فلسطين أون لاين

​مسجد "النصر" قصبة نابلس القديمة

...
غزة - عبد الرحمن الطهراوي

على منطقة تطل على أشهر معلمين تاريخيين من آثار مدينة نابلس، شمال الضفة الغربية المحتلة _ باب الساحة وبرج ساعة المنارة_ يتربع مسجد النصر بتاريخه العريق وقبته الكبيرة الخضراء الفريدة بتصميمها والمحاطة بثماني قباب خضراء صغيرة، فضلا عن ضخامة مبناه.

ويعود أصل مسجد النصر إلى فترة الحضارة الرومانية عندما كان كنيسة، وبعد احتلال الصليبيين لفلسطين ونابلس عام 1099 حوّل إلى كنيسة القديس يوحنا، قبل أن يحرر صلاح الدين الأيوبي البلاد ويحوّله إلى مسجد، وسمي المسجد بالنصر تيمنًا بانتصار المسلمين على الصليبيين عام 1187.

وتعتبر قبة النصر الخضراء من أعلى القباب في فلسطين، بعد قبة مسجد الصخرة المشرفة في مدينة القدس المحتلة، وجدد بناءه المجلس الإسلامي الأعلى عام 1935م، وهدم جزء كبير منه جراء زلزال ضرب المدينة عام 1927.

وخصص الطابق الأول منه للمحلات التجارية ومقبرة لشهداء المسلمين في الحروب الصليبية، وفي حدود المسجد، مقبرة فيها قبور لبعض مشاهير نابلس، منهم الشيخ محمد منير طه السنونو، وقبور آل فروخ باشا أحد حكام المدينة، إضافة لقبر صالح باشا طوقان.

أما الطابق الثاني فهو المسجد، بحجارته الداخلية الأرجوانية النادرة، ومئذنته اسطوانية الشكل تتقلدها قلادة من النقوش الجميلة كما هو المعمار في العهد الأيوبي، وقبته صمتت مثمنة، ترتكز إلى أربعة أقواس كبيرة، وترتكز بدورها على أقواس صغيرة زادت المسجد عظمة وبهاءً.

وكل ضلع من أضلاع القبة فيه ثلاث نوافذ مقوسة الشكل مما يزيد إضاءة الجامع من خيوط أشعة الشمس، وعلى جوانب المسجد نوافذ مربعة تعلوها نوافذ أخرى بشكل نصف دائري، وعدد نوافذ جامع النصر مجتمعة تبلغ اثنتين وسبعين نافذة، بينما لا يقل محراب الجامع أهمية وجمالاً عن باقي أقسامه الداخلية.

وأعمدة الجامع، الـ 32 عمودا، متنوعة الشكل واللون، منها الأسطواني الأبيض الرخامي، ومنها المربع الأخضر، وبقي هذا المسجد ينمو ويتوسع عبر تلك الإضافات التي ألحقت بالمسجد حيث تمت إضافة غرفة الأضرحة الشرقية والغربية في الفترة الأيوبية والعثمانية.

ويتوافد المصلون إلى المسجد طوال ساعات اليوم، وخاصة في ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان، ويعتبر من أبرز المعالم التاريخية التي يقصدها السياح الأجانب أثناء زياراتهم للأراضي الفلسطينية المحتلة.

ويصف زهير الدبعي المدير الأسبق للأوقاف والشؤون الدينية في نابلس، بلقاء صحفي سابق، مسجد النصر، بـ"قصبة نابلس القديمة"، المكونة من ست حارات ومسجد النصر، وساحته كانت وما زالت مركزًا للأنشطة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، "وخير دليل المنارة العثمانية التي تعلو قمتها ساعة كبيرة".