فلسطين أون لاين

ما يشتبه أنه أكثر من ربع مليون دولار مقلد كان في طريقه للتداول

​عملات مقلدة تتسلل لجيوب غزيين وتنجح في خداع مكاتب صرافة

...
غزة - نبيل سنونو

المكان: شمال قطاع غزة. الزمان: 2018، الحدث: شاب يدخل مكتب صرافة لصرف 1500 دولار مُقلّدة.

صاحب مكتب الصرافة تتحفظ صحيفة "فلسطين" على اسمه ، تمكن من معرفة أن العملة مقلدة "بطريقة فنية عالية" لكنه قال: هذا المبلغ "دخل على أكثر من مكتب قبلي".

يعتقد هذا الرجل أن هذه العملة المقلدة تتعلق بـ"شبكة كبيرة"، موضحا أنه أبلغ المباحث العامة في شمال القطاع. وقال: "أبقيته (الشاب حائز العملة المقلدة) عندي في المحل إلى أن تأتي مباحث الشمال".

وقال: "خلال التفتيش كان معه (ذات الشاب) 6000 دولار" مقلدة.

وأفاد بأن أنواعا أخرى من العملات يتم تقليدها, منها فئة 200 شيقل الجديدة، وفئة 50 شيقلا، وفئة 2 شيقل.

صاحب مكتب صرافة آخر في شمال القطاع، طلب عدم كشف اسمه، قال لصحيفة "فلسطين" إن جاره حصل من صديق له على 1000 دولار كسداد، وبينما تواجد في مكتب الصرافة كان أحد الزبائن يرغب في تحويل عملة الشيقل إلى 500 دولار، فتبادل الأخير مع جار صاحب مكتب الصرافة المال، تبين لاحقا أنها مقلدة.

وأوضح صاحب المكتب أنه لم يمسك بهذه العملة ولم يدخلها صندوق محله، وأن جاره لم يكن يعلم أنها مقلدة.

وقال أحد العاملين في مكتب صرافة شهير وسط مدينة غزة، طلب عدم كشف اسمه، ورده عملات مقلدة منها فئة 50 شيقلا و100 شيقل و200 شيقل الجديدة، معتبرا أن الـ50 شيقلا المقلدة "تتواجد بكثرة حاليا".

وأضاف لصحيفة "فلسطين"، أنه ورده 100 شيقل مقلدة قبل أسبوعين ضمن رزمة من النقود الورقية.

وأفاد بأنه ورده منذ بداية العام الجاري 500 دولار مقلدة على دفعات.

هذا هو جزء من الحكاية، فعلاء الصواف الذي يعمل في محل إلكترونيات بمدينة غزة قدّم له أحد الزبائن قبل ثلاثة شهور، 100 شيقل وتبين له أنها مقلدة، حسبما أبلغ صحيفة "فلسطين".

أيضًا ماجد اشتيوي الذي يُشغِّل سيارة أجرة عبر سائق، قال لصحيفة "فلسطين": "أعطاني السائق الغَلّة (حصيلة النقود) آخر النهار، ولم أرهم، وفي الصباح اكتشفت 50 شيقلا مقلدة عرفتها لحظة إمساكي بالنقود، وكان ذلك منذ شهر".

وأخبر سائق آخر لم يرغب في كشف اسمه، صحيفة "فلسطين" أن عملات مقلدة ومزيفة وتالفة يتم تمريرها على سائقين ليلا.

في مخيم الشاطئ غرب غزة، مكتب صرافة قال صاحبه لصحيفة "فلسطين" مشترطا عدم ذكر اسمه، جاءه شخص في 2013، ليحول ستة آلاف شيقل إلى دينار أردني، فاكتشف أنها مقلدة، ما دفعه إلى الاتصال بالمباحث العامة.

وخلال الأشهر الماضية، وردته عملات مقلدة من فئة 50 شيقلا، و100 دولار.

وقال صرافون في منطقة الساحة بمدينة غزة، إنهم صادفوا عملات مقلدة خلال السنوات الماضية. وأفاد أحدهم صحيفة "فلسطين" دون ذكر اسمه، بأنه يحتفظ بأربع قطع من فئة خمسة شواقل، وثلاثة أخرى من فئة 10 شيقل، مقلدة فوجئ بها من بين مجموعة من القطع منذ سنة.

وأضاف أن زميلا آخر –لم يعد يمارس المهنة- مرت عليه ورقة من فئة 100 دولار مقلدة في شهر رمضان الفائت.

وقال صراف آخر في نفس المنطقة، لم يذكر اسمه، لصحيفة "فلسطين"، تم تمرير 1400 دولار مقلدة عليه قبل ست سنوات، و50 شيقلا مقلدة منذ سنتين.

كما أن صاحب مكتب صرافة وسط غزة طلب عدم كشف اسمه، أظهر لصحيفة "فلسطين" 200 شيقل مقلدة وردته السنة الماضية ضمن مجموعة من الأوراق النقدية، وقد كتب عليها "مزيفة".

كما أظهر عملة معدنية من فئة "1 شيقل" مقلدة، قائلا إن هذه العملة من هذا النوع والفئة ترده "كثيرا"، وأيضًا فئة خمسة شواقل مقلدة.

وأضاف أن شخصا جاءه قبل شهر بحوزته قطع نقدية معدنية من فئة واحد شيقل، و2 شيقل يبلغ مجموعها 200 شيقل، لكنه اكتشف أن 23 قطعة منها كانت مقلدة، وعندما أخبر هذا الشخص بذلك، رفض الأخير أن يستثني العملة المقلدة من عملية الصرافة.

ومنذ أربعة شهور، جاءته عملة مقلدة من فئة 50 شيقلا، وإضافة إلى ذلك، يرده عملة مقلدة من فئة 10 شواقل لكن بوتيرة أقل، بينما يكتشف عملة دولار مقلدة بين فترة وأخرى.

وتحدث عن عملة دولار من فئة 100 دولار أصلية يتم غسلها من قبل تجار لتخليصها من لون أصفر يطرأ عليها، ما يؤدي إلى إنقاص ثمن صرفها بنحو 40 شيقلا.

وقال عامل في محل لبيع الفلافل بمدينة غزة، اشترط عدم كشف اسمه، وردته 100 شيقل مقلدة الأسبوع الماضي لا يكتشفها إلا المدقق فيها، مضيفا لصحيفة "فلسطين" أنه كثيرا ما يكتشف عملة مقلدة من فئة 2 شيقل و10 شيقل.

ترويج وتصريف

وزارت صحيفة "فلسطين" محلا لبيع العطور بمدينة غزة لسؤاله عما إذا كان ورده عملة مقلدة، فأظهر لها 50 شيقلا مقلدة تم تمريرها على المحل، وقد احتفظ بها وكتب عليها كلمة "مزيفة".

وأبلغ مواطنون صحيفة "فلسطين" بأن تاجرا أدخل إلى قطاع غزة قبل فترة, عملات معدنية مقلدة عبر علب فول، وسألت الصحيفة مصدرا مطلعا, طلب عدم كشف هويته، عن ذلك، فلم ينف الرواية، موضحا أنه سمع عن ضبط كميات قبل سنة ونصف تقريبا.

وتكشف صحيفة "فلسطين" أن مجموعة أشخاص جنوب قطاع غزة، كانوا يقومون بترويج وتصريف مبالغ مالية مقلدة في السادس من أبريل/نيسان الماضي.

وحضر إلى المكان شخص مطلوب للعدالة في عدة قضايا مخدرات وأموال مقلدة، بحوزته نحو 30 ألف دولار مقلدة، وفي نفس المكان كان يتواجد مخبر يتبع مباحث خانيونس تلقى منه 3400 دولار وأوهمه أنه يريد الخروج لعرضهم على شخص والعودة مجددا، وبمجرد خروج المخبر استشعر الشخص المطلوب بالخطر وهرب في "أقل من ثوان".

وأكثر من مرة تمت مداهمة منزل الشخص المطلوب ومطاردته لكنه لا يزال هاربا من العدالة (حتى الثاني من مايو/أيار 2018).

وقال مصدر في مباحث خانيونس لصحيفة "فلسطين"،:"وردتنا معلومة عن تواجد خمسة أشخاص داخل منزل أحد المواطنين وبحوزتهم أموال مقلدة من فئة دولار"، كان من بينهم المخبر.

ولدى مداهمة وتفتيش منزل أحد المواطنين تم العثور على حقيبة فيها 2750 ورقة سوداء اللون يعتقد أنها من فئة 100 دولار مقلدة، تم جلبها من الخارج، ويعادل ذلك ما يشتبه أنه 275 ألف دولار أسود مقلد، بحسب التحريات.

والدولار الأسود يطلق على الأوراق النقدية التي يتم طلاؤها بمادة سوداء، ومن ثم تتم إزالتها بمادة أخرى لإعادة الورقة إلى شكلها المعتاد.

وتم ضبط 3400 دولار مقلدة جاهزة للتداول.

ومن خلال التحقيقات تبين أن هناك أشخاصا آخرين إضافة إلى من تم إلقاء القبض عليهم، على علاقة بالمصدر الرئيس وهو المطلوب الهارب.

وفيما بعد تم إلقاء القبض على شخصين من أصل أربعة، وما زال اثنان هاربين (حتى الثاني من مايو/أيار 2018)، وأفاد المصدر بأن "الأسماء لا يوجد لها صحة في السجل المدني. أسماء شبه وهمية، معهم هويات مزورة. يتم التعريف عن أنفسهم أمام المتعاملين معهم والقريبين منهم بأسماء وهمية".

وتجري المباحث حاليا تحريا لمعرفة الأسماء الحقيقية لهؤلاء الأشخاص ومكان سكنهم.

ووصف المصدر، المطلوب الهارب الأساس في القضية بأنه "من الخطيرين وتوجد عليه العديد من القضايا".

"متهمون يحملون الصفة العسكرية"

كما تكشف صحيفة "فلسطين" عن واحدة من أخطر القضايا المطروحة أمام النيابة العسكرية في قطاع غزة في ملفات العملات المقلدة، لم يصدر فيها حكم حتى 26 أبريل/نيسان 2018.

كانت هذه الواقعة بداية 2018، وفحواها أن "أربعة متهمين يحملون الصفة العسكرية اشتركوا بتقليد عملة الدولار وكان المبلغ قرابة 3000 دولار من فئة 100"، حسبما أفاد مساعد المدعي العام العسكري في قطاع غزة رامي الشرافي.

ويعود وصف هذه القضية بالخطيرة لأسباب منها أن العملة كانت مقلدة بدرجة عالية من الاحتراف لدرجة أنه جرى التعامل بها من مكاتب صرافة دون علمهم، إضافة إلى قيمة المبلغ المقلد.

وتم إحضار هذه العملة المقلدة "من خارج البلاد"، وجرى إحالة هذه القضية للمحكمة، كما قال الشرافي لصحيفة "فلسطين".

وأكد الشرافي أن الأشخاص الأربعة "لغاية الآن موقوفون على القضية".

وليست هذه القضية الوحيدة لكنها الأحدث. قال الشرافي في 2012 تم ضبط كمية من المواد المخدرة من نوع بانجو، وأثناء تفتيش منزل أحد المتهمين تم ضبط كيس مخصص للأرز بداخله عملة مقلدة من فئة 10 شواقل وكانت الكمية كبيرة جدا وجرى مصادرتها من قبل المحكمة.

وبيّن أن "مرتكبي الجريمة كانوا عساكر حيث تمت إدانتهم بالتهمة الموجهة إليهم من قبل النيابة العسكرية في لائحة الاتهام، وتراوحت العقوبة بين ثلاث سنوات و13 سنة على تهمتي المخدرات والعملة المقلدة حيث تم جلبها من الصين".

وبلغت قضايا العملات المقلدة لدى القضاء العسكري منذ 2007 حتى الآن حوالي 12 قضية، بحسب الشرافي.

وحتى ينظر القضاء العسكري في مثل هذه القضايا يشترط أن يكون المتهمون حاملين للصفة العسكرية.

"أوراق بنكنوت"

وعلمت "فلسطين" من المتحدث الرسمي باسم النائب العام في قطاع غزة ورئيس نيابة الاستئناف والنقض زياد النمرة، أن مجموع قضايا "تداول أوراق بنكنوت مزورة" لدى النيابات الجزئية في مختلف محافظات قطاع غزة خلال عامي 2016 و2017 بلغ 105 قضايا، موزعة كالآتي:

- عام 2016: "الشمال الجزئية" 10، "نيابة غزة الجزئية 1" 10، "نيابة غزة الجزئية 2" 4، "الوسطى الجزئية" 10، "خانيونس الجزئية" 1، "نيابة رفح الجزئية" 12، بما مجموعه 47.

- عام 2017: "الشمال الجزئية" 9، "نيابة غزة الجزئية" 15، "نيابة غزة الجزئية 2" 10، "الوسطى الجزئية" 7، "خانيونس الجزئية" 8، "نيابة رفح الجزئية" 9، بما مجموعه 58.

وهذا يعني أنه تم إيقاف 105 أشخاص على الأقل، على خلفية هذه القضايا خلال العامين المذكورين.

وحصلت صحيفة "فلسطين" على معلومات من ملف قضية في محكمة الصلح وأخرى في محكمة البداية في غزة، تتعلق بالعملات المقلدة.

وصدر حكم في القضية الأولى في محكمة الصلح، العام الماضي 2017، إذ حاز المتهم أوراق بنكنوت مقلدة من فئة 200 شيقل بلغ عددها (ورقة واحدة) وذلك بوجه غير مشروع ومخالف للقانون.

واعترف المتهم بأنه تم ضبطه بنصف حبة أترامال و200 شيقل مقلدة، وادعى أنه حصل على هذه الورقة النقدية المقلدة من شخص يبيع دخانا أمام مستشفى الشفاء بغزة.

وحكمت المحكمة بتغريم المدان بغرامة مالية 500 شيقل أو الحبس شهراً بدلا منها مع مصادرة أوراق البنكنوت المضبوطة.

أما القضية الأخرى تعود لـعام 2013، وفي "إفادة" ضمن ملفات القضية اطلعت عليها صحيفة "فلسطين"، أقر موقوف بأن سبب إيقافه حيازته "عملة مزيفة" من فئة 10 شواقل، وقال إنه يعمل "موظفا عسكريا في سلطة رام الله".

وأضاف الموقوف أنه تعرف إلى شخص في الأراضي المصرية, حيث قال له إنه سيرسل له هذه العملة من فئة 10 شواقل و5 شواقل عن طريق شخص آخر يعمل في "أنفاق رفح" آنذاك، متابعا: "حيث أقوم أنا باستلام هذه العملة في الأراضي الفلسطينية من منطقة رفح وأقوم بعدها ببيعها في غزة وترويجها".

وأقر بأنه "بالفعل قمت باستلام عدد 1100 قطعة معدنية من عملة 10 و5 شواقل".

وفي "كتاب إحالة" اطلعت عليه صحيفة "فلسطين" ضمن ملفات القضية ذاتها، تبين من المجريات أنه جرى تداول في هذه العملة، إذ تم ضبط شخص بحوزته "عملة مزورة من فئة خمسة شواقل عدد 24 قطعة"، وبالتحقيق معه أفاد أنه حصل عليها من شخص آخر، حيث تم تفتيش منزله بناء على مذكرة تفتيش وتم إحضاره وضبط "عملة مزورة" داخل منزله من فئة خمس شواقل أفاد بأنه حصل عليها من شخص آخر حيث تم استدعاؤه وبالتحقيق معه أفاد بأنه حصل على هذه العملة من شخص رابع.

وقال إنه إخذ منه قطعاً تقدر بـ1500 شيقل، قام ببيع جزء منها للشخص الثاني.

احذر هذه المعلومات القانونية

رئيس قسم أبحاث التزييف والتزوير في المعمل الجنائي الرائد محمود أبو صفية، قال لصحيفة "فلسطين"، إن التزوير الذي يتم عبر طابعة الليزر أو النافثة للحبر سهل كشفه للمواطن البسيط، لكن المعقد قد يكون تم تزويره في الخارج باستخدام طابعة "الأوفست" عالية الجودة، وقد يتم العمل على التغلب على بعض العلامات الأمنية في الدولار كالعلامة المائية والخيط الأمني.

وأفاد بأن العملات من هذا القبيل التي وردت إلى قسمه هي من نوع الشيقل والدولار والدينار الأردني.

وقال: "نجد أن التزوير في الدولار في الغالب يتم في الخارج"، مضيفا: "التعقيد في التزوير فقط موجود في الدولار".

وأوضح أن تزوير أوراق الشيقل والدينار الأردني غير معقد كونه باستخدام طابعة الليزر، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن تزوير العملة المعدنية في الداخل، مكلف كونه يحتاج إلى "مخرطة ونحاس".

وبيّن أن من مهام قسمه كشف التزوير سواء البسيط التقليدي الذي يجري عبر الطابعة أو المعقد، لافتا إلى أن له من الخبرة ما يمكنه من ذلك، كما أنه يستخدم جهازا تحت أشعة "UV" "فوق البنفسجية".

من جهته، قال النمرة، إن النيابة العامة في إطار متابعتها لهذا النوع من الجرائم كغيرها تتولى متابعة الإجراءات استنادا لنصوص القانون باعتبار النيابة العامة صاحبة الدعوى الجزائية والعمومية بهذا الإطار.

وأضاف المتحدث الرسمي باسم النائب العام: "الأمر في هذه الجرائم لا يتوقف على تقديم شكوى من عدمه إنما يتوقف على مدى علم الأجهزة المختصة في المجتمع بوجود هذا النوع من الجرائم تباشر باتخاذ الإجراءات فورا"، مبينا أن هذه العملات ممكن أن تكون ورقية "بنكنوت" أو نقدية "مسكوكات معدنية".

وأكد أن بعض القضايا مرتبط "بالمخدرات".

النمرة أوضح أنه أيا كانت قيمة المبلغ المقلد أو المزور سواء 5 شواقل أو 10 شواقل أو 100 شيقل أو مليون شيقل أو دينار أو دولار تشكل قضية، والمهم في الموضوع توفر أركان الجريمة، مشددا على ضرورة تحقيق ردع عام وخاص للشخص نفسه، فلو تم التساهل سيرتكب المزيد من هذه الممارسات.

ونوه إلى أن أدوات التزوير متاحة في كل مكان، من خلال طابعة وجهاز سكنر "ماسح ضوئي".

وبشأن الموقوفين على خلفية هذه القضايا، بيّن أن الإفراج عنهم من عدمه يتم حسب ظروف كل قضية ومبلغ ونوع الجريمة المسندة ودور كل موقوف فيها.

وبيّن أنه في بعض الأحيان تشكل هذه المسائل جريمة جناية وأحيانا جنحة.

وحذر النمرة من أن "مجرد أنك تحوز عملة مزورة حتى لو لم تتداولها فهي جريمة، لكن يختلف فيما لو زورت بقصد الاحتيال".

وقدّر أعلى حكم تم إصداره بحق موقوف مدان على خلفية هذه القضايا بثلاث سنوات.

وأرجع زيادة عدد القضايا في 2017 عنها في 2016 إلى "وضع الاقتصاد والمجتمع"، لافتا إلى أن الحصار كان له دور كبير في كل مناحي الحياة، واشتد في الفترة الأخيرة.

ونفى أن تكون "عصابات" في غزة هي التي تقف وراء تزوير أو تقليد العملات، لأن مصطلح العصابات يعني أنها منظمة وتتخذ من هذا الإجرام منهجا تسير عليه، مرجحا أن يكون المزورون أو المقلدون في غزة أفرادا التقوا على غاية غير مشروعة.

وبالرجوع إلى قانون العقوبات الثوري لسنة 1979 فإن المادة 307 تنص على أنه يعاقب بالأشغال الشاقة كل من:

أ‌- قلد عمله ذهبية أو فضية أو غيرها متداولة قانونا أو عرفا بقصد ترويجها أو اشترك وهو على بينة من الأمر بإصدار العملة المقلدة أو بترويجها أو بإدخالها إلى بلد آخر.

ب‌- زيف العملة إما بإنقاص وزنها أو طليها بطلاء يعطيها مظهرا أكثر قيمة أو اشترك وهو على بينة من الأمر بإصدار عملة مزيفة على هذه الصورة أو بترويجها أو بإدخالها إلى بلد آخر.

ت‌- قلد أو زور أوراقا نقدية أو مصرفية أو زور أو حرف في قيمة هذه الأوراق بقصد ترويجها أو اشترك بإصدارها أو بترويجها.

وبيّن الشرافي، مساعد المدعي العام العسكري، أن التزييف يرد على العملة المعدنية بإنقاص حجمها أو زيادته، فيما التزوير يرد في الأوراق المالية ويكون بإدخال معلومات أو بيانات عليها، أما التقليد يرد على جميع الأوراق والعملة المعدنية بتقليدها لكن دون أن تكون من الفئة الأصلية.

وتنص المادة 309 من القانون نفسه على أن:

أ- كل من صنع آلات أو أدوات معدة لتقليد أو تزييف أو تزوير العملة أو أوراق النقد أو سندات المصارف أو الطوابع أو الهويات بقصد استعمالها على وجه غير مشروع عوقب بالأشغال الشاقة المؤقتة وبالغرامة عشرة جنيهات على الأقل .

ب- ومن اقتنى تلك الآلات أو الأدوات على علمه بأمرها عوقب بالحبس سنة على الأقل.

ج- ومن وجد حائزا آلات أو أدوات معدة لصنع العملة أو الورق النقدي أو أوراق المصارف أو الطوابع أو الهويات واستعملها على وجه غير مشروع عوقب بالأشغال الشاقة المؤقتة وبالغرامة عشرة جنيهات.

وتنص المادة 348 من قانون العقوبات رقم 74 لسنة 1936، على أن:

تشمل لفظة "البنكنوت" الواردة في هذا الفصل كل سفتجة أو بوليسة أصدرها مصرف في فلسطين أو بنك انكلترا أو أي شخص أو هيئة مسجلة أو شركة تتعاطى أشغال الصرافة في أية جهة من جهات العالم، وتشمل أيضاً كل بوليسة بنك صادرة من مصرف وكل بوليسة صادرة على بياض وأوراق النقد الصادرة بمقتضى قانون أوراق النقد لسنة 1927 وكل ورقة مالية (مهما كان الاسم الذي يطلق عليها) إذا كانت تعتبر كنقد قانوني في البلاد الصادرة فيها.

وتنص المادة 349 من نفس القانون على:

(1) كل من زوّر ورقة بنكنوت بقصد الاحتيال أو غير فيها أو تداول ورقة بنكنوت يدل ظاهرها على أنها مزورة أو مغيرة مع علمه بذلك، يعتبر أنه ارتكب جناية ويعاقب بالحبس المؤبد.

(2) كل من أدخل إلى فلسطين أو استلم فيها بلا تفويض أو عذر مشروع (وتقع تبعة اثبات ذلك عليه) ورقة مالية مزورة أو مغيرة مع علمه بذلك، يعتبر أنه ارتكب جناية ويعاقب بالحبس المؤبد.

كما أن المادة 350 تنص على:

(1) كل من صنع ورقة يدل ظاهرها على أنها ورقة بنكنوت أو قسم من ورقة بنكنوت أو ورقة تماثل البنكنوت على أي وجه من الوجوه أو قريبة الشبه بها لدرجة تحمل الناس على الانخداع، أو تسبب في صنعها أو استعملها لأية غاية من الغايات أو تداولها، يعتبر أنه ارتكب جنحة ويعاقب بغرامة قدرها ستة جنيهات عن كل ورقة كهذه.

وتناولت المادة 351 أفعالا تتعلق بالتعامل بأدوات تزوير البنكنوت.

وتنص المادة 352 على:

كل من أصدر ورقة من أوراق البنكنوت دون تفويض مشروع أو كان شريكاً في إصدارها، يعتبر أنه ارتكب جناية ويعاقب بالحبس مدة خمس سنوات.

كيف تكشف الدولار المقلد؟

وقال القاضي محمد أبو مصبح، وهو مسؤول سابق مؤسس في سلطة النقد، قضايا تزوير العملة التي وردت لمجلس القضاء الأعلى- محاكم الصلح، منذ 2011 حتى 2018 تعادل 20 قضية تم الفصل فيها وهناك قضايا ما زالت منظورة وهي بنسب بسيطة خاصة بالعملة، مضيفا: "معظمها جنح غالبيتها لا يعرف أصحابها أنها مزورة من عدمه، هي عدم دراية".

ونبه إلى أن "الجريمة هي جريمة أصحاب العقول" الذين يقومون بالتقليد والتزوير للترويج والتداول.

وشدد على أن قضية العملات المقلدة والمزورة والمزيفة هي "من أهم المواضيع"، لافتا إلى أن أكثر الفئات المتضررة هي الفئات البسيطة.

ولكون كشف الدولار المقلد أمراً معقدًا، نطرح تساؤلا: كيف تكتشف الدولار الأمريكي المقلد؟

يجيب عن ذلك القاضي أبو مصبح بأن من الشروط الواجب توافرها على العملة الأمريكية وجود ختم الاحتياط الفيدرالي (الختم باللون الأسود) الذي يتضمن الاسم والحرف والرقم التابع لبنك الاحتياط الفيدرالي ويتكرر الحرف نفسه في أول الرقمين المتسلسلين ويتكرر الرقم التابع للحرف على أوراق الدولار.

وأيضًا من خلال الصور الموجودة على جميع فئات الدولار الأمريكي.

وللدولار الأمريكي خواص منها الخيط الأمني، وهو عبارة عن سلك من البولستر مبرمج في المكان الكائن بين ختم الاحتياط الفدرالي وطرف الورقة النقدية تطبع القيمة مثلا 50 USA أو 100 USA في شكل عمودي عدة مرات ويمكن أن ترى من الأمام والخلف.

وذلك إضافة إلى الشروط والمكونات التالية للورقة:

- نسيج الخيوط المتداخلة الواضحة وغير المتقطعة على طرف الورقة.

- الورقة الأصلية المصنوعة من ألياف من القطن والكتان بنسبة 75% و25% على التوالي وذلك لتجمع بين المتانة واللين.

- الصورة الواضحة التي تشبه مثالا حيا وتبدو فيها العينان محدقتين.

- الأرقام المتسلسلة الخضراء ذات التصميم المتميز والمتباعد ينسق في أعلى يمين وأسفل يسار الورقة مطبوعة في نفس الحيز المستعمل في ختم وزارة المالية.

- ختم وزارة المالية الأخضر والمتميز بأطرافه الحادة التي تشبه أسنان المشط.

- ختم الاحتياطي الأسود الذي يتضمن الاسم والحرف الرقمي للبنك.

- الإحساس بالنتوء على سطح الورقة نتيجة الطباعة بلوحات دقيقة النقش.

- كتابة القيمة في الأركان الأربعة وعلى ختم وزارة المالية.

مع ذلك، قال أبو مصبح، مع كل هذا وللأسف فإن التقنية الحديثة وتفكير المزيفين يخدع موظفي البنوك.

واعتذرت سلطة النقد الفلسطينية عن عدم الإجابة على تساؤلات صحيفة "فلسطين" بشأن العملات المزورة والمقلدة في قطاع غزة، دون إبداء الأسباب.

ويستنتج معد التحقيق من إفادات مواطنين ومن بعض القضايا الواردة في هذا التحقيق أن عملات مقلدة كان يتم تداولها حتى وقت قريب، ومن غير المعلوم ما إذا كانت اليوم هناك عملات مقلدة يجري أو يتم التحضير لتداولها، ما يوجب على المواطنين أخذ الحيطة والحذر حتى لا يقعوا ضحايا، مهما قلت قيمة المبالغ المقلدة، أو كثرت.