فلسطين أون لاين

​أحمد الهمص.. 4 إصابات في الطريق إلى "يبنا"

...
غزة - مريم الشوبكي

من مخيم "يبنا" في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، خرج ثائرًا ليعود إلى "يبنا" المحتلة، وفي سيبل تحقيق هذا الحلم أُصيب أربع مرات خلال فعاليات مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار، وبعد كل إصابة، يحمل جراحه ويعود للمشاركة من جديد.

الجريح أحمد الهمص (26 عاما)، أُصيب عدّة مرات، وفي مناطق متفرقة في جسده، وذلك في أيام الجمعة الأربعة الأولى لمسيرة العودة، لكن لم يوقفه ألم الإصابة عن الوجود مع الشباب الثائرين في الميدان، ليكون له صولات وجولات في الصفوف الأمامية على الحدود، حيث مكانه المفضل.

قفص

إصرار الهمص على المشاركة في مسيرة العودة رغم الإصابة نابع من إصراره على "المطالبة بالعودة للأراضي المحتلة منذ العام 1948، والتي يتوسع فيها الاحتلال ويزرعها ويستفيد منها، بينما نحن مليوني إنسان محبوسين في قفص"، كما يقول.

ويضيف لـ"فلسطين": "الحصار الاسرائيلي أنهك الشباب وعدمَ فرص العمل، وإغلاق المعابر حرم الفلسطينيين من السفر للتعلم والبحث عن عمل، فقد ضاقت الحياة بنا ذرعا، وهذه المسيرة تعطي أملا بكسر الحصار".

ولكي يحتج على المآسي التي يعيشها الشعب الفلسطيني، شارك الهمص في مسيرة العودة وعلى إثرها تلقى أربع إصابات، كانت أولاها في الجمعة الأولى لمسيرة العودة، حينها أصيب بشظايا رصاص في يده اليمنى، وفي الجمعة الثانية أصيب في كلتا قدميه بشظايا رصاصة متفجرة، وأصيب بالغاز السام، وعلى إثره دخل في غيبوبة في الجمعة الثالثة.

الجمعة الرابعة "جمعة الشهداء والأسرى" كانت فيها الإصابة الأشد، حيث اخترقت رصاصة متفجرة قدمه اليسرى أدت إلى تهتك "السمانة" بعد كسر العظم وقطع العضلات والأعصاب.

لأنها سلمية

يقولون "هم يضحك، وهم يبكي"، وهذا ما حدث مع الهمص عند إصابته، فيقول: "عندما أُصبت في المرة الأولى طلبت من الطبيب الاتصال بوالدتي لتطمئن على حالتي، وفي المرة الثانية عالجني نفس الطبيب فاتصل بأمي من تلقاء نفسه، فرقم هاتفها أصبح محفوظا لديه، وفي المرة الثالثة والرابعة كان يتصل بها مجرد دخولي المستشفى دون أن أطلب منه، لأني أصبحت معروفا لديه".

يرى الشاب الهمص أن إصاباته ليست عائقا أمام وجوده على الحدود الشرقية لرفح، يقول: "لا أحب الجلوس في البيت مكتوف الأيدي، ففي الميدان لي صولات وجولات رغم إصاباتي، كنت أشارك طالما أن قدماي سليمتان، ولكن إصابتي الأخيرة في قدمي اليسرى أقعدتني في الفراش، فلا أستطيع المشي عليها، خاصة أن القدم الأخرى أيضًا مصابة".

ويصف حاله بسبب عدم تمكنه من المشاركة في الجمعة الخامسة: "شعرت بالاختناق لأنني لم أذهب إلى الحدود في جمعة الشباب الثائر".

ويصر على العودة إلى الحدود للمشاركة في المسيرة رغم صعوبة إصابته، مبينا: "أنوي المشاركة مجددا في ذكرى النكبة، فلن أفوت هذا اليوم الذي ربما يكون يوم عودتنا".

ويقول الهمص: "خرجت للمشاركة في المسيرة لأنها توحد كل الفلسطينيين، ولأنها سلمية، نهتف بها للعلم الفلسطيني فقط، لا نهتف لصاروخ أو سلاح، ولكن يبدو أن جنود الاحتلال يتعلمون باستهداف الثائرين على الحدود، ويجربوا مدى مهارتهم ودقتهم في القنص على أجساد الشباب".

توفير العلاج

وكأي شاب في قطاع غزة، "الهمص" لا يجد فرصة عمل يمكن تحقق لها حياة كريمة، يوضح: "الإصابة ضاعفت وضعي المادي سوءًا، حيث أحتاج إلى أدوية غير متوفرة في المستشفى وأسعارها مرتفعة، تربّيت يتيما ووالدتي تكفلت برعايتي ومصروفي مع أخوتي".

ويوجه رسالة لدول العالم، قائلا: "لا نريد منكم مالا، يكفينا اليوم أن ترسلوا لنا الدواء لكي نحصل على العلاج، حتى يتم نُشفى ونكون قادرين على حماية فلسطين في أي اعتداء أو مؤامرة قادمة، فالمستشفيات خالية من الأدوية، والمصاب يشتري علاجه على نفقته الخاصة

ويضيف: "يحيكون صفقة القرن لتهجيرنا، ولكن لن يفلحوا، حتى لو تآمر العالم كله على الشعب الفلسطيني، لأن القوة ليست بالكثرة ولكن بالإيمان بالله والقدرة على المقاومة".