نسعى دائمًا إلى التواجد في منطقة الراحة، ولكن تحتم علينا بعض الظروف والبيئة المحيطة اتخاذ قرار يسبب الخوف والقلق لنا، وهو قرار التغيير سواء كان سلبًا أو إيجابًا، ولكن في أغلب الأحيان هذا القرار لا يُتخذ بدون وجود أسباب ودوافع، فما هي تلك الأسباب والدوافع التي تدفع الشخص إلى التغيير الإيجابي أو السلبي؟، السطور التالية تحمل إجابة على هذا السؤال وغيره..
تعامل الآخرين
"فادي عوض" ذو الثلاثين عامًا، اتخذ قرارًا بالتغيير، وكان الدافع هو الآخرين الذين يعيشون حوله، وقال: "اتخذتُ قرار التغيير وأنا بكامل قواي العقلية والعاطفية، ولكن أحيانًا يكون اتخاذه إجباريًا".
وأضاف: "كان الدافع الأساسي وراء التغيير هو علاقاتي مع الآخرين، تسامحي وطيبتي، ولكن المؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين، فتمسكي ببعض الناس كان يدفعني للتنازل عن بعض حقوقي، ولكنهم أصبحوا يتمادون في تعاملهم السيئ معي، لا يحسبون حسابًا لما قد يسببه لي تصرفهم وحديثهم من أذى نفسي".
وأوضح عوض أنه اتخذ قرار التغيير فجأة وأصبح يقف لمن يؤذونه بالمرصاد، ولم يعد يتنازل عن حقه، حتى أصبحوا يقولون له: "أنت متغير، ما كنت هيك"، مبينا أن الظروف هي التي تدفع الشخص لاتخاذ قرار يغير بسببه بعض صفاته وتصرفاته.
التجربة الفاشلة
بينما ترى سعاد مصلح (27 عامًا) أن التغيير غالبًا ما يصبح ضروريًا بعد خوض تجربة فاشلة، فيتحتم على الشخص أن يحدد موضع الخلل ويتخذ قرارًا لحل المشكلة، بعد أن خاض تجربة عرّفته على بعض السلبيات والإيجابيات.
وبينت أن قرار التغيير قد يكون دافعه داخليا من قرارة النفس، أو خارجيا بسبب الظروف المحيطة بالفرد.
وقالت: "في كثير من المواقف كنتُ أشعر أني أقل ممن هم حولي، ضعيفة الشخصية، وغير متمسكة بآرائي ومعتقداتي، ومن السهل تغيير وجهة نظري بما يتوافق مع مصالح المحيطين بي، وما زاد الأمر تعقيدًا أني فشلت في تحقيق ما أصبو له في الثانوية العامة، فعزمت أمري على التغيير الداخلي أولاً ليظهر بعدها التغيير الخارجي".
دوافع التغيير
من جهته، قال أخصائي التنمية البشرية محمد الرنتيسي: "تأتي الرغبة في التغيير بفعل عدة أسباب، كما أنها تمر بمراحل حتى تصل إلى اقتناع الشخص بأن الوضع الحالي لا يلبي احتياجاته النفسية".
وأضاف لـ"فلسطين" أنه لا يمكن تقييد الإنسان بمعايير ونظريات عامة، بل هناك أيضًا دوافع داخلية وخارجية تختلف من شخص لآخر، بالإضافة إلى الحالة النفسية للفرد التي تؤثر بالسلب أو الإيجاب عليه لتدفعه إلى التغيير والذي يمكن أن يحصل بسبب تفاعل الإنسان مع الآخرين بطريقة تجعله يستجيب للمؤثرات الخارجية.
ونوه الرنتيسي إلى أن البيئة الإيجابية جدًا قد تُحدث تأثيرًا سلبيًا على الشخص بسبب استجابته بطريقة سلبية، كما أن البيئة السلبية غالبًا ما تحدث تأثيراتها السلبية في الناس، ولكن أحيانًا تُخرج المبدعين.
وبين: "لذلك لا يمكن وضع الكل في بوتقة واحدة، فالبيئة قد يتفاعل معها الإنسان سلبًا أو إيجابًا، فالأخوان اللذان يعيشان معا نفس الظروف ويتفاعلان معها قد تختلف تصرفاتهم سلبًا وإيجابًا".
وأوضح الرنتيسي أن البيئة لها تأثير كبير في إحداث التغيير الذي هو نتاج عمل دؤوب للشخص من أجل فهم ذاته وتوضيح الطريق والهدف والغرض الذي يريد أن يصل له، وهذا يعتمد على قوة الشخص وهدفه في الحياة.
وبحسب الرنتيسي: "هناك عدة أشكال لاتخاذ قرار التغيير، فالبعض يغير من نفسه بعدما يمر بموقف يكون بمثابة منعطف في مسار حياته مثل المرور بصدم أو بمشاكل صعبة، والبعض الآخر لا يوجد في حياته منعطفات، ولكنه دائم التقييم لنفسه بسبب التجارب الحياتية، وهذا التغيير غير المفاجئ ينمو مع التقدم في العمر، والمرور بالخبرات".
ولفت إلى أنه من المهم أن يكون التغيير متأصلًا، وأن يأتي عبر مراحل من التفكير، وأن يكون مدعّمًا بأفكار ومعلومات، مشيرا إلى أن "التغيير السلبي ليس له أرضية، وغير مقنع لصاحبه، وقد يتم توجيهه بطريقة غير صحيحة".