، وهذا ما يوصي به المستوى الأمني المتمثل بالجيش والمخابرات، اللذين يريان ألّا حل لأزمة غزة بمواجهة عسكرية.

وذكّر شلحت بانتقادات مبطنة وجّهها مسؤول في جيش الاحتلال للمستوى السياسي قال فيها، إن على (إسرائيل) أن تكون هي المبادرة للتحكم بالمواجهة العسكرية في غزة، لا أن تنجر لها بسبب تدهور الأوضاع الإنسانية هناك.

وعن سبب إصرار المستوى السياسي في (إسرائيل) على الخيار الأمني أو العسكري، قال شلحت إن أبرز متخذي القرار السياسي في دولة الاحتلال هم "قادة شعبويون"، يعملون فقط على رفع مستوى تهديداتهم، ويرفضون الحلول القائمة على تسوية مع القطاع كي لا تحسب سياسيا عليهم.

لكن المشكلة، يقول شلحت، تكمن في أن من يحسم هذا الجدل هم قادة المستوى السياسي، خاصة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الجيش أفيغدور ليبرمان، وباقي قادة اليمين في الحكومة الذين يميلون إلى الحلول العسكرية، لهذا لا يوجد في الأفق أية خطة ولا حتى مؤشرات أو أفق لحل غير عسكري.

ويتفق المحلل الإسرائيلي في صحيفة "معاريف" العبرية "بن كسبيت" في تحليل له نشر بتاريخ 30 مايو/أيار 2018 مع هذه الرؤية، ويقول إن حكومة الاحتلال لا تملك أي خطة مستقبلية للتعامل مع قطاع غزة، وهو ما قد يتسبب "باندلاع مواجهة جديدة في حال استمر تدهور الأحوال الإنسانية في القطاع".

واعتبر "بن كسبيت" أن كل ما تقوم به حكومة نتنياهو هو "انتظار جولة المواجهة المقبلة، دون تقديم ما يمكن أن يخفف من أزمات غزة ويخلق شيئا من الأمل لسكانها".

ويذكّر بن كسبيت بوعود نتنياهو التي أطلقها بداية عدوان 2014، حينما تعهد بـ"انتصار الجيش، وبالقضاء على حماس في غزة، وبوضع حد للإرهاب"، ويقول إن نتنياهو فشل في تحقيق أي من هذه الأهداف، وحاليا فإن "كل ما تستطيع (إسرائيل) فعله هو الرد على مصادر النيران فقط".

مصالح لا مواجهة

وفي السياق الثاني، يرى محمد بركة العضو العربي في برلمان الاحتلال (الكنيست) عن القائمة المشتركة أنه لا يجوز قراءة التعامل الإسرائيلي مع غزة من خلال ما يقال عبر وسائل الإعلام، بل يجب قراءته بناء على "المصالح الاستراتيجية كما تفهمها الحركة الصهيونية اليمينية المتطرفة التي تقود (إسرائيل)".

ويضيف بركة: "هذا الأمر لو ترك لبعض المسؤولين لذهبوا باتجاه اجتياح غزة او تنفيذ اغتيالات لقيادات فيها، لكن (إسرائيل) في عهد الرئيس دونالد ترامب تعيش في مرحلة ذهبية في العلاقات بينهما، وهذا بات المعيار الأساسي وحجر الزاوية في سلوكها حاليا، والذي يقضي بترسيخ المبايعة الشاملة من قبل إدارة ترامب للصهيونية المتطرفة".

ويتابع بركة: "يجب أن نقرأ كل خطوة بالأساس في سياق صفقة القرن، وما جرى التفاهم عليه بين نتنياهو وبين ترامب، وليس سرا أن هناك من يبني على إقامة دولة فلسطينية في غزة، وسلطة مدنية على المواطنين في الضفة الغربية من أجل الاستيلاء على أراضيها والتخلص من المسؤولية عن السكان فيها".

لذلك يقول بركة: "أنا لا أرى أن الحسم العسكري في غزة هو رأس سلم أولويات الحكومة الإسرائيلية وفق هذا الفهم، فقد تكون هناك محاولات لقص أجنحة حماس في غزة لكن دون كسر رأسها، اعتقادا من (إسرائيل) أن هذا قد يمكنها من تمرير صفقة القرن".

ويستدرك بركة "يجب أن نقرأ موقع الأردن في الخريطة السياسية وما يتعرض له الآن، ويجب أن نقرأ خارطة الاستيطان، وكذلك إعلان ترامب فيما يخصّ القدس، كل هذه الأمور تسير نحو هدف واحد هو إنزال القضية الفلسطينية عن الطاولة، وخلق مسخ يسمونه دولة فلسطينية لكن ليس فيه الحد الأدنى من قواسم الإجماع الفلسطيني خاصة في قضايا الثوابت (حق العودة والقدس وحدود عام 1967)".

اخبار ذات صلة