اليوم الرابع من رمضان، كان هو اليوم الأول للصيام في حياة الصغيرة "ريما" التي ستبلغ الثامنة خلال بضعة أشهر، اتفقت معها والدتها أن تصوم حتى الظهر عن الطعام فقط، وليس عن الشراب، فبإمكانِها أن تشرب الماء فقط دون العصير أو أي مشروب آخر، لكن "ريما" رفضت أن تتناول أيًا من الطعام أو الشراب.
سعِدت والدتُها بذلك، لكنها تركت الحرية لصغيرتِها في اختيار مواصلة الصيام أو التوقف، بعد أن أثنَت عليها كثيرًا وشجّعتها لالتزامها بالصيام حتى الظّهر، احتضنتها وقبّلتها وأشعرتْها بأنها فعلت شيئًا عظيمًا، وهو بالحقيقة أمر كبير لها خاصة أنها بالكاد تأكل بضع لقيمات على السّحور ولا تحتمل الزّيادة.
مرّت الساعات وبدأت طاقتُها تنفَد، وطلبت مشاركة والدتها حشو "السمبوسك"، فوافقت لذلك، وبطريقةٍ عفويّة لا إراديّة لعقت الصغيرةُ آثار الحشوة على أصبعِها، ثم تنبّهت أنها ابتلعته.
تغيّرت ملامحها حرجًا وهي لا تعلم إن كانت والدتها قد رأتها أو لم ترَها، فقطعتْ والدتُها تفكيرَها وشكّها وطلبت منها بابتسامةٍ أن تفطر، وأكّدتُ لها أنها سعيدةٌ منها للغاية؛ لأنّها صامت حتى العصر، بل وأخبرتها أنه زيادةٌ عليها.
وفي اليوم التالي لم تقبل "ريما" بالإفطار أبدًا، لقد صامت اليوم كاملًا، فكان تشجيع والدتها وعدم إشعارها بالتقصير أو إجبارها على الصيام سببًا أساسًا في عزيمتها وصيامها يومًا كاملًا.
وحول هذه القصة الناجحة يؤكد أ. محمد الشريم الأكاديمي السعودي المتخصص في السلوك والبيئة في جامعة الملك سعود ضرورة على ألّا نُشعر أطفالنا بأننا نتوقع منهم ألّا يفطروا أبدًا، فهذا يشعرهم بأنهم مقصرون لو قرروا الإفطار، بل علينا أن نوضح لهم أنهم ينالون الأجر لو صاموا أو حاولوا الصيام وفق الشريم.
ويرى ضرورة أن يشجع المربّون الطفل على الصيام بتوفير اختيار الإفطار متى شعر بأنه لا يستطيع التحمّل فهذا يشجعه على خوض التجربة الإيجابية وفق قوله.
وينصح المربين بألا يقوم الطفل بأي مجهود شاقّ خلال ساعات الصوم مع الانتباه الدائم إلى حالته العامة، وإن شعر بالتعب يجب التوقف والإفطار والحديث للشريم.
وأوضح أنّ منح الطفل قرار الإفطار متى ما شعر بأنه لم يعد قادرًا على التحمّل يشجعه على خوض التجربة الإيجابية، منوهًا إلى عدم إجباره على الإطفار إن رأى المربي عليه علامات التعب أو الجوع أو العطش العادي، فغالبًا سيعرف هو بنفسه متى يفطر، فقط أعطِه الخيار.
