فلسطين أون لاين

​غيرة نسوان والحامي "ربنا"

...
صورة تعبيرية: غيرة نسوان والحامي "ربنا"
بقلم / معاذ العامودي

شعر أبو يزن نفسه وحيداً على مائدة العشاء بحضور زوجته، والتي التزمت الصمت كأن جريمة كونية حاصلة والمتسبب بها زوجها، بدأ يراوح مكانه ليعرف سبب "المقاطعة الدولية الزوجية" له، قال لها: "يسلِّم إيديكي على هالأكل إللي بيشهِّي"، لكن مجلس الأمم المتحدة المتمثل في "أم يزن" لم يرد على هذا المدح، طرق باباً آخر لكي يحرِّك الجو: "بتعرفي عيونك بيجنِّنوا بالكحل"، لكن دون فائدة.

لقد تغنى أبو يزن بزوجته، شعرها، ومكياجها، ولباسها، وخفة دمها، وأناملها، وطعامها، حتى بحذائها. وهي تلتزم الصمت، وبعد الملعقة السابعة والعشرين تماماً فرطت مع "أبو يزن" فقال: "مالك لاوية بوزك يا بنت الناس صاير شيء لا سمح الله وما بدك تخبريني"، لكنها لم ترد.

اتبع استراتيجية جديدة للرد على اللامبالاة بالمثل، أخرج تليفونه من جيبه، وبدأ يقلب حساباته الشخصية ما بين الفيس بوك وتويتر والسناب شات والإنستغرام... هنا بدأ ميزان الضغط يرتفع تدريجياً عند زوجته، حتى وصل 12 درجة حسب مقياس "ريختر" للزلازل، وشعرت أنها فقدت الفرصة الأخيرة للتعبير عن كمية غضبها، فصرخت فيه: مين هادي "أميرة بعيوني" والتي تعلّق لك دائماً على بوستات الفيس بوك على كل كبيرة وصغيرة؟

"إمسك حرامي"، قال لها: "هي زميلة عندنا في العمل".. سألته: متزوجة؟ رد: لا.. ردت: حلوة؟... تلعثم أبو يزن فيجب أن تكون الإجابة على قدر السؤال تماماً لا زيادة ولا نقصان في وصفها، وإن خانه التعبير في جزء من حرف لا يلومنَّ إلا نفسه! رد عليها: "لم أتفحصها جيداً هي من عائلة محترمة وموظفة... قاطعته: "حلوة"... رد: "عادية".

عودة إلى الملاعق، لا صوت يعلو فوق صوت رنينها، صمت مطبق... أم يزن تبدأ تخيلاتها وتحليلاتها لتضع السؤال في مكانه، فالغيرة قاتلة... قالت له: طيب لتقل لها أن تكفَّ عن التعليق على صفحتك وإلا سأرسل لها رسالة "من قاع الدست".

لقد أصبحت المسألة أكثر صعوبة على "أبو يزن" خصوصاً أن سجل نشاطاته مفعم بالحيوية في التعليق على الصديقات والزميلات، قال لها : "حاضر"... لم تكتفِ بـ"الحاضر" هي تريد المستقبل أيضاً. قالت له: من الآن فصاعداً ستعطيني كلمة السر الخاصة بالفيس بوك. بحْلقَ عيناه فيها قائلا: "يا بنت الناس روقي وحدي الله، ما فيش داعي"، مرت ساعات طويلة لإقناعها لكن دون فائدة، طوشة وحزِّة ولزِّة وليلة نكد في نكد.

قرّر أبو زين أخيراً إغلاق حسابه على "الفيس بوك" تماماً وصرخ في وجهها " لولا الغيرة ما حبْلت النِّسوان"، والتحق بالإنستغرام دون علم زوجته حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا. الله يسامحها أم يزن ليست هكذا الغيرة، فبعد أن كان أبو يزن على الفيس وتحت العين، الآن الله يعلم ما اسم حسابه على "الإنستغرام".