أثارت تصريحات وزير الإسكان الإسرائيلي يوآف غالانت حالة من الغضب بين فلسطينيي الأراضي المحتلة عام 48، وانتقد ناشطون تفوّهاته، ووصفوا خطّة "سهم الجنوب" بأنها "حرب وتحريض واضح على النقب وأهله".
وعرض غالانت، خلال لجنة الداخلية الاثنين الماضي، في "الكنيست" خطته والتي تصبو إلى ترسيخ حالة حصار سكّاني "للتوسع العربي في النقب"، على القرى حساب القرى مسلوبة الاعتراف.
ووصف غالانت البناءَ الفلسطيني في النقب بأنّه "إرهاب"، وأنّه جزءٌ من "توسّع فلسطيني إسلامي مقرّه جنوب جبل الخليل".
وحسب خطّة غالانت، التي تمّت المصادقة عليها قبل عامين ونصف العام، ستّتم إقامة أربع بلدات قروية يهودية على طول الشارع بين بئر السبع وديمونا، وإقامة 5 بلدات جديدة هي "نافيه غوريون، دايا، شيلاح، دنيئيل وإيشل هانسي"، وإنشاء مدينة "عير أوفوت" في منطقة العربة، ومستوطنة "حنون" في غلاف غزة، بالإضافة إلى إقامة 5 قرى زراعية لليهود في منطقة عراد، وإقامة مدينة كسيف في منطقة كسيفة لليهود المتدينين.
وتُضاف إلى هذه القائمة إقامة مستوطنة حيران على أنقاض قرية أم الحيران المخطط إخلاؤها، إلى جانب توسعة قرى يهوديّة قائمة.
واشتكى غالانت، في بيان عمّمه على وسائل الإعلام، من أنّه على الخط بين بئر السبع وإيلات – بمساحة 12 ألف كلم يوجد 100 ألف يهودي فقط، متخوفًا من أن "الحلم الصهيوني" في طريقه للزوال.
وقال "الجنوب تحت هجمة شرسة ليس من غزة فقط، بل من البدو الذين يسيطرون بصورة غير قانونية على الأرض وبالتالي على الحلم الصهيوني في النقب. هناك 2700 بؤرة في كل أنحاء النقب، عدا 18 قرية معترف بها. حجم البناء غير القانوني خرج عن السيطرة، البدو يسيطرون على 2-3% من مساحة الدولة، على البدو الانتقال إلى القرى والبلدات الـ18".
جلد الحكم العسكري
مدير المجلس الإقليمي السّابق للقرى غير المعترف بها، فادي مسامرة، قال إن الوزير اليميني المتطرف غالانت "ينعتنا بالإرهابيين والخارجين عن السيطرة، وينسى أنه وأقرانه من يقومون بقتل المواطنين العزل والصحافيّين والمسعفين في غزة في هذه اللحظة، كما نسي غالانت أن حكومته الممثلة بسلطة توطين البدو في النقب هي من خرجت عن السيطرة بهدمها لأكثر من 2000 بيت في السنة ونصف الماضية".
وأضاف مسامرة "الحربَ على النقب حقيقة وهي مستمرة منذ سنوات يعاني منها الإنسان البسيط في النقب، منذ بداية تعرفه على منظومة الحكم العسكري التي تجلده يوميًا، لكن اليوم وجدت الفاشية الإسرائيلية وجهًا إضافيًا لتظهر به".
ورأي مسامرة أنّ تصريحات غالانت هي البداية فقط لمرحلة جديدة من الحرب على النقب، "وعلينا في النقب فتح الأعين جيدًا للملاحقة الاجتماعية لعملاء السلطة الذين سوف يظهرون في الفترة القادمة لشدّ الخناق على أهله".
انتقاص للأقلية الفلسطينية
أمّا المربيّ محمد الدهابشة، وهو معلّم لموضوع المدنيات من قرية الفرعة مسلوبة الاعتراف، فقال لـ"عرب 48" إنّ تصريحات غالانت "انتقاص مباشر" لفلسطينيي النقب وتحريض واضح عليهم.
وقال: "اعتدنا على التحريض ضدنا، يرى فينا الإعلام الإسرائيلي والسلطة التشريعية وحتى القضائية عبر الكثير من أحكامها وحسب مصطلحاتهم، خطرًا أمنيًا وديموغرافيًا ومستوطنين عربًا لأرض ليست لنا، وهذا طبعًا أمر بعيد عن الواقع تمامًا".
وأضاف أنّه "في كل الدول الديمقراطية في العالم تحظى الأقليات، وبالأخصّ الأصلانيّة منها، بحقوق خاصة تساعدها على الحفاظ على مميزاتها الثقافية، ولكن، في (إسرائيل) تعتبر الأقلية العربية العنزة السوداء والدعاية الانتخابية لكل مرشح ولكل من يحاول تسويق أجندة سياسية يحاول فعل ذلك على ظهر فلسطينيي 48 بالتحريض للحصول على دعم الرأي العام الإسرائيلي، اليميني بطبيعته".
وأنهى الدهابشة حديثه قائلًا "في أساسيات العلوم السياسية تعتبر محاولة منع الأقليّة من التكاثر والتحريض عليها بسبب الخوف من تحولها إلى أكثرية انتقاصًا ومسًا مباشرًا بالديمقراطية، وهو ما تحاول الاحتلال فعله في النقب بشكل مستمر، تحديد النسل وتقليص التكاثر العربي الذي تراه خطرًا ديموغرافيًا".
"كيس لكم"
أمّا المحامي والناشط الحقوقي في النقب، شحدة ابن بري، فيري أن غالانت انضم إلى جوقة المحرضين للحصول على مكاسب سياسية من الشارع الإسرائيلي اليميني، بإعلان الحرب على فلسطينيي النقب الصامدين في قلب المعاناة "وهذه هي البداية فقط".
وأضاف ابن برّي "يحاول غالانت وأمثاله تحويل عرب النقب إلى كيس لكم، فهم يمثلون إحدى أكثر المجموعات المعرضة للملاحقة السياسية والحياتية بشكل يومي والتي تعيش في أسوأ الظروف الحياتية".
وشدد على أن العنصريون أمثال غالانت "يدفعون المجتمعَ العربي إلى مواجهةٍ مباشرةٍ (...) وحين يصف فلسطينيي النقب بأنهم أخطر من حماس، فهذا يدل على الخوف الفعلي والجهل ويظهر الوجه الحقيقي للديمقراطيّة الإسرائيلية الزائفة".