مع اشراقة كل يوم يتجه الثمانيني، المليء بعزيمة الشباب، محمود أبو ديب، إلى مخيم العودة شرق محافظة خانيونس، جنوبي قطاع غزة.
أبو ديب ينحدر من النقب المحتلة ويعيش حاليا في بلدة بني سهيلا جنوب القطاع، يرتدي اللباس الفلسطيني الأصيل منذ أن هجرته العصابات الصهيونية من بلدته قبل70 عاما.
ويتوسط سيف تراثي ذهبي اللون خاصرته، والسيف هنا يرمز للقوة، وفق تعبيره.
أبو ديب -له من الأولاد والأحفاد150 فردا- أعرب عن سعادته بارتدائه هذا اللباس، فـ"هو أكبر من دولة الاحتلال, وقد ورثته عن أبي وسأعطيه لأبنائي من بعدي".
ورغم أصوات الرصاص وقنابل الغاز التي يطلقها جنود الاحتلال على المتظاهرين السلميين, إلا أنه يصر على المشاركة في مخيمات العودة, دون خوف أو رهبةفـ"لا شيء يثنيني عن المشاركة لأن لي وطن مغتصب من الاحتلال الاسرائيلي".
وأبدى استعداده تقديم روحه وذريته فداء لتحرير فلسطين, مستذكرا بلاده التي هُجِّر منها بصمت, ودموع الحنين تتلألأ في عينيه, كأنه يستعرض في مخيلته شريطا من الذكريات الجميلة, التي أضحت حزينة.
يمشى للأمام خطوة والصمت يخيم عليه, ويضع يديه خلف ظهره, مع تنهيدة وجع مر "آه", رسمت على ملامحه خارطة دولة فلسطين.
ويشير بيديه إلى السياج الفاصل, يحدث الشباب عن بلادنا وعن شجيرات اللوز وسنابل القمح, ويقول "الأرض كانت خضراء جميلة, كنت ألهو أمرح بين بساتينها, كانت مصدر الدخل لبيتنا, كنا نزرع فيها المحاصيل الصيفية والشتوية, كالبطيخ والقمح والشمام والحبوب, وكنا نتصدق بجزء من خيراتها للفقراء والمحتاجين من الجيران والأقارب".
الشباب التفوا حوله فبدأ يحمسهم: " أنتم المستقبل"، " بسواعدكم سنرجع أراضينا"، لرفع الروح المعنوية لديهم.
وأخبرهم أن "ما أخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة, صحيح أن جيش الاحتلال يمتلك الطائرات والدبابات, الا أنَ تمسكنا بحقوقنا, أقوى من دباباته وأسلحته فنحن هنا أصحاب حق".
وقال: "رغم وقوف الولايات المتحدة وبعض الدول إلى جانب (إسرائيل), سنقف لهم كالحوت في البحر, سنبقى شوكة في حلوقهم".
وكان لتواجد الحاج أبو ديب, الذي يمتلك 500 دونما في النقب المحتل طابع مميز ومثير للحماس عند الشبان المشاركين في المسيرة, ودافعا للصمود والثبات في وجه المحتل.
ويشارك الغزيون, منذ الثلاثين من مارس / آذار الماضي, في مسيرة سلمية على بعد أمتار من السياج الفاصل بين قطاع غزة والأراضي المحتلة عام 1948 للمطالبة بالعودة إلى أراضيهم المحتلة.
ومن المقرر أن تبلغ مسيرة العودة السلمية ذروتها في 15 مايو المقبل، الذي يوافق الذكرى الـ70 لنكبة الشعب الفلسطيني.
ويأمل أبو ديببالعودة الى دياره التي عاش فيها طفولته, وذكرياته الجميلة.