يُخفي أبو القاسم وجهه بالكامل بلثام يحمل ألوان الكوفية الفلسطينية، ويحرص على ذلك كلما تواجد قرب السياج الفاصل بين قطاع غزة والأراضي المحتلة عام 1948.
إنه يعرف مدى الخسائر التي تسبب بها لـ(إسرائيل) منذ انطلاق مسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار شرق غزة.
وأبو القاسم، هو اسم حركي، ولا يفصح الشاب ذو البشرة السمراء الداكنة والقامة الفارهة، عن اسمه الحقيقي أثناء الحديث مع الصحفيين.
يتزعم هذا الشاب وحدة الطائرات الورقية محلية الصنع التي يستخدمها المتظاهرون لحرق مزروعات المستوطنين الإسرائيليين الواقعة في الأراضي المحتلة.
ويشير هذا الشاب، وهو في منتصف العشرينات من العمر، بيده وهو يمسك بكتف أحد عناصر وحدته، ويسأله: ما رأيك أن نطلق غدًا 3 طائرات ورقية إلى ذلك المكان (مزروعات قمح للمستوطنين تقع شرق نقطة تجمع مسيرات العودة "ملكة"، شرق مدينة غزة).
وتبلغ المسيرات التي انطلقت في 30 مارس/ آذار الماضي؛ ذروتها اليوم الاثنين، الذي يصادف موعد افتتاح مقر السفارة الأمريكية في القدس المحتلة تنفيذًا لوعد الرئيس دونالد ترمب، الذي أعلنها في 6 ديسمبر/ كانون أول 2017، عاصمة لـ(إسرائيل).
واتخذ أبو القاسم، إحدى الخيام مكانًا للتشاور مع عناصر الوحدة حول استعداداتهم لإطلاق الطائرات الورقية المذيلة بفتائل مشتعلة.
"لقد تم تجهيز 100 طائرة ورقية على الأقل. أريد أن أرى الحقول والمزروعات الإسرائيلية تشتعل بالنيران" قال أبو القاسم مخاطبًا وحدته وقوامها 6 أفراد، وهم جميعا في العشرينات من أعمارهم.
يبدو هؤلاء الشبان في حالة انسجام كامل لم يعهدوه من قبل.
بضعهم يصنع الطائرات الورقية، ومنهم من يزودها بالفتيل المشتعل، فيما يأتي آخرون لإطلاقها في الجو ومن ثم للأراضي المحتلة التي أقيمت عليها (إسرائيل) قبل 70 عامًا من الآن.
ويقول أبو القاسم "إن الطائرات الورقية أوجعت جنود الاحتلال والمستوطنين كثيرًا. لقد أطلقنا العشرات منها وحرقنا آلاف الدونمات من المزروعات".
ويتخذ عناصر الوحدة سواتر رملية عالية أثناء إطلاقها، كالتي يختبئ جنود الاحتلال خلفها أثناء إطلاق الرصاص صوب المتظاهرين السلميين.
"لو رآنا أثناء إطلاقها (الطائرات الورقية)، بالتأكيد لن يسلم منَّا أحد، لقد تسببنا بخسائر كبيرة لهم" يقول أبو القاسم وبدا فخورًا بوحدته.
ويضيف "مثلما يقمع جنود الاحتلال المتظاهرين بأسلحة محرمة دوليًا، فإننا نحرق مزروعات المستوطنين".
وكان شاب ذو عينين ملونتين يقف بجوار طائرة ورقية مجهزة للإطلاق، فاق طول قطرها المتر ونصف.
رسم عليها صانعها علم دولة الاحتلال وعليه قصاصة تشير إلى اقتراب زوال (إسرائيل) التي أقيمت على أنقاض تهجير الفلسطينيين.
ويحيي الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، غدا الثلاثاء، الذكرى الـ70 للنكبة.
ويستخدم الشبان أدوات محلية لصناعة هذا النوع الطائرات التي يدخل في تكوينها نوع معين من الأخشاب، لها طول وسمك محددان، وبعض الكماليات الأخرى التي تجعلها قادرة على التحليق عاليًا.
ويقول الشاب الذي فضل عدم الإفصاح عن اسمه، إن الإمكانيات اللازمة لتصنيعها متوفرة لدينا هنا في المخيم.
"إننا جاهزون لحرق (إسرائيل) كلها وليس الأحراش فقط".
وألحقت الطائرات الحارقة خسائر فادحة بالمستوطنين الذين خسروا آلاف الدونمات المزروعة بالقمح. وأقرت بذلك وسائل الإعلام العبرية.
وفي ردٍ جريء على هذه الظاهرة، لجأ أحد المستوطنين في غلاف غزة إلى استخدام طائرة مذيلة بفتيل مشتعل أيضًا، وحاول إطلاقها صوب القطاع لكنها سقطت منه قرب أحراش المستوطنين ما تسبب باشتعال النيران.
وأثار ذلك تهكم رواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين تداولوا مقطع فيديو قصيرا له أثناء محاولته إطلاق طائرته، بينما وصفته الصحافة العبرية بـ"الأحمق".
ويكشف أبو القاسم، عن وجود تنسيق بين وحدات الطائرات الورقية المنتشرة في نقاط تجمع مسيرات العودة الممتدة من الشمال الشرقي لقطاع غزة وحتى جنوبه.
ويقول: إننا نساند المتظاهرين في كل مرة. واليوم سنساندهم في اجتياز السياج الفاصل.