قائمة الموقع

"تآخي أصدقاء التدوين" .. نقطة انطلاق من الكتابة للعمل الإنساني

2018-05-19T08:00:23+03:00

خطت بحروفها واقع ومآسي قطاع غزة، وصورت بقلمها مشاهد إنسانية عدة، ونقلتها للعالم عبر مدونتها الشخصية، لتتحول المدونة الغزية زينة الحواجري إلى العمل الإنساني بعدما كانت تنقل معاناة الغزيين والتي أنتجت في النهاية مبادرة تحمل اسم "تآخي أصدقاء التدوين في الأردن وفلسطين".

والمبادرة المستمرة منذ أربعة أعوام، قدمت حملات مختلفة من زي مدرسي وكسوة عيد، ومساعدات نقدية "عيديات"، وطرود غذائية وأغطية شتوية، ورسوم جامعات، وأجرة بيوت، وعلاج للمرضى، ورسوم عمليات جراحية، وتركز أنشطتها في شهر رمضان المبارك.

وتسكن الحواجري في منطقة دير البلح وسط قطاع غزة، وهي حاصلة على بكالوريوس في اللغة العربية وآخر في اللغة الانجليزية، وتكمل دراستها العليا "آداب مقارن"، وتعمل في مجال التدريس للغتين وهي عضو رابطة الكتاب والأدباء الفلسطينيين.

"وتآخي أصدقاء التدوين" هو فريق عمل تطوعي نسائي مكون من أربع فتيات غزيات، يعملن منذ أربعة أعوام ويضم الفريق إلى جانب منسقة المشروع الحواجري، كلًّا من زينب علي السيسي، وسماح أبو نصير، وريم عبد العال.

بداية الفكرة

تقول الحواجري عن بداية الفكرة في حديثها مع صحيفة "فلسطين": "تولّدت المبادرة كوننا كتابًا ولنا مدوناتنا الشخصية، فبعد تطور التواصل ونقل معاناة الناس في القطاع والظروف الصعبة، انتقلنا للعمل الإنساني".

بدأت الحواجري وفريقها بزيارة بيوت الفقراء في غزة وممن فاقم الحصار أوضاعهم المعيشية، ونقل صورة المعاناة لأصدقائهم المدونين الأردنيين، ومن هنا بدأ استيعاب الفكرة وتطويرها وانتقالها من الجانب النظري للتطبيق، بعد أن تلقفها مدون فلسطيني يعيش بالأردن ويدعى يوسف أبو عمر، وهكذا تكون الفريق التطوعي النسائي والتي حملت اسم "مبادرة تآخي أصدقاء التدوين في الأردن وفلسطين".

لم تنسَ الحواجري اللحظات الأولى لإطلاق مبادرتهم: "قمنا بأول زيارة لعائلات فقيرة قبل أربعة أعوام، ونقلنا حجم المعاناة مرة أخرى لأصدقائنا المدونين، ونجحت الفكرة واستمرت وبدأت التبرعات تصل وبدأنا بإقامة حملات وتوزيع طرود غذائية وكسوة العيد، ودفع تكاليف إيجار لعائلات مهددة بالطرد، وكذلك دفع تكاليف علاج لمرضى".

كانت أول زيارات الفريق النسائي في شهر رمضان لعام 2015م، والتي بدأت بتوزيع طرود غذائية، تستدرك الحواجري: "حينما كنا ندخل بيوت العائلات الفقيرة، نجد احتياجات جديدة فرضت علينا كوجود أشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة، أو أن البيت بحاجة لترميم، أو أن الأسرة مهددة بالطرد".

بعد ذلك انتقل الفريق في الأيام العشر من رمضان إلى تجهيز كسوة العيد وتوزيع مساعدات نقدية "عيديات"، ومن ثم التجهيز لتقديم مساعدات لموسم المدارس على شكل حقائب مدرسية استفاد منها عشرات الأطفال.

وتشير إلى أنه في شتاء عام 2016م وزع الفريق أكثر من 150 غطاءً شتويًّا، وفي عام 2017م استفاد من أنشطتهم الرمضانية أكثر من 100 عائلة.

"ما هو برنامج عملكم في رمضان 2018م؟"، ترد موضحة أن الفريق بدأ بوضع خطة قبل شهر تركز على توزيع طرود غذائية نظرا للظروف الصعبة التي يعيشها القطاع، بالإضافة لزيارات ميدانية لدفع تكاليف علاج لمرضى، وتكاليف أجرة بيوت يستمر الفريق بدفع تكاليف الإيجار لها منذ نحو عام، وكذلك ألعاب للأطفال ومتطلبات لذوي الاحتياجات الخاصة، مشيرة إلى أن خطتهم بعد العشرين من رمضان ستركز على المساعدات النقدية.

صعوبات مختلفة واجهت الحواجري وفريقها في البداية، وعن ذلك تقول: "صعوبات البداية تمثلت، كوني مدونة وليس لي خبرة في العمل الإنساني، خاصة بعد اختياري منسقة للمبادرة فكنت أشرف على الفريق النسائي، لكن بعد نزولي الميدان وبدء العمل وجدت الأمر سهلا خاصة أننا نقدم رسالة إنسانية".

مواقف وصعوبات

ويجسد حال هذا الفريق، والكلام للمبادرة الغزية، دور المرأة الفلسطينية التي أينما تضعها فإنها تغلق كل الثغرات سواء في تربية الأبناء على المقاومة والسلوكيات الحسنة، أو مشاركتها في المسيرات الحدودية والعمل الوطني، "لا يوجد اختلاف بين المرأة والرجل في العمل، فالمقياس هنا أن هناك امرأة لديها قدرات ورجل لديه قدرات"، تقول الحواجري.

وكون الفريق نسائي إلا أنه، حسبما تذكر الحواجري، لم يواجه أي عقبات في نقل المعونات، وتزيد: "دائما كنا نجد احترامًا كبيرًا من الجميع ويساعدنا الأقارب وحتى السائقين في نقل المساعدات".

"لكن كيف ينظم الفريق النسائي بين المتطلبات الأسرية وتقديم المساعدات؟"، تجيب الحواجري على هذا التساؤل بأن الفريق ينظم زياراته الأسبوعية باختيار أوقات مبكرة أو وقت الظهيرة تستمر لبضع ساعات، للتفرغ بعد ذلك من اليوم لتلبية متطلبات عائلاتهم.

مواقف صعبة لا تفر من ذاكرة الحواجري واجهتها خلال العمل، تنتقي بعضها، وتقول: "زرنا عائلة لديهم طفلان، الغريب في الأمر أننا وصلنا في الساعة التي كان قد أمهلهم فيها صاحب الإيجار إما بدفع الأجرة أو طردهم في الشارع"، "أنتم مش ناس.. ملائكة" قالتها ربة الأسرة للفريق وهي تمسح دموع الفرح، ودفع لها الفريق أجرة عن ستة أشهر.

أما هنا، فلم يختلف الحال كثيرًا، فيستمر الفريق بدفع أجرة بيت لسيدة مطلقة لديها أربع بنات وابن مريض، "قمنا بتوفير شقة مناسبة توفر لهم حياة كريمة، بالإضافة أننا قمنا بتوفير مشروع خاص بها لامتلاكها مهارة في إعداد الطعام" تقول.

ولا تنسى الحواجري "همام 19 عاما" وهو مريض غزي عانى من ضمور في الجسم وهو ابن عائلة فقيرة، استمر الفريق فترة طويلة في متابعة حالته لمدة عام ونصف العام وتوفير كل مستلزمات العلاج الخاصة به، ووفر له فرشة خاصة وكرسيا متحركا، بالإضافة لتوفير كل ما يحتاجه بشكل اسبوعي، وكان يستقبلهم بسعادة إلا أنه توفي قبل عدة أشهر.

وتختم: "بأن نجاح العمل منذ 4 أعوام هو نتيجة العمل الجماعي المشترك بين الفريق، وكذلك الدعم المستمر الذي يجلبه القائم على المبادرة يوسف أبو عمر".

اخبار ذات صلة