قائمة الموقع

اقتصاديون: غياب المنافسة الفعالة في قطاع الاتصالات تبديد لمورد مهم

2017-01-08T08:28:39+02:00
صورة أرشيفية

أكد مختصون في الشأن الاقتصادي, أن غياب المنافسة الفعالة بين الشركات المحلية والأجنبية في استحواذ خدمات الاتصالات الفلسطينية, يعد تبديدًا لمورد اقتصادي مهم، مشيرين إلى أنه حال ثبتت صحة وجود "إخلالات قانونية" في عقد تجديد وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في حكومة الحمد الله رخصة شركتي الاتصالات الفلسطينية (بالتل) والاتصالات الخلوية الفلسطينية (جوال) لمدة عشرين عامًا يحق للقضاء الفلسطيني فسخ العقد.

وأعلنت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات برام الله أن توقيع الاتفاقية استند إلى قانون الاتصالات الفلسطينية رقم 3 لسنة 1996، وتم فيه اتباع أفضل الممارسات التنظيمية العالمية.

معايير النزاهة

المختص في الشأن الاقتصادي د. نور أبو الرب, قال: "في ظل تعطل عمل المجلس التشريعي، فإنني أطالب بنشر مسودة هذه الاتفاقية للعلن، قبل التوقيع عليها من الجهات الرسمية، لأنها تمس كل مواطن".

وأكد أبو الرب في حديثه لصحيفة "فلسطين"، عدم وجود أية عروض تقدمت بها شركات أخرى للحصول على رخصة، فقط انحسر الأمر بين مجموعة الاتصالات الفلسطينية ووزارة الاتصالات.

وبين أن السلطة تدعي تكليفها جهة وزارية لمراجعة نصوص الاتفاقية قبل مصادقتها من مجلس الوزراء، ورئيس السلطة محمود عباس، وبذلك تعتقد أنها التزمت بمعايير الشفافية والنزاهة من وجهة نظرها.

وأشار أبو الرب إلى أن مجموعة الاتصالات وقعت قبل خمسة وعشرين عامًا عقد الترخيص مع منظمة التحرير الفلسطينية في تونس قبل قدوم السلطة إلى أرض الوطن، "وبموجب ذلك الاتفاق أضحت أجزاء من ممتلكات حكومية تعود ملكيتها للمجموعة".

وعن رأيه بالنتائج المتوقعة حال تحويل ملف تجديد رخصة شركة الاتصالات الفلسطينية "بالتل" وشركة "جوال" إلى هيئة مكافحة الفساد الفلسطينية قال: "إذا كانت الجهات المدنية والحقوقية والفصائلية لديها ما يمكن تقديمه للهيئة لتبنيها، فليكن ذلك لأن الهيئة جهة مستقلة".

وأضاف "أنه إذا ثبت عدم طرح عطاءات أمام الشركات المنافسة فهذا أمر من شأنه أن يدين موقف وزارة الاتصالات، وهنا يحق للدائرة القانونية في هيئة مكافحة الفساد التقدم إلى المحكمة لطلب فسخ تجديد العقد".

وشدد على أن إفساح المجال أمام شركات الاتصالات للمنافسة على تقديم جودة أعلى وخدمة أفضل يمكّن الوضع الاقتصادي.

ورغم الانتقادات الموجهة إلى قيمة الاتفاقية المقدرة بـ290 مليون دولار، فإن الرئيس التنفيذي لمجموعة الاتصالات عمار العكر أعلن للصحافيين في رام الله أنه سيتم دفع المبلغ بالتقسيط.

وقال العكر: إن الاتصالات ستدفع 50% من المبلغ في الوقت الحالي، وباقي المبلغ سوف يتم تقسيمه على 4 دفعات على مدار العامين المقبلين، بواقع دفعة مالية كل 6 شهور.

وأضاف أن قيمة تجديد رخصة شركة "جوال" بلغت 260 مليون دولار، في حين بلغت قيمة تجديد شركة الاتصالات الفلسطينية الثابتة "بالتل" 30 مليون دولار فقط.

وأفاد العكر، بأن الاتصالات دفعت للحكومة على مدار 20 سنة الماضية أكثر من مليار دولار، منها 100 مليون دولار كل عام، خلال الخمسة أعوام الماضية، وهذا المبالغ تشمل قيمة التراخيص وكافة الضرائب. كما أعلن أن تجديد الرخصة يتضمن ترخيص تشغيل خدمة 3G، عندما يتم بدء العمل بها في السوق الفلسطيني.

تجميد القرار

من جانبه يقول المختص في الشأن الاقتصادي د.نصر عبد الكريم، إنه في حالة تجديد الرخصة دون مراعاة لمبادئ الحوكمة فإن هذا يعتبر خللا واضحا لأنه يمنع ضمان الشفافية والنزاهة وتكافؤ الفرص. مشيرًا إلى أن الظاهر أن المفاوضات على التعاقد بين المجموعة والوزارة جرت عدة أشهر بعيدًا عن الأعين.

وطالب بتجميد القرار حين البت فيه من لجنة تقصي حقائق محايدة، وأضاف "أن ذلك الأمر كان الأولى أن تقوم به هيئة تنظيم قطاع الاتصالات التي ينبغي أن تضم تحت ولائها أطرافًا حكومية: قطاع خاص، مؤسسات مجتمع مدني، وحماية المستهلك".

ولم يغفل المختص في الوقت نفسه أهمية إعطاء مجموعة الاتصالات الأولوية في حق الامتياز لأنها استثمرت عشرين عامًا في المعدات والموظفين, وقال: "ومن الصعب إنهاء الامتياز دون إعطاء فرصة لها".

من جانبه دعا المختص في الشأن الاقتصادي وائل قديح, إلى ضرورة تنظيم قطاع الاتصالات والابتعاد عن تكريس الاحتكار. وقال في هذا الصدد: "إن تجديد الرخصة يجب أن يكون لفترة ﻻ تزيد على خمس سنوات".

وأوضح قديح أن شركة الاتصالات واحدة من الشركات المنبثقة عن شركة "باديكو" الأم التي نشأت منذ بداية السلطة، واستفادت تلك الشركة من الكثير من مميزات قانون الاستثمار واحتكرت قطاع الاتصالات لفتره طويلة.

مورد مهم

بدوره قال الخبير في اتحاد الاتصالات الدولي هاني العلمي: "إن المبلغ المطروح يساوي نحو 15 مليون دولار كل عام لخزينة السلطة وهو مبلغ قليل جدًا إذا ما قورن بأرباح شركة الاتصالات التي تصل 120 مليون دولار سنويًا".

واستغرب العلمي في تصريح له من طول مدة الرخصة، مشيرًا أن "20 عامًا" تعتبر مدة طويلة جدًا إذا ما نظرنا إلى تسارع التطور في قطاع الاتصالات".

وأكد أن عدم فتح المنافسة في مزاد بين الشركات المحلية والدولية للحصول على الامتياز يعتبر أمرًا خطيرًا، وإضاعة لمورد اقتصادي مهم في ظل العجز المالي الذي تعاني منه الحكومة، مشيرًا إلى تقدّم شركة "زين" الإقليمية منذ عامين لشراء حصة بمبلغ مليار دولار أي نحو 3 أضعاف المبلغ المطروح حاليًا.

وكانت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، قد دعت هيئة مكافحة الفساد إلى استخدام صلاحياتها الممنوحة من أجل تشكيل لجنة تحقيق في هذه الاتفاقية، والتي قالت: إنها غير واضحة التفاصيل، وبعيدة عن المهنية، وتتجاوز مفهوم الشراكة الحقيقية بين مختلف القطاعات الثلاثة الرسمية والأهلية والخاصة.

وأشارت الشعبية في بيان لها إلى أن حكومة الحمد الله كانت ترفض باستمرار الاستجابة لتوصيات الخبراء والمختصين في هذا المجال والتي أكدت ضرورة إقرار قانون ينظم قطاع الاتصالات، في ظل وجود رقابة حقيقية على عقود هذا القطاع، بما يراعي حاجة المستهلك الفلسطيني، والانسجام مع القانون الفلسطيني.

وأكدت أن الجهة التي وقعت على الاتفاق غير مخولة قانونيًا بالتوقيع على هكذا اتفاقات ضخمة تخص قطاع الاتصالات، وأن الأمر يحتاج لمصادقة المجلس التشريعي، وطرح عطاءات ومناقصات يتم الإعلان عنها من خلال فتح باب المنافسة الشرعية، بما يحقق مصلحة الشعب الفلسطيني أولًا وأخيرًا، ولا يعطي فرصة للاحتكار واستشراء الفساد، وزيادة ثروات بعض رجال الأعمال المتنفذين الذين ربحوا أموالًا طائلة نتيجة حصولهم على هذا الترخيص.

وشددت الشعبية على ضرورة نشر مسودة أي اتفاق يخص قطاعات مهمة كالاتصالات للعلن قبل التوقيع عليها من قبل الهيئات المخولة بذلك، وبما تراعي اتخاذ كافة الإجراءات القانونية، وتحقيق مبدأ الشفافية، والشراكة، وحاجة المستهلك.

وطالبت بضرورة تعزيز الرقابة الشعبية على عمل هذه الشركة وغيرها وكشف حقائق الأرباح التي تجنيها مباشرة من جيوب الطبقات الشعبية، مؤكدة إصرارها على متابعة هذا الملف بكل جدية وإصرار.
اخبار ذات صلة