تحولت الساحة المقابلة لحاجز بيت حانون (إيرز) شمال قطاع غزة، أمس، إلى مكان يستقبل فيه الصحفيون زميلهم مصور صحيفة فلسطين ياسر فتحي قديح، استقبال الأبطال، عائدًا من رحلة علاج في مستشفى المقاصد بالقدس المحتلة، بعدما أصابه الاحتلال الإسرائيلي خلال تغطيته فعاليات مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار السلمية شرق غزة، في 14 مايو/ أيار الجاري.
كان رد الزميل ياسر هو الابتسامة التي استقبل بها نظرات عشرات الصحفيين الذين جاؤوا ليطمئنوا عليه منذ لحظة دخوله من بوابة الحاجز.
هي ذات الإرادة التي مارس بها الزميل ياسر مهمته في نقل الحقيقة بالكاميرا، كانت ترافقه منذ أن أصابته قوات الاحتلال بالرصاص الحي، وخلال فترة علاجه، وحتى عودته إلى القطاع.
وطمأن مدير تحرير صحيفة فلسطين، مفيد أبو شمالة، قراء الصحيفة حول صحة الزميل ياسر الذي سيخضع لمتابعة صحية إضافية، حتى الشفاء الكامل، آملًا أن يعود ياسر في القريب العاجل إلى بيته وعائلته سليمًا معافى، وبيته الثاني صحيفته وعمله وجمهور متابعيه مصورًا مثابرًا لينتقل من ميدان لآخر موثقًا كافة الأحداث وعلى رأسها جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني.
ووصف أبو شمالة ما جرى مع ياسر على وجه التحديد بأنه جريمة متعمدة وبها إصرار وترصد من قبل جيش الاحتلال وقناصته، فهو أولًا مواطن فلسطيني أعزل، وثانيًا يضع شارة تؤكد هويته الصحفية وبلون فسفوري واضح، وثالثًا الكاميرا التي يعلقها فوق صدره، إضافة إلى وجوده ضمن مسافة معقولة عن بؤرة الاحتجاج السلمية، في مخيم العودة شرق مدينة غزة.
ووعد أبو شمالة باتخاذ كافة المقتضيات القانونية اللازمة لمحاسبة وملاحقة مجرمي الاحتلال، مناشدًا كافة المؤسسات الصحفية والحقوقية للتعاون مع صحيفة فلسطين من أجل تحضير ملف قانوني خاص بالجريمة وعرضه على كافة المحافل المحلية والدولية المختصة، وصولًا إلى توقيع العقوبة المناسبة على الفاعلين.
وأوصى في ختام كلمته جميع الصحفيين العاملين في الميدان بالتحلي بالشجاعة والصبر على تحمل الأذى كونهم أصحاب رسالة مهنية، وفي نفس الوقت يمثلون قضية من أعدل القضايا التي لا تزال آثارها السلبية تتراكم على كواهل جميع أبناء الشعب الفلسطيني، منبها إلى "أهمية اتخاذ أقصى درجات الحذر خلال تعاملهم مع هذا الاحتلال المجرم في الميدان والالتزام بتعليمات الوقاية والسلامة واتخاذ كافة التدابير التي تحفظ أرواحهم بعد توكلهم على الله".
ملف قانوني متكامل
من جهته، قال رئيس منتدى الإعلاميين الفلسطينيين، الصحفي عماد الإفرنجي: "هذا يوم سعيد مبارك بعودة الزميل ياسر بعد أن واجه الموت أياما وأياما من أجل الحقيقة"، مضيفا: "عاد ياسر لترتسم البسمة على وجهه وعلى أفواه محبيه ووجوههم بعد أن عاد لنا الأمل مجددا بفضل الله".
وأوضح الإفرنجي أن الزميل ياسر كان ينقل الحق والحقيقة، ويقوم بعمله الصحفي والمهني ويرتدي درعا واقيا وشارة وخوذة الصحافة ويحمل الكاميرات، رغم ذلك استهدفه الاحتلال.
ورغم أن الاحتلال سبق واستهدف الزميل ياسر بقنبلة غاز خلال تغطيته مسيرة العودة، فإنه واصل رسالته لإدراكه بحقيقة أن الإعلام صورة يجب ألا تتوقف عن توثيق جرائم الاحتلال بحق أبناء الشعب الفلسطيني من الأطفال والنساء والشيوخ، كما قال الإفرنجي. وطالب السلطة الفلسطينية بالإسراع في تقديم ملف الانتهاكات والقتل والاستهداف الذي يتعرض له الصحفيون إلى المحكمة الجنائية الدولية عبر ملف قانوني متكامل، مضيفا: "هذا يستوجب أيضًا نصرة من قبل اتحاد الصحفيين العرب والاتحاد الدولي للصحفيين بضرورة إرسال لجان تحقيق دولية فيما يتعرض له الصحفيون الفلسطينيون من قوات الاحتلال".
وتابع بأن ياسر يؤكد مجددا أنه عائد إلى المهنة بعد أن يتماثل للشفاء الكامل، مشددا على أن الصحفيين الفلسطينيين لن يفت في عضدهم هذا الاستهداف القاتل والرصاص القناص والقذائف المدفعية من قبل الاحتلال، لأنهم يقومون بدورهم الطليعي وهم الأمناء على الكلمة والصورة.
وشدد رئيس منتدى الإعلاميين الفلسطينيين، على أن الزميل ياسر قديح –عضو مجلس إدارة المنتدى- انتصر على الاحتلال، موجها الشكر لإدارة مستشفى الشفاء ومجمع الشفاء الطبي وكل من كانوا قائمين على حالته الصحية، وأيضًا مستشفى المقاصد الخيرية وكل الزملاء الصحفيين الذين استقبلوه في غزة.
من جانبها، قالت الزميلة الصحفية رنا الشرافي إن مستشفى المقاصد في القدس المحتلة أكد أن العمليات التي خضع لها زوجها في مستشفى الشفاء بغزة كانت ممتازة، وأنه أكمل عليها إجراءاته العلاجية.
وتممت بأن زوجها خضع في مستشفى المقاصد لعملية استغرقت قرابة خمس ساعات.
ووفقا للموقع الإلكتروني لمنتدى الإعلاميين، ارتفعت حصيلة الإصابات في صفوف الصحفيين إلى 158 إصابة منذ انطلاق مسيرة العودة، فضلًا عن استشهاد الزميلين ياسر مرتجى وأحمد أبو حسين خلال تغطيتهم المسيرة.
في صورة تحدٍّ فلسطينية واضحة، نجحت إرادة وكاميرا الزميل ياسر قديح في الانتصار على الرصاص الحي، بانتظار يوم قريب يلقى فيه قادة الاحتلال العقاب في المحاكم الدولية.