استمعنا يوم الاثنين الماضي إلى كلمة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في أثناء افتتاح الدورة 23 للمجلس الوطني الفلسطيني في رام الله تحت الاحتلال ودون توافق فلسطيني.
واستمر الخطاب ساعتين إلا ربعًا بشكل ممل وموضوعات معادة ومكرورة.
هناك ملاحظات كثيرة على كلمة عباس.. لكن أهمّ ما فيها أن هذا الشخص يتحدث بكلام مناقض لأفعاله وتصرفاته.
محمود عباس قدم محاضرة تاريخية عن أصل اليهود وطردهم من أوروبا.. لكن محمود عباس نفسه هو الذي يعترف بدولة الاحتلال ويتعهد بحماية أمنها، وقال ذات يوم إنه لا يعارض لو أسموها دولة يهودية.
محمود عباس يتحدث في كلمته عن رفضه للتفرد الأمريكي في المفاوضات.. لكن عباس نفسه هو من وافق على التفرد الأمريكي وسار خلف الإدارة الأمريكية في رؤيتها التفاوضية قبل مؤتمر مدريد وإلى اليوم.. وهو الذي تنازل للأمريكيين والإسرائيليين عن كل شيء.. ثم جاء الآن ليهدد ويرفض؟
عباس يتحدث في كلمته أنه يحول نصف موازنة السلطة لقطاع غزة، مع العلم أن عباس هذا هو من يحاصر القطاع ويوقف مرتبات الموظفين والشهداء والأسرى.
عباس يتحدث عن الثوابت، وهو تنازل عن القدس وتخلى عن قضية اللاجئين، وجلس يراقب التوسع الاستيطاني من مقره في رام الله.
عباس يدعو لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، وإذا فازت حماس سيسلمها السلطة بسرعة!
وعباس هذا هو الذي أغلق المجلس الوطني، وحاصر كل حكومة جاءت بعد انتخابات 2006، وأمر الموظفين بعدم التعامل مع قرارات حكومة الأخ اسماعيل هنية، وتمنعت الأجهزة الأمنية عن تنفيذ أوامر الحكومة الشرعية المنتخبة.
أما عن المصالحة والتمكين والمعابر و... فدور عباس في تخريبها واضح.. على الأقل أن كل حلفاء عباس لا يرغبون في مصالحة فلسطينية، وهو أشد تطرفًا منهم.
عباس يتحدث عن أن المجلس الوطني يجب أن يضم الجميع، وهو الذي خرب الحوارات الفلسطينية، وتمنّع عن دعوة قيادة الفصائل لأي اجتماع، ورفض مقررات لقاء بيروت، وأفشل أي مبادرة للوحدة.
عباس يسير عكس اتجاه المصلحة الوطنية الفلسطينية.. لكن سيأتي الوقت لإصلاح هذا المسار؛ فهناك عوامل قوة كثيرة لا تزال متوفرة في شعبنا ومقاومتنا.