قائمة الموقع

يحيى عياش.. رحل الجسد وذكرى بطولاته لم ترحل

2017-01-05T07:15:46+02:00

لا زالت سيرة جنازته حاضرة حتى الآن رغم مرور 21 عاماً على استشهاده، كانت سيرته الحسنة كافية كي يشارك الجميع في نقله إلى مثواه الأخير، ورغم مرور كل هذه السنوات إلا أن العمليات التي أرعب من خلالها الاحتلال الإسرائيلي لا زالت حاضرة تُدرس لجيل كامل لعظمتها، إنه الشهيد والمهندس الأول في كتائب القسام يحيى عياش.

ولد يحيى عياش، في السادس من شهر مارس عام 1966، في قرية رافات جنوب غرب مدينة نابلس في الضفة الغربية المحتلة، وحفظ القرآن في سنٍ صغيرة، وكان كثير التردد على المسجد، وعُرف في طفولته الصغيرة بالهدوء والخجل الشديدين.

حب عياش لمادة الرياضيات تحديداً أدى إلى تفوقه في دراسة الهندسة، حيث تخرج من جامعة بيرزيت في الضفة الغربية، من كلية الهندسة قسم الكهرباء.

انضم عياش في الجامعة للحركة الطلابية الإسلامية التابعة لحركة لحماس، وانتظم في صفوف الحركة، وأظهر من البذل والعطاء للقضية والوطن ما جعله يترقى سريعاً في سلك الحركة، وكانت بداية العمل العسكري له أثناء الانتفاضة الأولى عام 1990.

في فبراير من عام 1994، وقعت مذبحة الحرم الإبراهيمي التي راح ضحيتها العديد من الفلسطينيين، ما جعل عياش يفكر في الرد سريعاً على هذه المذبحة الإسرائيلية بحق المصلين المسلمين.

وضعت أجهزة أمن الاحتلال يحيى عياش على رأس قائمة الاغتيالات، وبالفعل أعدت خطة لاغتياله وتم تنفيذها يوم الجمعة الموافق 5/1/1996.

ذكريات حاضرة

تقول أم البراء عياش زوجة الشهيد يحيى لصحيفة "فلسطين" عن ذكرى استشهاده:" كل عام أحضر لذكرى استشهاد يحيى وفي كل ذكرى أتخيل بأنه استشهد في نفس اليوم، أبو البراء حاضر معنا بالذكريات التي عشناها وأبنائه الذين يعيشون معي".

وتضيف وهي تتذكر آخر لحظات عاشتها مع زوجها: "عندما أنظر لابني براء أرى في عينيه عيني والده ووجه والده فهو شكل مصغر عن زوجي يحيى، عندما أنظر إليه وهو يصلي يقف نفس الوقفة، حتى وإن غادر بروحه ودفن جسده في غزة لا زلت أذكره وكأنه غادرني بالأمس".

وتتابع قولها:" عايَشت أبو البراء مطاردته في الضفة الغربية وفي غزة.. في الضفة بدأت من عام 1993 وحتى عام 1995 وفي غزة من 1995 وحتى 1996 عشت معه عاما كاملا في غزة وأنجبت ابني يحيى في مدينة خان يونس".

وتتحدث أم البراء عن أحد المواقف التي لم تنسها من ذاكرتها حتى الآن لزوجها بالقول:" عندما ارتبطت بأبي البراء وتزوجته كنت أعرف أشياء قليلة عن تاريخه النضالي وهي رفع العلم والكتابة على الجدران فقط، فعندما ارتبطت به كانت حياتي الزوجية معه قليلة جداً عشت معه أيام المطاردة أكثر من دوري كزوجة".

وتكمل قولها:" في عام 1993 كان عمر ابني براء أربعة أشهر أتى جنود الاحتلال للمنزل، قوات مسلحة وكوماندوز اقتحموا يومها المنزل بأدرع بشرية وضعونا ساعات طويلة مكتوفي الأيدي، بعد مغادرة الاحتلال جلسنا مع أبي البراء لنعرف ما حدث فقال لأهله لن أعود للوراء وسأتابع الجهاد، فإما السجن أو الشهادة وأنا أتمنى الشهادة على السجن".

بطولات تُخلد

وتضيف أم البراء وهي لا زالت تذكر تلك اللحظة وكأنها اليوم:" عندما رآني أبو البراء أبكي قال أنتِ مخيرة أن تكملي طريقك معي أو تنفصلي فحياتي ستبقى على هذا النظام، قد ترينني مرة في الأسبوع وأحياناً قد لا ترينني أبداً، بكيت يومها بشدة وبعدها مسحت دموعي وابتسمت وقلت له أنت قدمت روحك لله وللوطن وهل سأبخل عليك بأن أقدم لك مساعدة؟، أنا معك وهذا نصيبي وقسمتي وراضية بها وسأبقى معك وأي وقت تريد أن ترانا فيه سننتظرك".

كان أبو البراء زاهدا لا يحب الحديث عن نفسه أبداً ولا حتى عن البطولات التي كان يقوم بها عندما يشكره الناس، كان دائماً يقول أنا لم أفعل شيئاً، كما تشير زوجته.

بعد 21 عاماً على استشهاد عياش لا زال أبناؤه فخورين به يشعرون بأن والدهم ليس لهم فقط بل كان للوطن وسيرته الآن في قلوب الأحرار.

وعن حياتها في غزة، تقول:" كانت حياتنا كلها مطاردة وكنا حريصين جداً على ألا نظهر أمام أحد، حتى ابني براء كان يقول أمام الناس إن اسمه أحمد، براء عاش بجانب والده وهو مطارد لم يره بشكل طبيعي كان أحياناً براء ينسى والده لقلة رؤيته له".

وتتابع قولها:" الفترة التي عشتها في غزة كانت خلالها حياتي صعبة للغاية خاصة بعدما كشف أبو البراء في غزة كنت أنتقل من منزل لمنزل آخر، كنت مطاردة من السلطة ومن الاحتلال، كانت ظروفا صعبة ولكنها جميلة ولا زلت حتى اليوم أتذكرها".

عندما استشهد أبو البراء كانت المرة الأولى التي ترى فيها أم البراء زوجها بشكل علني أمام حشد كبير من الناس، وكانت أمنيته أن يستشهد لا أن يسجن لدى الاحتلال ونال أمنيته.

الإخلاص للفكرة

براء عياش الطفل الذي لم يكن يتجاوز عمره ثلاث سنوات عندما استشهد والده، تعلم من والده حب الوطن والقضية التي يجب أن يدافع عنها، يقول عياش لصحيفة "فلسطين" عن والده:" من أهم الأشياء التي تميز شخصية والدي أنه كان يخلص للفكرة والهدف الذي يسعى له وحب والدته بشكل كبير".

وتابع قوله:" من الأشياء التي قرأتها عن والدي هو سيرة نضاله وحبه لفلسطين قرأت جميع الكتب التي تتحدث عن سيرة والدي".

ويتمنى براء أن يعلم أبناءه سيرة والده من خلال إخلاصه لقضيته التي تحدث عنها الجميع، وأن يغرس في نفوسهم نفس القيم التي تعلمها من والده الذي قدم حياته فداء للوطن.

اخبار ذات صلة