فلسطين أون لاين

​في مخيمات العودة

"التجربة" تقدّم الدروس في مقاومة قنابل الغاز

...
غزة - مريم الشوبكي

في ميدان المواجهة عند السياج الفاصل شرقي قطاع غزة وُلد الإبداع لدى الشباب الثائرين في مقاومة قنابل الغاز المسيل للدموع، وتفننوا في ابتكار وسائل تخفف من الاختناق به، تارة بوضع البصل داخل الكمامة، وأخرى باستخدام خليط الخميرة والماء، وغير ذلك من الوسائل.

الشباب الثائرون في مخيمات العودة علّمتهم التجربة في الميدان العديد من هذه الوسائل، وكلها وسائل بدائية، لكنها أثبتت فاعليتها، يحضرونها في بيوتهم، باستخدام أدوات وإمكانات بسيطة، ثم ينقلوها إلى السياج الفاصل، ليوزعوها على المدافعين عن الأرض هناك.

بـ(توكتوك)

محمود العجب يبلغ من العمر 44 عامًا، له تجارب قديمة مع الغاز الذي يلقيه الاحتلال على الثائرين عند السياج الفاصل شرقي المدينة، فهو يشارك في مسيرة العودة يوميًّا، إضافة إلى ما عايشه من تجارب في أثناء مشاركته في المواجهات في انتفاضة الأقصى الأولى التي بدأت عام 1987م.

يقول العجب لـ"فلسطين": "من التجارب العديدة وجدنا أن البصل، والمناديل المبللة، وخليط الماء والخميرة، كلها وسائل تبطل مفعول الغاز".

وعن إيصال هذه الوسائل إلى الثائرين يضيف: "أنقل الماء ليشرب منه الشباب، وكذلك العبوات التي تحتوي على خليط الماء والخميرة، أنقلها من الخيام إلى السياج بـ(التوكتوك) لقطع المسافة بأقصر وقت".

ينصح العجب المواطنين عند استنشاقهم الغاز بإغماض أعينهم على الفور، وإغلاق أنوفهم، والتنفس من الفم مدة نصف دقيقة، محذرًا إياهم من سكب الماء على الوجه، لأن الماء يزيد من آثار الغاز على العيون، وهذا من الأخطاء الشائعة.

وعن كيفية استخدام المناديل المبللة وخليط الخميرة عند استنشاقهم الغاز يقول: "المنديل المبلل يوضع على الفم والأنف مع إغماض العينين والتنفس فقط من الفم، أما خليط الخميرة والماء فيُرش على العينين والأنف، لأنه يقلل من الحرقان ويخفف من تشنج الأعصاب".

عبر الإنترنت

وائل المملوك بحث عبر الإنترنت عن طرق تخفف آثار الغاز المسيل للدموع، فقرأ عن مزيج الخميرة والماء، وقرر أن يجرب الفكرة، وبالفعل أثبتت نجاعتها في الميدان.

يقول المملوك لـ"فلسطين": "يوم الجمعة أشتري الخميرة بعد جمع المال من المتبرعين، أو يجلبها بعضهم من بيوتهم، وقبيل صلاة الجمعة أخلط الماء بالخميرة وأضعه في زجاجات، وأحملها معي بالقرب من السياج لإسعاف المختنقين بالغاز بها".

ويتابع: "فور استنشاق شخص ما للغاز أضع خليط الخميرة على عينيه وأنفه للتقليل من تأثير الغاز عليه".

ويشير المملوك إلى أن بعض المشاركين في مسيرات العودة يحملون معهم البصل، والخل، وزجاجات العطر وسائل للتعامل مع الغاز.

وينصح المواطنين المشاركين في مسيرة العودة بتحضير زجاجة من خليط الخميرة والماء في البيت، لتكون منقذهم من الغاز الذي يسبب آثارًا صحية صعبة على مستنشقه.

كمامة وبصل

محمود أبو دقن (16 سنة) شابٌّ نشيط لا يبرح مخيم العودة شرق مدينة غزة، فهو يتوجه إليه يوميًّا، يتحدث إلى "فلسطين" عن الوسائل الناجعة لإيقاف مفعول الغاز: "من التجربة في الميدان أصبح الشباب قبل بدء المواجهات يحضرون الكمامات ويضعون بصلة مقشرة بداخلها، أيضًا يستخدمون (الكولونيا)، وصاروا يبتكرون طرقًا جديدة لمواجهة الغاز".

يضيف: "قبل خروجي من المنزل أضع في جيبي بصلة لأنها تخفف رائحة الغاز، وما ينتج عنه من حرقة في العينين".

ويبين أنه في بداية فعاليات مسيرة العودة أصيب بالاختناق والتشنج بعد استنشاقه الغاز، رغم ارتدائه كمامة، لافتًا إلى أن هذه التجربة منتحته خبرة، فيما بعد، للتعامل الصحيح مع الغاز من اللحظة الأولى لاستنشاقه.

يشير أبو دقن إلى أنه فور استنشاقه الغاز يضع بصلة أو منديلًا مبللًا بـ"الكولونيا" على أنفه مدة دقيقة ونصف، فيضعف مفعول الغاز بعدها.

يحضّره في المنزل

"الثوم المدقوق" وسيلة ابتكرها الشبان لتخفيف آثار الغاز، إذ تمنع الحرقان في العيون، وتحدّ من إسالة الدموع.

يحضر "أيمن السرسك" الثوم المدقوق في المنزل، وعندما يصل إلى أرض المسيرة يوزّعه على الشباب قرب السياج.

ويلفت السرسك في حديثه مع "فلسطين" إلى أن الطواقم الطبية في مخيمات العودة توفّر محلولًا طبيًّا لعلاج المصابين بالاختناق من قنابل الغاز.