شهدت مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى سلسلة انتهاكات مركبة من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي في عام 2016، وكانت الاقتحامات فيه للمسجد المبارك قياسية.
وتميز عام 2016 بالاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى من جهة باب المغاربة الذي تسيطر عليه قوات الاحتلال الإسرائيلي، بشكل يومي بواقع أربع ساعات ما عدا يومي الجمعة والسبت.
وبحسب ما أفادت به دائرة الأوقاف في القدس المحتلة فإنه خلال العام الماضي وصل عدد مقتحمي المسجد المبارك قرابة 14900 من المستوطنين والحاخامات اليهود وضباط مخابرات الاحتلال بلباس مدني وعناصر من جيش الاحتلال بلباس عسكري، وخبراء من سلطة الآثار والسياحة في حكومة الاحتلال، وطلاب مدارس وجامعات إسرائيليين، وأعضاء منظمات "الهيكل" المزعوم، وهذا الرقم من المقتحمين يفوق أعداد المقتحمين من الأعوام السابقة.
وأشارت دراسة إسرائيلية إلى أن عدد المقتحمين تزايد في عهد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، بنسبة 200% من عام 2009 وحتى نهاية 2016.
وشهد عام 2016 تغولاً في ملاحقة موظفي الأوقاف وحراس المسجد الأقصى، واعتقالهم وإبعادهم وإصدار الأحكام القاسية بحقهم، والاعتداء عليهم بالضرب، والتنكيل بالمصلين عند توجههم للصلاة في المسجد الأقصى وعلى الأبواب الرئيسة.
بدوره، قال الخبير في شؤون الاستيطان خليل التفكجي مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية: إن مدينة القدس في عام 2016 تعرضت لمشاريع استيطانية على كامل الجغرافيا فيها وفي معظم مداخلها، وفي عام 2020 سيكتمل حزام التهويد ببناء 58 ألف وحدة استيطانية.
وبذلك تكون حكومة الاحتلال حسمت مستقبل القدس المحتلة بالكامل، فالمستوطنات القريبة ستكون ضمن المدينة وربطها بالقطار الخفيف وقطار بين "تل أبيب" والقدس، وتبقى قضية المقدسيين في طرح حلول للتخلص منهم كما يصرح قادة أحزاب في الدولة العبرية يجمعون على قضية القدس، وسيكون عام 2017 ثقيلاً على المدينة المقدسة وأهلها لأن مخطط الاستيطان فيها يسير بدون عقبات، كما يضيف التفكجي لـ"فلسطين".
وكان مشروع قانون طرح في "الكنيست" الإسرائيلي، لمنع الأذان في مساجد القدس وأراضي الـ48 المحتلتين، وهو ما أثار ردود فعل فلسطينية وعربية مناوئة له.
وقال رئيس الهيئة الإسلامية الدكتور عكرمة صبري: "في عام 2016 حاول الاحتلال قياس ردة الفعل تجاه قوانين عنصرية مثل قانون المؤذن لمنع الأذان في القدس، لأن الاحتلال وحكومته اليمينية تعتقد أن القدس عاصمتهم حسب ادعائهم وكذبهم، لذا فالمقصود أولاً مآذن المسجد الأقصى والقدس وبعدها مآذن فلسطين، وقد جدد الكل الفلسطيني بيعته تجاه القدس والأقصى ومساجد فلسطين، حتى الكنائس صدح فيها صوت الأذان فجن جنون الاحتلال، ويحاول الآن الاحتيال والالتفاف على هذا القانون بتأجيله وليس إلغاءه".
من جهته، أشار مدير المسجد الأقصى عمر الكسواني، إلى هدف الاحتلال من مصادرة جزء من مقبرة الرحمة لضمها إلى ما يسمى "الحدائق التوراتية"، وقال لـ"فلسطين": "حاول الاحتلال في 2016 إزالة قبور في مقبرة الرحمة التي تحيط بالمسجد الأقصى من الجهة الشرقية والشمالية وفيها باب الرحمة المغلق منذ عهد صلاح الدين الأيوبي، ويأتي هذا التهويد لعدة أسباب منها فتح باب الرحمة في السور الخارجي وإقامة كنيس في المنطقة الشرقية المهجورة بقرار من الاحتلال، وهذا الأمر الخطير تم التصدي له، إلا أن مخطط الاحتلال قائم لاقتطاع جزء من مقبرة الرحمة وفتح الباب التاريخي لمآرب تهويدية خطيرة".
وأضاف الكسواني لـ"فلسطين": "هناك مشاريع تهويدية حول المسجد الأقصى مثل بناء بيت شطراوس في ساحة البراق، ومخطط بيت الجوهر اليهودي في أقصى ساحة البراق الغربية ومشروع الهيكل التوراتي في المنطقة الجنوبية للمسجد الأقصى بالقرب من وادي حلوة".
بدوره، اعتبر رئيس قسم المخطوطات في المسجد الأقصى رئيس ناجح بكيرات، إقرار التقسيم الزماني بتحديد أوقات الاقتحامات من السابعة صباحًا حتى الثانية عشرة ظهرًا، وإمكانية زيادتها حتى الساعة الثانية، أمر كارثي سيجعل الاحتلال يتغول في التقسيم المكاني.
وقال بكيرات لـ"فلسطين": "مواجهة المقدسيين والمرابطين لمخططات الاحتلال لها سقف، والاحتلال يراهن على إجراءات أمنية تقلل من حدة ردود الأفعال فحارب ظاهرة الرباط وشد الرحال، وحظر الحركة الإسلامية في الداخل، وشل كل الجهود والفعاليات التي تدعم المسجد الأقصى، والمؤسسة الأمنية الصهيونية تطبق مخططاتها دون كلل أو ملل، وما يتم تأجيله يأتي في سياق اختيار الظروف الراهنة".
وخلال 2016، جرت حملات اعتقال واسعة وغير مسبوقة في صفوف المقدسيين، وصدور أحكام بالسجن الفعلي لعدة سنوات بحق أطفال مقدسيين، وهو ما اعتبره رئيس لجنة الأسرى في القدس أمجد أبو عصب "حربا شرسة طالت الصغار والكبار والنساء".
وأشار أبو عصب في تصريح لـ"فلسطين"، إلى أن 125 طفلاً مقدسيًا ينتظرون محاكمات عنصرية كونهم يدافعون عن المسجد الأقصى، وأكثر من 500 معتقل مقدسي، وصدر بحق أطفال أحكام جائرة وصلت إلى 12 سنة في سجون الاحتلال، كما حدث مع أحمد مناصرة وإسراء الجعابيص، وغيرهم من الأطفال المقدسيين.
وقال: "نحن أمام عام ثقيل على المقدسيين من حيث الاعتقالات والهدم والاستدعاءات والإبعاد عن القدس والمسجد الأقصى وتحويل منازل المقدسيين إلى سجون بالحبس المنزلي للأطفال وفرض الغرامات الباهظة".