فلسطين أون لاين

كيف تتعامل مع ذكريات الطفولة الأليمة؟

...
صورة تعبيرية
غزة - مريم الشوبكي

بعض ذكريات العمر يبقى عالقًا في الذاكرة، وأكثر ما يبقى محفورًا في الدماغ هو الذكريات الأليمة التي يتعرض لها الإنسان منذ الطفولة، حيث تبقى مسيطرة على تفكيره ويستحضرها عقله بمجرد شعوره بالحزن أو تعرضه لموقفٍ مشابه.

وتؤثر الذكريات السيئة في الصحة النفسية والجسمانية للإنسان، حيث يبقى قلقًا متوترًا كئيبًا محبطًا غير واثقٍ بنفسه طوال الوقت، لأنه استسلم لها ولم يواجهها باستبدالها بالأفكار الإيجابية، فهو لا يستشعر معنى أن ما حدث معه مقدر له، وأن عليه حسن الظن بالله.

الحياة تجارب

دعاء عفانة عدّت أن كل إنسان في حياته معرض لأحداث أليمة ولكن أقسى هذه الأحداث التي يمر بها في طفولته، حيث يمكنه نسيان أي حدث سيئ في كبره ولا يمكن أن ينسى حدثًا واحدًا في طفولته.

وقالت عفانة 24 عامًا لـ"فلسطين": "الذكريات السيئة في الطفولة ما زالت تسيطر على تفكيري, فبمجرد أن أتعرض لموقفٍ مشابه لِما تعرضت له، تتداعى عليّ الآلام وأًصاب بالتوتر وتنهمر دموعي لا شعوريًا حيث أشعر أنني ظلمت في بعض الأحيان".

أما أفنان صُبح قالت: "البعض يتساءل لماذا ننسى الذكريات السيئة التي نتعرض لها في الكبر ولكن لا يستطيع المرء أن ينسى تفاصيل أي ذكرى أليمة تعرض لها في صغره؛ أعتقد لأن تجارب الحياة في الطفولة بريئة لذا تبقى عالقة في الذاكرة لا تنسى".

وتابعت صُبح لـ"فلسطين": "رغم قساوة الذكريات السيئة وقدرتها على السيطرة على مزاج الشخص، لكن لا بد من بعض النضوج والتعلم واكتساب خبرات الحياة وأخذ الدروس منها؛ على الإنسان أن يواجه تلك الذكريات وألا يبقى حبيسًا لها فيكون حاسمًا مع نفسه بعدم الرغبة في التفكير بها, والانشغال بأي أمر آخر".

في حين عبرت داليا السوسي عن رأيها بأن الذكريات الأليمة في الطفولة والتي تبقى محفورة في الذاكرة لصعوبتها وقساوتها على النفس، تسعى إلى عدم تكرار أسباب هذه الأحداث مع أبنائها وتحاول إبعادهم عن مصادرها لأنها جربت شعورها المر الذي لا تريد لأطفالها تذوقه.

وأضافت السوسي لـ"فلسطين": "رغم بشاعة وقساوة هذه الأحداث من ظلمٍ أو كراهية تعلمت منها الكثير ولا أنكر أنني كلما أتذكرها أتألم وأبكي، ولكني كنت صارمة مع نفسي بعدم التفكير فيها كثيرًا وعدم تعليق فشلي وحزني على شماعتها حتى لا أمارس دور الضحية من حيث لا أدري، بل الحياة تجارب والإنسان القوي هو الذي يحاربها ويتغلب عليها".

الشعور واللاشعور

وبينت أستاذة الصحة النفسية في جامعة الأقصى د.عايدة صالح, أن الذكريات الأليمة التي يتعرض لها الإنسان منذ الطفولة يتعامل معها من ناحيتين؛ ذلك أن بعض الأحداث يضعها في منطقة اللاشعور وبعضها في منطقة الشعور، فالأولى تتحفز على الخروج ولكن الإنسان يرفض تذكرها لذا يصاب الجهاز العصبي المركزي بالقلق والتوتر، فيُصاب الإنسان ببعض المشكلات النفسية والاضطرابات والتوتر والرعشة أو حركة لا إرادية ولا يدري سببها.

ولفتت صالح لـ"فلسطين" إلى أن الطبيب والأخصائي النفسي وحده الذي يستطيع اكتشاف ذلك من خلال الحديث مع الشخص بما يسمى "التداعي الحر" ويستطيع استخراج هذه الذكريات من منطقة اللاشعور.

أما على مستوى الشعور أوضحت صالح أن الذكريات الصادمة التي يخزنها الشخص في الشعور مثل موت عزيز أو صدمة تعرض لها تؤلمه ويختلف الأشخاص في طريقة التعامل معها، هناك نوع يواجه الإحباط ويمارس حياته العادية بإدارة وثقة قوية بالنفس، وهناك نوع المحبط دائمًا نتيجة هذه الذكريات السيئة يكون عرضة للاكتئاب والتوتر والقلق.

وأشارت إلى أنه أجريت دراساتٌ كثير حول الذكريات الأليمة والذكريات السارة، وجدت أن الإنسان يتذكر الأفكار السلبية أكثر من السارة بنسبة 80%، وذلك نتيجة التنشئة الخاطئة والبيئة المحيطة به.

ونصحت صالح بالتخلص من الذكريات الأليمة باستبدالها بالأفكار الإيجابية، والتحلي بالثقة بالنفس، والخروج برحلات تنزه، والمشاركة في المناسبات، والإيمان والرضا بالقضاء والقدر وأن يؤمن بأن الله لا يعطيه إلا الخير، كما يمكنه ممارسة هواياته ليشعر بالسعادة.