قائمة الموقع

التحقيق الأممي.. خطوة متقدمة تنقصها الإرادة السياسية!

2018-05-21T08:00:34+03:00

كان قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بفتح تحقيق دولي مستقل ضد انتهاكات جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق المتظاهرين السلميين في قطاع غزة "خطوة متقدمة" كما يصفها حقوقيان، لكن تنقصها الإرادة السياسية الدولية تجاه ما تقوم به (إسرائيل) من انتهاكات في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وكان المجلس صوّت في جلسته الطارئة الـ28 التي عقدت، أول من أمس، على مشروع قرار يدين جرائم الاحتلال ويدعو لإيفاد لجنة دولية مستقلة للتحقيق على وجه الاستعجال، يعينها رئيس المجلس، للتحقيق في جميع انتهاكات القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس، ولا سيما في قطاع غزة.

وتبنى المجلس مشروع القرار، بتأييد 29 صوتًا ومعارضة اثنين وامتناع 14 عن التصويت.

وقوبل التصويت، بهجوم ورفض سياسيين إسرائيليين، وفي مقدمتهم رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، حيث كتب في صفحته بـ"فيسبوك": "لا جديد تحت الشمس، مجلس حقوق الإنسان يؤكد مرة أخرى أنه متلوّن ومنافق، وأن هدفه هو مهاجمة (إسرائيل)، وحماية الإرهاب"، على حدّ زعمه.

وأضاف: "(إسرائيل) ترفض القرار الذي كان معروفًا لنا سابقًا، وسنواصل حماية مواطني الدولة وجنودها وفق حقنا المشروع في الدفاع عن النفس"، حسب رأيه.

وقال وزير جيش الاحتلال أفيغدور ليبرمان، في حسابه على موقع تويتر: "(إسرائيل) تتعرض لهجوم مزدوج، يجب أن نتوقف عن المشاركة في حملة النفاق، ويجب أن نخرج على الفور من مجلس حقوق الإنسان، وأن نتصرف بحزم حتى تنضم الولايات المتحدة إلى هذه الخطوة".

من جهته، اعتبر نائب مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان جبر وشاح، قرار مجلس حقوق الإنسان "خطوة مهمة لفضح جرائم الاحتلال".

وقال وشاح لصحيفة "فلسطين": إن "الأهم أن يتم تشكيل اللجنة وإجراء التحقيق والخلوص بنتائج خاصة أن (إسرائيل) عودتنا أن تمنع وصول مثل هذه اللجان إلى الضحايا كما حدث مع العديد لجان التحقيق والمقررين الخاصين للأمم المتحدة".

وأضاف أنه في هذه الحالة يتوجب على المجتمع الدولي أن يكون أمينًا تجاه القرارات التي اتخذها، وفي حال منع دولة الاحتلال دخول اللجنة لإجراء التحقيق عليه فرض عقوبات على حكومة الاحتلال.

وتابع: "آن الأوان للمجتمع الدولي أن يصحو من غفوته، وأن يقوم بمثل ما قام به مع حكومة التمييز العنصري في جنوب أفريقيا، وقد شكل دفعة قوية للشعب الجنوب أفريقي ونضاله".

ورأى الحقوقي وشاح أن الشعب الفلسطيني يتطلع إلى خروج المجتمع الدولي من دائرة الشجب والإدانة إلى دائرة الفعل الحقيقي لملاحقة هذه دولة الاحتلال المارقة على القانون الدولي، وحينها لجنة تحقيق واحدة ستكشف حجم الجرائم التي ترتكبها (إسرائيل)، ولا حاجة إلى مزيد من لجان أخرى.

إرادة سياسية

وعدَّ أن ما ينقص العالم ليس فقط الحقائق التي تنشرها وسائل الإعلام يوميًا على شاشات التلفاز، فما ينقص فعليًا هو الإرادة السياسية لملاحقة هؤلاء المجرمين (مجرمي الحرب الإسرائيليين)، انتصارًا لمبادئ القانون والعدل الدوليين، التي ارتضاها المجتمع الدولي قانونًا يحكم علاقاته.

وبين أن (إسرائيل) وبفعل جرائمها أوصلت نفسها إلى الملاحقة قضائيًا من المجتمع الدولي الذي يومًا ما أوجدها على أرض فلسطين.

ورأى أن الإجراءات الجادة التي يمكن للمجتمع الدولي ومجلس حقوق الإنسان والمحافل الدولية اتخاذها تجاه دولة الاحتلال في حال رفضت دخول اللجنة الأممية لإجراء تحقيق، أن تعلق عضويتها كخطوة أولى لطردها من المحاكم الدولية، حينها نشعر بجدية الموقف وكذلك بجدية خروج العالم عن صمته.

وقتل جنود الاحتلال أكثر من 60 فلسطينيًا في 14 مايو/ أيار الجاري، وجرح ما يزيد على ألفين، في أثناء مشاركتهم في "مليونية العودة وكسر الحصار" ضمن مسيرة العودة التي في انطلقت في 30 مارس/ آذار الماضي، قرب السياج الفاصل بين قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 48، شرقًا.

واعتبر نائب المدير العام للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان جميل سرحان، أن الحد الأدنى هو تشكيل لجنة تحقيق دولية تعمل على كشف الحقائق فيما يتعلق بانتهاكات الاحتلال تجاه حقوق الإنسان.

وأضاف سرحان لصحيفة "فلسطين"، من الطبيعي أن ينظر مجلس حقوق الإنسان، كمؤسسة تابعة لهيئات الأمم المتحدة، في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

وأشار إلى أن تقرير لجنة التحقيق، في حال أنهت عملها، سيقدم إلى المجلس بعد ما يتم تحديد الشخص المسؤول عن هذه اللجنة وأعضائها وفيما بعد مجلس حقوق الإنسان يخضع التقرير للتصويت، واتخاذ المقتضيات.

ولفت الأنظار إلى تقرير "غولدستون"، الذي جاء بعد تحقيق دولي في جرائم جيش الاحتلال إبان العدوان على غزة نهاية 2008 ومطلع 2009، قد تم التصويت عليه في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأصبح جزءًا من التقارير وملحقات القانون الدولي التي تدين (إسرائيل) على اقترافها مثل هذه الجرائم.

وبين أن اللجنة الأممية المزمع تشكيلها للتحقيق في انتهاكات الاحتلال شرق غزة، وحتى وإن قوبلت بالرفض الإسرائيلي، فإنه بإمكانها الاستمرار بعملها والوصول إلى قطاع غزة عبر معبر رفح البري، والاستماع للشهود، والاطلاع على الأشرطة والبينات الكاملة؛ أي أن لديها من الإمكانات ما يوصلها للحقائق حتى لو رفضت (إسرائيل) تلك اللجنة.

وحول قدرة المجتمع الدولي على وضع حدٍّ لانتهاكات الاحتلال بحق الفلسطينيين؛ قال: "إنها جهود ينبغي البحث عنها ومتابعتها، وهذا جزء من النضال الفلسطيني والقانوني، باللجوء إلى مجلس حقوق الإنسان، والمحاكم المختلفة (...) ليس لدينا تقدير في هذه الفترة أن يتم اتخاذ مقتضيات بحق قادة جيش الاحتلال وسياسييه، إلا أن هذا الجهد مهم ومطلوب، وينبغي بذل جهد أكبر".

اخبار ذات صلة