فلسطين أون لاين

"دَيْنك حق علينا" "أقلُّ الواجب" لمن ضحّوا بأرواحهم

...
غزة/ فاطمة أبو حية:

فقد قدميه في الحرب الأولى التي شنّها الاحتلال على قطاع غزة، ومع انطلاق مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار في الثلاثين من آذار (مارس) الماضي لم يتوانَ عن تلبية نداء الوطن، فكان حاضرًا دومًا في مخيم العودة المُقام عند السياج الفاصل شرقي محافظة رفح.

هكذا كان الشهيد فادي أبو صلاح مؤثرًا في حياته، واستمر تأثيره بعد استشهاده، وذلك بفضل "دفتر الديون" الذي أوصى عائلته بتدبر أمره، إذا استشهد، فكان هذا الدفتر اللبنة الأولى لحملة "دينك حق علينا"، التي أطلقها عدد من الشباب بهدف سداد ديون شهداء مسيرة العودة، وفاءً لتضحياتهم، وقد كان إطلاقها خلال شهر رمضان سببًا في زيادة التفاعل معها.

"سيرتاح في قبره"

يقول الصحفي وائل أبو عمر لـ"فلسطين": "قصة الشهيد أبو صلاح كانت مؤثرة جدًّا، وتردد الصحفيون إلى منزل أسرته للحديث عنه، وكان مما تحدث به أهله إلى الصحفيين أنه كتب ديونه كافة في دفتر، وقد بلغت 14 ألف دولار".

يضيف: "توقفنا عند هذه المعلومة، ولم ندعها تمرّ مرور الكرام في أثناء التغطية الصحفية، فأطلقنا حملة لسداد ديون الشهيد، وفاءً له وتقديرًا لتضحياته".

ويشير أبو عمر إلى أن ديون الشهيد مُستحقة لنحو 20 شخصًا، منهم من أقرضه مبالغ بسيطة، ومنهم من وصل دَيْنه إلى آلاف الدولارات".

وعن آلية تسديد الديون يتابع: "سنتوجه إلى أصحاب الديون لنحثّهم على المسامحة في أموالهم، لكن أصحاب المبالغ الكبيرة سنطلب منهم أن يتنازلوا عن نسبة منها، وما يتبقى سندفعه لهم من التبرعات التي سنجمعها"، مبينًا أنهم تواصلوا مع بعض أصحاب الديون الصغيرة، ووجدوا منهم استجابة فورية إلى مسامحة الشهيد.

هذه الحملة أزالت عبئًا كبيرًا عن عائلة الشهيد، يقول أبو عمر: "وصية الشهيد كانت واضحة، لقد أحصى الديون وكتبها إلى زوجته قبل توجهه إلى مخيم العودة، لذا إن تنفيذ الوصية كان باعث سعادة في العائلة رغم ألم الفقد، لقد أخبرنا أفراد أسرته أنهم سعداء لأن ابنهم (سيرتاح في قبره)".

يضيف: "بعد سداد الديون، نسعى إلى توفير حياة كريمة لأهل الشهيد أبو صلاح، فهذا واجبنا تجاهه، خاصةً أنه أبٌ لخمسة أبناء".

وفاءً لتضحياتهم

لجمع التبرعات يتواصل القائمون على الحملة مع شخصيات وجهات مختلفة داخل فلسطين وخارجها، إضافة إلى أنهم استثمروا حساباتهم الشخصية في مواقع التواصل لأجل هذا الهدف، خاصة أن لهم عددًا كبيرًا من المتابعين، بحسب ما يذكر أبو عمر.

ويبين أنهم خلال الدقائق العشر الأولى بعد كتابة أول منشور عن الحملة عبر مواقع التوصل جمعوا مبلغًا جيّدًا، مشيرًا إلى أن التفاعل يتفاوت حسب قدرة كل متبرع.

ويرى أن إطلاق الحملة في شهر رمضان ساهم في زيادة التفاعل، إذ يُكثِر المسلمون من التبرع ويسعون إلى نيل الثواب، وأيضًا لأن الحملة انطلقت من أجل شهداء ارتقوا في أحداث تركت أثرًا في أبناء الشعب الفلسطيني.

البدايات المبشرة دفعت القائمين على الحملة إلى توسيعها، يقول أبو عمر: "عددٌ غير قليل من الشهداء كانوا فقراء، وعليهم ديون كثيرة، ومن واجبنا أن نسدّ هذه الديون، فقد ضحّوا بأرواحهم لأجلنا".

ويبين أنه فور الانتهاء من سداد ديون الشهيد أبو صلاح سيبدأ الفريق بسداد ديون شهداء آخرين، متابعًا: "نتلقى مناشدات من ذوي الشهداء، فنتحقق منها، ثم ننطلق إلى جمع التبرعات".

وعن المتطوعين في "دينك حق علينا" يقول أبو عمرو: "بدأنا بفريق شبابي من خمسة أشخاص من محافظة رفح، ونأمل أن يكبر الفريق ويجد من يرعاه ماليًّا، لنخفف عن أهالي الشهداء".