حينما تسمع زوجا يمدح زوجته بذكر بعض محاسنها كأن يقول: "هي سندي في الحياة، وكانت تقويني حين ضعفي، وصبرت كثيرا"، قد يتملكك الاستغراب للوهلة الأولى، لأن ما تسمعه شيئا غير مألوف مجتمعيا، فليس من المعتاد أن يمدح رجل زوجته ويخرج عن عباءة "العيب" والخجل الاجتماعي ولا يخشي من كِبر زوجته بسماعها لكلمات مديحه.
يرونه غير مقبول
"إيناس عيسى" متزوجة وأمٌ لخمسة أطفال، قالت: إن الرجال نادرا ما يمدحون زوجاتهم أمام الغير، لأنهم يعتبرون ذلك عيبا، أو لأنهم يخجلون، أو لا يجدون التعبير عن مشاعرهم الإيجابية تجاههن أمام الناس مقبولا.
وأضافت لـ"فلسطين": "المجتمع لا يتقبل فكرة أن يتحدث الزوج عن محاسن زوجته أمام أصدقائه أو حتى أقاربه، حتى لا يكون موضع استهزاء وسخرية منهم، رغم أنه مديحه تعبير عن الواقع الذي يعيشه وليس مجرد كلام منمق من وحي الخيال".
مفعول السحر
بينما قالت دعاء أبو سيف: "الرجال لا يجيدون التعبير عن مشاعرهم لزوجاتهم، وبالتالي لن يتجرؤوا على مدحهن أمام الناس"، مضيفة: "لا يعرف الأزواج أن هذا المديح يعلّي من مكانتهم في قلوب زوجاتهم ويرمم كثيرا من العلاقات الزوجية المتصدعة، فربما كلمة مديح واحدة يكون لها مفعول السحر في التقريب بين الزوجين".
التكبر!
أما نيرمين ياسين فقالت: "كلمات المدح التي يقولها الزوج تعبيرا عن إيجابيات زوجته لها أثر كبير في رفع معنوياتها، وكذلك يزيد من تقديرها له ويقوي العلاقات بينهما، لأن المعتاد أن نسمع عبارات مدح السيدات لأزواجهن وليس العكس، فبعض الرجال يخافون مثلا من تكبر زوجاتهم عليهم، ولكن في الحقيقة أن المديح يفعل العكس".
وأضافت: "لماذا لا ينظر الرجل لمدحه لزوجته على أنه ردٌ لجزء من الجميل ووفاء لتضحياتها من أجله هو وأبناؤه، ومقابلٌ معنوي لصبرها على كثير من الأزمات لكي تحافظ على بيتها وأسرتها".
أثرٌ وانطباع
وبين الأخصائي النفسي إياد الشوربجي أن مدح الزوج لزوجته سيترك أثرًا إيجابيًا في داخلها، وسيعطي الآخرين انطباعًا عنها بأنها إنسانة معطاءة وصبورة، سواء كان ذلك بأن يوجه الكلام الجيد لها مباشرة، أو من خلال حديثه مع أصدقائه أو أقارب زوجته كأن يثني عليها ببعض العبارات الإيجابية وحتى إذا كان المدح في غيابها، كالقول إنها: "حريصة على أبنائها.. غير مقصرة.. وقفت بجانبي وقفة قوية".
وأوضح الشوربجي لـ"فلسطين" أن مدح الزوجة في غيابها يجعل مكانتها ترتفع عند من يسمعون، وينعكس أيضا على شخصيتها، إذ تشعر أن زوجها يقدّر ما تفعله، وتشعر بالسعادة وانشراح الصدر.
ولفت إلى أن طبيعة الإنسان، بشكل عام، تميل إلى سماع المدح من الآخرين وتسعد بذلك، ولكن البعض يخاف من الحسد أو تدخل الآخرين في الخصوصيات.
وأشار الشوربجي إلى أن الزوج بذكر حسنات وإيجابيات زوجته يكون قدوة حسنة لأصدقائه باستعمال الأسلوب الحسن في التعبير عن المشاعر الجيدة، وهذا المديح سيزيد من عطاء الزوجة.
ونبه إلى أن بعض هذا المديح ربما يساهم في تحسين علاقة أزواج آخرين بزوجاتهم، وكأن يستفيد من يسمع المديح من التجربة، ويمكن أن تكون رسالة غير مباشرة للزوج الذي يسمع ليطبق بعض الإيجابيات التي يتم الحديث عنها مع زوجته.
ونوه الشوربجي إلى أن المدح لا يكون أمام أي شخص، بل لا بد من انتباه الرجل إلى طبيعة ونفسية من يتحدث إليهم، فقد تقع في أنفسهم الغيرة بفعل كلمات المديح، وربما يتطور الأمر إلى سعيهم للانتقام.
وشدد الأخصائي النفسي على أن عبارات المديح يجب أن تكون في إطار لا يمس الحياة الخاصة، بذكر الحسنات والإيجابيات التي تتميز بها الزوجة، وبالتركيز على رعايتها لأبنائها ومساندتها لها في أزماته كالأزمات المالية التي يتعرض لها والأمور لها علاقة بالحياة اليومية.
وقال الشوربجي: "ما بين الثقة بالنفس والكِبر شعرة، وقد يمتنع بعض الأزواج عن مدح زوجاتهم خوفا من تكبرها، ولكن إذا كان المديح في حدود المعقول فلا بأس، وسيكون وقعه إيجابيا على الزوجة".