قائمة الموقع

​منذر أبو علي.. أُصيب مرّتين في "تحدي النضال"

2018-04-21T09:10:56+03:00
تصوير محمود أبو حصيرة

"سأريك أني مناضل أكثر منك".. يتحدى "منذر" والده الذي قارع المحتل بين أزقة المخيم حينما كان قطاع غزة محتلا في ثمانينيات القرن الماضي.

تربى الشاب على القصص البطولية لأبيه الذي اعتقله الاحتلال أكثر من مرة، وأُصيب في الانتفاضة الأولى عام 1987، ولكي يثبت لأبيه أنه ليس وحده من ناضل، عزم على المشاركة في مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار، في مخيم العودة المقام في موقع ملكة شرق مدينة غزة، كل يوم جمعة منذ انطلاقها في 30 من مارس الماضي الذي صادف ذكرى يوم الأرض.

مناضل

"منذر أبو علي" شاب في الرابعة والعشرين من عمره، يقطن في مخيم الشاطئ، أصيب في كلتا قدميه برصاص حي متفجر، أدى إلى بتر إحداهما، خلال مشاركته في مسيرة العودة الكبرى يوم الجمعة الذي وافق 13 من أبريل الجاري.

وهو يرقد على سريره في مجمع الشفاء الطبي، تحدث أبو علي لـ"فلسطين" عن إصابته البليغة التي أدت إلى بتر قدمه اليمنى، يقول: "دخلت في تحدٍ مع والدي الذي كان أصغر أسير في سجن الاحتلال في الثمانينيات، ولم يكن عمره يتعدى 14 عاما، وقلت له إنني سأشارك في مسيرة العودة لأثبت له أنني مناضل مثله، فظن أنني أمازحه ولم يتخيل أن أعود إليه بقدم واحدة".

ويضيف: "حينما رآني مصرا على الذهاب إلى الحدود لم يمنعني، ولكن أمي خافت أن يصيبني مكروه، خاصة بعدما أُصبت في الجمعة الثانية للمسيرة بطلق ناري، ولكن كانت إصابتي طفيفة، فأغلقت عليّ الباب، ولكني تمكنت من الهرب".

"يما بدي أرجعلك شهيد، إذا مش الجمعة هده، اللي وراها".. قال جملته وخرج موصدا الباب خلفه بعد أن حضّرت له طعام الغداء، استقل سيارة أجرة أوصلته إلى موقع "ملكة" حيث المسيرة، وشارك في إشعال إطارات السيارات مع الشباب المصممين على العودة إلى أراضيهم المحتلة، وسرعان ما أصابته رصاصة انطلقت من فوهة بندقية قناص إسرائيلي تمركز خلف السياج الحدودي.

العين بالعين

"بعد إصابتي الأولى أخذت قسطا من الراحة في البيت، من يوم الجمعة حتى الجمعة التي تليها، وتحاملت على جراحي وعاودت مرة أخرى للمشاركة في المسيرة، ولكن هذه المرة لم تسلم قدمي فقد دخلت الرصاصة المتفجرة من قدمي اليسرى واستقرت في القدم اليمني وأصابتها بتهتك منع الأطباء من إعادة الحياة لها، فقرروا بترها حفاظا على حياتي".. وفق أبو علي.

إخبار شاب في مقتبل العمر ببتر قدمه ليس بالسهل، وكذلك إخبار أهله، فمثلا والده تلجم أمام هذا المشهد، وتاهت منه الكلمات خوفا من تضرر نفسية ابنه من الحدث المفصلي الذي قلب حياته وغير مجراها.

يقول أبو علي متبسما: "حينما أفقت من البنج وجدت أبي أمامي، فسألته: هل قطعوا قدمي؟، فلم ينطق بأي كلمة، فتحسست قدمي، ولم أجدها، حينها تمالكت نفسي وسألته: لماذا هذا الخوف؟".

ويضيف: "وقدمي اليمنى لم تسلم أيضا، فهي مصابة ولعلاجها قام الأطباء بتركيب البلاتين لكي تتعافي، ولكني لا أستطيع المشي عليها لأن وضعها ليس مستقرا تماما".

وبنبرة إصرار، يتابع أبو علي: "ربما أعود إلى الحدود في الجمعة القادمة لأشارك في المسيرة، فلن أرضى أن يكون هناك من هو أكثر نضالا مني".

"العين بالعين، والسن بالسن، والبادئ أظلم".. ختم "أبو علي" حديثه بهذه الكلمات متحديا الاحتلال بمواصلة الطريق حتى العودة إلى الديار التي هجر أجداده منها قسرا.

اخبار ذات صلة