فلسطين أون لاين

​كهرباء غزة غيرت أنماط الحياة في رمضان

...
غزة - عبد الرحمن الطهراوي

تبددت آمال أنوار زيد في تحسن جدول توزيع التيار الكهربائي على المواطنين في قطاع غزة خلال أيام شهر رمضان منذ اليوم الأول، بعدما اضطرت إلى التخلص من وجبة أولى أيام الإفطار عقب فسادها، والسبب كان طول انقطاع الكهرباء عن ثلاجة المنزل.

وأفسدت أزمة الكهرباء ووصول ساعات قطعها إلى أكثر من 20 ساعة يوميًّا حياة سكان القطاع الساحلي، وأجبرتهم على تغيير أنماط حياتهم في مختلف أيام العام، وفي شهر رمضان تحديدًا، فضلًا عن تكبيدهم الكثير من الأعباء المالية الإضافية، في ظل تدهور الظروف المعيشية داخل القطاع.

وسريعًا ما تحولت بهجة رمضان التي انتظرتها المربية زيد إلى سلسلة من الحسابات المعقدة المتمحورة حول موعد وصل التيار الكهربائي وفصله، وذلك في سبيل استغلال كل دقيقة تحضر بها الكهرباء في إنجاز الأعمال المنزلية المتعددة، التي كلما زادت ساعات القطع تراكمت.

تقول زيد لصحيفة "فلسطين": "تخزين الطعام أصبح شيئًا من الماضي في غزة، إذ يتسبب انقطاع الكهرباء تزامنًا مع ارتفاع درجات الحارة في إفساد محتويات الثلاجة، وهذا ما اكتويت به منذ اليوم الأول، عندما تفاجأت بفساد وجبة الإفطار الأساسية، الملوخية، بسبب إضافة إليها المرقة التي فسدت بعد عشر ساعات فقط من تخزينها في الثلاجة".

وتحاول زيد تفادي آثار أزمة الكهرباء باللجوء إلى اشتراء احتياجاتها من الخضار والفاكهة يوميًّا، مع تصريف ما يفيض لديها من متبقيات طعام قبل انقضاء اليوم، ولجأت إلى استخدام جرة من الفخار في سبيل الحصول على مياه باردة، مثلما جرت العادة قديمًا، إذ أصبح عزيزًا الحصول على جرعة من الماء البارد، وهو الوجبة المفضلة والمنتظرة للصائمين.

أما منى مصطفى فتعد أزمة الكهرباء من أكبر منغصات الحياة في قطاع غزة، الذي يعيش في أوضاع صعبة على الصعد كافة، تقول: "بعد ثلاثة أيام من دخول الشهر الفضيل تمكنا للمرة الأولى من تناول السحور على نور الكهرباء، وذلك بعد يومين من تناولنا طعام الإفطار على النور كذلك".

تضيف لصحيفة "فلسطين": "باتت أزمة الكهرباء التي تتفاقم يومًا بعد الآخر في هذه الأجواء الحارة والملتهبة سببًا أساسيًّا في تحملينا تكاليف اقتصادية جديدة، بسبب فساد بعض المواد الغذائية الخاصة المحفوظة في الثلاجات، وتلف بعض الأجهزة الكهربائية"، مبينة أنها تعد الآن وجبات الإفطار دون تكلف، وتقتصر غالبًا على صنف واحد.

وتعتمد عائلة مصطفى على وسائل الطاقة البديلة في توفير الإنارة في أثناء غياب الكهرباء، ولكن ساعات القطع الطويلة لا تكفي حتى لشحن البطاريات الموفرة لأضواء الإنارة، ويتفاقم الأمر بانقطاع المياه الصالحة للاستخدام المنزلي، بسبب غياب الطاقة للازمة لضخ المياه من آبار البلدية إلى خزانات المواطنين.

وما إن يعود التيار الكهربائي إلى المنزل حتى تسابق مصطفى عقارب الساعة لإنجاز أعمالها في غضون أربع ساعات فقط، وعلى ذلك تعلق: "نعيش في وضع مأسوي بكل ما تحمل الكلمة من معنى في أيام رمضان وغيره، كل يوم تزداد الأوضاع الإنسانية والاقتصادية صعوبة دون حلول حقيقية".

ولا يقتصر تأثير أزمة انقطاع الكهرباء المتفاقمة في قطاع غزة منذ أكثر من عشرة أعوام على الصائمين وربات المنازل، بل تتمدد لتطال تأثيراتها السلبية المصالح التجارية والمهن الموسمية التي تنشط في شهر رمضان، كمراكز بيع اللحوم والخضار المجمدة، وعربات بيع مشروبات الخروب والتمر الهندي، وغيرها.

ويذكر محمد حسان أحد العاملين في تلك المراكز أن المواطنين باتوا يشترون كميات محدودة من اللحوم أو الخضار المجمدة وفق حاجتهم اليومية، أما يحيى نسمان _وهو بائع متجول_ فيبين أن نسبة بيع المشروبات الباردة تراجعت تراجعًا ملحوظًا منذ دخول رمضان وارتفاع الحرارة، في ظل عجز أصحاب العربات المتنقلة عن تبريد بضاعتهم في درجات منخفضة.