فجأة أصبح عقد المجلس الوطني واجبًا وطنيًا, وضرورة ملحة لإنقاذ منظمة التحرير والتمسك بالثوابت الوطنية من الأشرار، هكذا هو سبب الدعوة التي وجهت لأعضاء المجلس الوطني المجهول عددهم للمشاركة في جلسة المجلس نهاية الشهر.
بينما الأنظار تتجه نحو الحدود الشرقية لقطاع غزة ومخيمات العودة المتواصلة، وانتظار مجريات الأحداث منتصف آذار القادم, جاءت الدعوة للمشاركة في شق الصف الوطني وإشغال الساحة بالمناكفات وحرف الأنظار نحو الداخل بعد أن قام الشبان بتوجيهها نحو وجهتها الحقيقية, وهو الاحتلال وجلب التعاطف الدولي ورص الصف الوطني خلف المسيرات الشعبية السلمية على حدود غزة وإفشال صفقة القرن.
الحديث يطول عن اهتراء المجلس الوطني, الذي يغلب على أعضائه الموتى والعواجيز ومغتصبي الشرعية الفلسطينية كما وصفهم قيادات وازنة من قيادة المنظمة سابقًا وحركة فتح حاليًا, وآخرهم حسام خضر القيادي والمناضل المعروف ووصف القيادة الحالية بأوصاف واضحة، بينما اعتبر جزء آخر أنها جزء من الصراع الدائر على خلافة عباس.
لم يعد الحديث مجديا عن شيخوخة المجلس الوطني وما ينبثق عنه من مجلس مركزي ولجنة تنفيذية لا يتجاوز تمثيل بعضهم لعدد أفراد الأسرة الواحدة، في ظل مقاطعة قوى وفصائل وازنة مثل حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية.
حرف الأنظار عن حقيقة الإجراءات العقابية التي يمارسها عباس والحمد الله خلال الأشهر الأخيرة والتي بلغت ذروتها بقطع رواتب الموظفين من غزة , ومرتبات الشهداء والجرحى والأسرى صرفها للضفة الغربية فقط دون غزة.
كل ذلك يقود نحو تشكيل مجلس وطني للضفة الغربية بعيدًا عن غزة, للدخول في صفقة القرن لصالح الاحتلال، ليمثل المجلس الافتراضي القادم المحلل لتمرير صفقة القرن مع الاحتلال, وتمثيل جزء قليل من حركة فتح وبعض الفصائل والشخصيات المنتفعة من السلطة والمشاريع الاقتصادية الإقليمية وفي مقدمتهم أسرة عباس.
كل ما يحدث يخدم أجندة الاحتلال في استمرار وعزل قطاع غزة وحمايته من الملاحقة عن جرائمه التي يرتكبها وآخرها قتل الزميل الصحفي أحمد أبو حسين والعالم الكبير د.فادي البطش رحمهما الله، وعشرات الشهداء, بينهم الأطفال على حدود غزة، وحرف الأنظار الدولية نحو عقد المجلس الوطني وترك الاحتلال يرتكب جرائمه ضد غزة ومصادرة الأراضي وتهويدها في القدس.
مهما كانت النتائج المترتبة على اجتماع بعض الأشخاص في المقاطعة للادعاء للإعلان عن انعقادهم, تحت مسمى المجلس الوطني لن تغير من حقيقة الأمر شيئا، حيث إنهم لن يمثلوا الشعب الفلسطيني ولا يعبرون عنه، ولن يغيروا من حقيقة أنهم يجلسون في ظلال الاحتلال وبحمايته وأن الضفة الغربية يحكمها المنسق الأمني للاحتلال ويديرها التنسيق الأمني.