شيعت جماهير غفيرة في موكب جنائزي مهيب، اليوم، المسعفة المتطوعة رزان النجار (21 عامًا) في بلدة خزاعة شرق مدينة خان يونس والتي استشهدت برصاص جنود الاحتلال خلال عملها في إسعاف الجرحى، خلال الأسبوع العاشر لمسيرات العودة الكبرى.
وانطلق الموكب الجنائزي من مشفى غزة الأوروبي وحتى مسقط رأسها في بلدة خزاعة، بمشاركة مئات آلاف المواطنين، يتقدمهم العشرات من العاملين في القطاع الطبي، وسيارات الإسعاف والتي أطلقت أبواقها حتى لحظة التشييع الأخيرة.
وقبيل إلقاء نظرة الوداع الأخيرة حمل المشيعون الشهيدة النجار نحو مخيم العودة ومكان استشهادها، وسط هتافات ودعوات للانتقام ومحاسبة دولة الاحتلال الإسرائيلي على جرائمها بحق المسعفين والمواطنين، فيما رفعوا الأعلام الفلسطينية وأعلام الفصائل والقوى.
وقال رئيس الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة خالد البطش، إن المسعفة "النجار" لقيت ربها شهيدة في جمعة من غزة لحيفا دم واحد ومصير مشترك، موقعة بدمها رسالة وحدة الوطن والمصير الواحد.
وأضاف البطش في كلمة قبيل الصلاة على الشهيدة: "الشهيدة المسعفة أرادت أن تقول إنني الوحيدة التي وقعت على حق العودة بدمي وأضع شهادة حية على أن العدو الصهيوني الذي أطلق الرصاص من خلفي لم يستطِع النظر في وجهي ليرى البراءة فيه".
وأشار إلى أن الاحتلال بقتله المسعفة النجار أكد أنه احتلال غاشم لا يفرق بين ملاك للرحمة من أطباء أو مسعفين أو حتى من يتظاهرون مطالبين بحق العودة وكسر الحصار، ويريد أن يقول للشعب الفلسطيني بغزة أن الموت ينتظركم وأن لا فروق لديه".
ونبه البطش على أن المسعفة النجار أدت ما عليها من دور وطني وإنساني، ولقيت ربها وهي صائمة محاولة التخفيف عن الجرحى والمصابين ورفع العنت عنهم، مشددًا على أنها أقامت الحجج الدامغة على إرهاب الاحتلال.
وأكمل: "اليوم العالم كله والمنظومة الدولية أمام اختبار حقيقي، فماذا عليهم أن يقولوا ودماء ملائكة الرحمة أمام رصاص الاحتلال تزهق بكل بساطة"، مشيرا إلى أن الاحتلال يرسل رسائل عدة باستهدافه للمسعفة النجار أبرزها عدم ترك الشعب الفلسطيني الوصول لحياة كريمة، ووضع حد لمسيرات العودة.
وتابع: "نقول للعدو سنتمسك بالحياة الكريمة والعيش الكريم في مواجهة القناصة القتلة"، مؤكدا الاستمرار في مسيرة العودة وكسر الحصار بأدواتها السلمية، متسائلا في ذات الوقت بقوله: "أين المجتمع الدولي من جريمة مقتل المسعفة رزان النجار؟ ذلك المجتمع الذي عجز بالأمس من إصدار قرار يدين الاحتلال ويحمي شعبنا".
إلى ذلك، قال القيادي في حركة المقاومة الإسلامية حماس كمال النجار: "إن مسيرة البذل والعطاء التي بدأها الشعب الفلسطيني سوف تستمر رغم ما يصيبه من مصاعب".
ونبه النجار على أن الشهيدة المسعفة لم تبخل بجهدها في ميدان مخيم العودة، وعملت بكل جرأة لإسعاف الجرحى والمصابين منذ أن بدأت مسيرات العودة في 30 مارس الماضي، مضيفًا: "نحتسب في بلدة خزاعة ابنتنا شهيدة لله وشهيدة من شهداء مسيرات العودة".
ونعت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، الشهيدة البطلة النجار، عضو اتحاد لجان العمل النسائي الفلسطيني- الإطار النسائي للجبهة الديمقراطية.
وتقدمت الجبهة، من عائلة الشهيدة، ومن اتحاد لجان العمل النسائي والحركة النسوية الفلسطينية، ومن الطواقم الطبية الفلسطينية، بأحر التعازي باستشهاد النجار التي أبت إلا أن تقوم بواجبها الإنساني والأخلاقي في إسعاف الجرحى.
وشددت الجبهة الديمقراطية في بيان لها نشر اليوم، أن الشهيدة النجار تعتبر علامة نضالية فارقة في العطاء والتضحية في العمل الوطني والنسوي، رحلت وهي تتنسم عبق الأرض ورحيقها سيبقى يفوح في كافة ميادين الوطن، ورحيلها يعد وجعا جديدا يضاف إلى وجع الأرض والوطن والشعب.
وأكدت الجبهة، أن إعدام النجار جرى على الهواء مباشرة بدم بارد وهي ترتدي رداءً أبيض وشارة طبية وتحمل أدواتها الطبية في إسعاف الجرحى والمصابين في أرض الميدان شرقي خانيونس، في جريمة إسرائيلية ممنهجة وانتهاك فاضح للمواثيق والأعراف الدولية ولا سيما اتفاقية جنيف الرابعة، أمام الصمت والتخاذل الدولي على جرائم الاحتلال وانتهاكاته المتواصلة بحق جماهير شعبنا الفلسطيني.
ودعت الجبهة السلطة الفلسطينية إلى العمل فورًا لنقل طلب توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، والعمل على استكمال إحالة جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق شعبنا الفلسطيني الأعزل إلى محكمة الجنايات الدولية لمحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين.