يمرر مهند المغاري لصديقه الكرة في ساحةٍ على أرض مخيم العودة شرق رفح جنوب قطاع غزة، فيسددها الأخير نحو المرمى محرزاً الهدف الأول، ليعلن الفرح بين أفراد فريقه.
كان ذلك المشهد أحد وجوه حب المتظاهرين السلميين المتواجدين في المكان للحياة، يمارسونه بشكل شبه يومي على مقربة من الأراضي المحتلة عام 1948، على طول السياج الفاصل شرق القطاع، ليؤكدوا على حقهم في أرضهم والعودة إليها وفق القرارات الأممية.
وينبض المخيم بالحياة، تحديداً في الوقت ما بين العصر والعشاء، من خلال تواجد الجماهير فيه وتنظيم الفعاليات المختلفة، الرياضية والسياسية والاجتماعية والوطنية.
ويمارس عدد من الشبان في أحد أطراف المخيم رياضة كرة الطائرة. فبينما تعلو صرخات أفراد الفريق الذي يسجل هدفاً بالفرح ويقفزون في الهواء، يستعد أفراد الفريق الآخر لتلقي الكرة بشكل مثالي وإحراز هدف الرد.
ومع انشغال الشبان في ممارسة الرياضة، يتقدم آخرون نحو السياج الفاصل رافعين الأعلام الفلسطينية، يضعونها فوق السلك الشائك على مرأى جنود الاحتلال وعلى بعد أمتار قليلة منهم، ويعودون إلى أرض المخيم، غير آبهين بجبروتهم وأسلحتهم.
وشهدت أرض المخيم مهرجاناً بعنوان "العودة حق كالشمس"، نظمته حركة الأحرار الفلسطينية، بحضور ممثلين عن الفصائل الوطنية والإسلامية، أكد خلاله المتحدثون على التمسك بحق العودة رغم عظم التضحيات.
وفي السياق، كرمت حركة الجهاد الإسلامي خلال احتفال نظمته على أرض المخيم بعنوان "عودتنا حق لا تنازل عنه"، شهداء وجرحى مسيرة العودة، وفريق الشابورة الفائز بدوري العودة لكرة القدم.
وضمن فعالية تراثية نسوية حملت عنوان "تراثنا عنوان وحدتنا"، عرضت النسوة مشغولات تراثية يدوية، وأعددن خبز الصاج على نيران الحطب، كما أعددن أكلة المفتول الشعبية ووزعنها على المتظاهرين، قبيل صلاة العصر.
ومع غروب الشمس، عكفت مجموعة من الشبان على إعداد أكلة "القرصة" والتي تعرف باسم "فتة العجر" الشعبية التي يشتهر بها سكان جنوب قطاع غزة، بالتزامن مع إعداد مجموعة ثانية في طرف المخيم ذات الأكلة.
و"القرصة" هي أكلة موسمية يدخل في إعدادها العجر -البطيخ الصغير- والباذنجان والكوسا، يتم شويها على نار الحطب، ومكونات أخرى كالفلفل الأخضر والبصل والطماطم والزيت، إضافة إلى المكون الأساس فيها العجينة التي توضع بين الفحم والرماد لتصبح خبزاً مقرمشاً، ويتم خلطها بعد تفتيتها بالمكونات سابقة الذكر.
وبعد تناول أكلة القرصة يحرص المشاركون على تناول كأس من الشاي المغلي على نار الحطب.
ويختم المتظاهرون في مخيم العودة شرق رفح يومهم بوصلة من الدحية الشعبية "السامر"، ليعلنوا انتهاء فعاليات اليوم ضمن مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار، ويستعدون لليوم الذي يليه.
وبدأت فعاليات مسيرة العودة في 30 مارس/ آذار الماضي، حيث يتجمهر آلاف المواطنين في خمسة مواقع قرب السياج الفاصل شرق قطاع غزة، للمطالبة بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى قراهم ومدنهم التي هجروا منها عام 1948.
ومن المقرر أن تصل فعاليات المسيرة ذروتها في 14 و15 مايو/ أيار الجاري (ذكرى النكبة)، تحت اسم "مليونية العودة".

