في الوقت الذي تضمن عنوان جلسة المجلس الوطني الثالثة والعشرين اسم مدينة القدس المحتلة تحت مسمى "دورة القدس وحماية الشرعية"، إلا أن قضايا المدينة والمقدسيين على تعددها غابت عن جدول أعمال الجلسة، التي انطلقت أمس بمدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة.
وتضمن جدول أعمال الجلسة 14 بندا لم يخصص أي منها لمدينة القدس تحديدا باستثناء البند الرابع الذي جاء تحت عنوان "دراسة سبل التصدي للقرار الأميركي بشأن القدس"، في حين مثل المدينة 30 شخصية دينية وطنية وحزبية جلها محسوبة على المؤسسات العاملة في إطار السلطة الفلسطينية.
الكاتب المقدسي راسم عبيدات أوضح أن مدينة القدس ما زالت مغيبة بشكل تام عن اهتمامات السلطة الفلسطينية، رغم أن المدينة تتعرض في الوقت الحالي لأبشع عمليات تهويد منذ عقود طويلة، مشيرا إلى أن إدراج اسم القدس في عنوان الجلسة يأتي في سياق الاستهلاك الإعلامي وخداعة الشعب الفلسطيني.
وقال عبيدات لصحيفة "فلسطين" لا يمكن أن تناقش قضايا القدس بشكل جاد وحقيقي في ظل غياب القوى الفلسطينية المؤثرة عن الجلسة والرفض الواسع لعقد الجلسة من الأساس تحت حراب الاحتلال الإسرائيلي بعيدا عن التوافق الوطني، لذلك ستكون مخرجات الجلسة فيما يتعلق بالقدس شكلية لا تقدم أي جديد".
وأضاف "لو كانت قيادة المنظمة عازمة على التصدي للقرار الأميركي بشأن القدس، لكان عليها الدعوة للجلسة فور إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القدس عاصمة للاحتلال في السادس من ديسمبر/ كانون الأول 2017 وليس بعد قرابة خمسة أشهر، وكذلك كان عليها أن تصر على وجود أوسع مشاركة فلسطينية دون إقصاء أحد".
ويشار إلى النظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية نص في مادته السابعة على أن مدينة القدس المحتلة هي مقر المجلس الوطني، في حين نصت المادة الثامنة منه على أنه يمكن انعقاد جلساته في "أي مكان آخر حسب الظروف"، كما أن لمكتب رئاسة المجلس مقرا رئيسا مؤقتا في العاصمة الأردنية عمان، وافتتح له فرعان في كل من غزة ونابلس بعد إقامة السلطة الفلسطينية عام 1993.
عضوية منتقاة
في حين ذكر عضو "الائتلاف من أجل القدس" محمد جاد الله أن مدينة القدس المحتلة تمر بوضع معقد للغاية مما كان يتطلب من المجلس الوطني وضعها على رأس سلم الأولويات وليس بشكل فرعي، مبينا أن الشارع المقدسي يشعر بالإحباط تجاه ما يجري في مدينة رام الله المحتلة.
وأوضح جاد الله في حديثه لصحيفة "فلسطين" أن "الجميع هنا يدير ظهره بالمطلق لجلسة المجلس الوطني وما سيخرج عنها من شعارات ومطالبات روتينية، كون أن ممثلي المدينة جرى انتقاؤهم بعيدا عن الشخصيات المقدسية المكتوية بنار سياسات الاحتلال التهويدية والاستيطانية".
ورجح أن تكرس دورة المجلس الحالية الانقسام الداخلي وستقتل أيضا فرص الوصول إلى استراتيجية وطنية تحافظ على القضية الفلسطينية من التصفية بأدوات إقليمية ودولية، مما يشجع الاحتلال الإسرائيلي على المضي أكثر في مشاريع التهويد التي تستهدف الوجود الإسلامي والعربي في المدينة ككل.
وبين جاد الله أن المطلوب حاليا لمواجهة التحديات والمشاريع الساعية لتصفية القضية الفلسطينية وعلى رأسها مدينة القدس وفق إعلان الرئيس الأمريكي الأخير، ليس عقد مجلس وطني قائم على الحزبية والانقسام بل مجلس جامع يقوم على الشراكة بين كافة القوى والأطر الفلسطينية التي تمثل الجميع داخل الوطن وخارجه وتحديدا اللاجئين في الشتات وأهالي القدس.
وجدير بالذكر أن دورة 1996 التي عقدت في غزة بحضور الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، ألغت بنوداً من الميثاق الوطني، وعقدت هذه الدورة في ظروف سياسية وإنسانية عربية بالغة الدقة، وكانت مخرجاتها بالغة التأثير، حيث قررت بأغلبية ساحقة تعديل الميثاق بحذف 6 من مواده التي أعطت اليهود حقاً شرعياً في فلسطين التاريخية، ولعل من أخطرها المادة (20) التي نصت على أن "اليهود لا يشكلون أمة واحدة لها هويتها الخاصة وإنما هم مواطنون في الدول التي ينتمون إليها".
ومثل إلغاء هذه المادة اعترافاً ضمنياً بحق اليهود في الهيكل المزعوم تحت أساسات المسجد الأقصى المبارك.