إغفال البيان الختامي للمجلس الوطني الانفصالي لتوصيات جرى الاتفاق عليها بين المجتمعين، لرفع العقوبات عن قطاع غزة واعتماد خطة إنقاذ وطنية شامله له، يعبر عن عدم احترام الآراء ووجهة النظر المغايرة لوجهة نظر رئيس السلطة محمود عباس، ودليل على التفرد في القرار والإقصاء، ووجود أطراف تحمل أجندة ومصالح سياسية تدفع باتجاه استمرار الانقسام وعدم تحقيق الوحدة الوطنية - كما يرى محللون سياسيون.
واستهجنت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين أول من أمس، إغفال البيان الختامي للمجلس الوطني، لتوصيات تدعو لرفع العقوبات عن قطاع غزة واعتماد خطة إنقاذ وطنية شامله له.
وأكدت الجبهة في بيان وصل "فلسطين" نسخة عنه أن البيان الختامي للمجلس الوطني تضمن قبل عرضه على الإعلام نصّا واضحا وصريحا بشأن إلغاء كافة الإجراءات العقابية بحق أبناء شعبنا في قطاع غزة، ولكن البيان الختامي الذي نشرته وكالة "وفا" التابعة السلطة، قد خلا من هذه التوصية.
الكاتب والمحلل السياسي راسم عبيدات، رأى أن قرارات المجلس الوطني لا يتم تنفيذها على أرض الواقع، بل سيتم ترحيلها إلى المجلس المركزي الذي لن يعمل على تطبيقها على الأرض، على غرار ما حدث مع قرارات المجلس المركزي الصادرة في يناير 2018، إذ تم ترحيلها إلى اللجنة التنفيذية دون تنفيذ.
وقال عبيدات لـ"فلسطين": "إن المسألة ليست قرارات بل بحاجة لخطوات عملية وتنفيذية على الأرض وليس بالشعارات والكلام"، وأشار إلى اختلاف مواقف عباس في بداية جلسات المجلس الوطني التي حمل فيها تهجما على غزة، ولغة قاسية بعدم رفع العقوبات، ثم جرى تخفيف اللهجة بالحديث عن صرف رواتب الموظفين.
ويدلل ما سبق وجود طرفين داخل فتح والمنظمة أحدهم يريد رفع العقوبات عن غزة، والطرف الآخر المسيطر ويحملون أجندة ومصالح سياسية باتجاه استمرار الانقسام وعدم تحقيق وحدة وطنية- وفق عبيدات.
ورأى أن اغفال توصيات البيان الختامي للمجلس الوطني لتوصيات جرى الاتفاق عليها، يعبر أيضاً عن عدم احترام الآراء ووجهة النظر المغايرة في هذا الاتجاه، وهي مؤشر إلى التلاعب في القرارات والتوصيات، متسائلا: "كيف يتم إسقاط هذا التعديل رغم حدوث مشادات كلامية خلال جلسات النقاش إلى أن جرى التوافق عليها؟".
ولفت النظر إلى أن عدم تنفيذ القرارات وترحيلها من هيئة إلى أخرى داخل منظمة التحرير، "يؤكد أنه لا يوجد أي خطة لدى السلطة في التعامل مع المخاطر حول القضية الفلسطينية".
تكرار لنسخة سابقة
أما أستاذ العلوم السياسية بجامعة بيرزيت جهاد حرب، فيرى من ناحيته أن البيان الختامي للمجلس الوطني جاء متكرراً عن ما جاء ببيانات المجلس المركزي، من حيث العلاقة مع الاحتلال والموضوع السياسي، والصياغات الأخرى المتعلقة بالشأن الداخلي، ولم يحدث تغييرا جوهريا في المسار السياسي.
وقال حرب لصحيفة "فلسطين": "إن هذا يعني أن المفاوضات ستبقى الخيار الرئيس للسلطة، وتكريس للمسار السياسي المتبع من قبل عباس، وأن المجلس الوطني كان فرصة للتأكيد على البرنامج الذي قدمه عباس خلال السنوات الماضية".
من ناحيته، استغرب استاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح الوطنية د. رائد نعيرات عدم شمول البيان الختامي لقضية مهمة مثل وضع خطة انقاذ وطنية شاملة ورفع العقوبات عن غزة، مبينا أنه من المنطقي أن يركز النقاش على هاتين النقطتين لأنهما أهم ما يجب التحدث به.
وقال نعيرات لصحيفة "فلسطين": "إن هدف عقد اجتماع الوطني هو فقط لمنح عباس شرعية في هذه المرحلة"، مبينا أن مخرجات المجلس خلت من خطة عمل سياسية.
كما انتقد أن يقوم المجلس الوطني بالثناء على قرارات المجلس المركزي بوقف التنسيق الأمني، دون أن يطلب تنفيذها، ما يؤكد عدم وجود برنامج سياسي، وأن الاجتماع فقط اكتفى بتجديد انتخاب أعضاء اللجنة التنفيذية والمجلس.
وأضاف نعيرات: "نحن أمام الطبعة الثالثة من منظمة التحرير، فإذا كانت الطبعة الأولى لأحمد الشقيري، والثانية للفصائل، فإن هذه الطبعة هي لتحقيق الذوبان بين السلطة والمنظمة".

