فلسطين أون لاين

الحاجة "أبو جامع".. تحلم بالعودة لـ"بئر السبع" وتقبيل ترابها

...
خان يونس- أحمد المصري

تحضر الحاجة مرزوقة أبو جامع باكرًا لمخيم العودة شرق مدينة خان يونس مع أحد أبنائها، وتجلس على باب إحدى الخيام المنصوبة في المكان، ترقب بعينيها الأرض المحتلة، والشبان الثائرين المنتفضين في وجه جنود الاحتلال الرابضين خلف التلال الرملية بالقرب من السياج الفاصل مع قطاع غزة.

مجيء الحاجة أبو جامع (63 عامًا) موعد لم يتغير كل يوم جمعة في مخيم العودة، تصلي صلاة الجمعة مع جموع الناس، وتقضي في المخيم طوال النهار حتى ساعات المساء المتأخرة، دون ككل أو ملل.

تجد أبو جامع في المخيم إشارة حتمية للعبور نحو الأرض المحتلة عام 1948، لما تراه في عيون الشباب والشيوخ والنساء من إصرارٍ واندفاع، وعدم خشيتهم من بطش جنود الاحتلال ورصاصهم، وقنابلهم المسيلة للدموع التي لم تتوقف في المكان لحظة واحدة.

تحلُم بالعودة لمدينتها المحتلة "بئر السبع" جنوب فلسطين المحتلة، وتأمل أن تُقبل ترابها قبل مماتها، حيث مضى قطار العمر سريعًا بها، ولا يزال المحتل متبجحًا يسيطر عليها ويرفض عودة أصحابها إليها.

يملك والد الحاجة أبو جامع 360 دونمًا في مدينة بئر السبع وحده من بين أشقائه، كانت لوحة أو قطعة من الجنة كما روى لها بعد النكبة، وزرع فيها كل ما تشتهي الأنفس من ثمرات وخضرة، بينما جرت بين جنباتها آبار المياه.

تقول: "نُزع هذا الخير كله منا ووُهِب للمستوطنين اليهود، هم يتمتعون بالأرض والأموال ونحن نعيش على كابونة وكالة (أونروا) كل ثلاثة أشهر مرة واحدة، لا تسمن ولا تغني من جوع"، مضيفة: "لا عودة عن حق العودة، فالوقت آن وحان".

وتتمنى أبو جامع الشهادة، ولا تخشى الرصاص والغاز المسيل للدموع المتناثر في مخيم العودة شرق خان يونس، وتصر على العودة للمكان يوم الجمعة القادمة، والاستمرار في المشاركة والاعتصام حتى النهاية.

وترى أن خطوة إقامة مخيمات العودة شرق قطاع غزة كان ولا بد أن تنفذ من وقت طويل، وأن يُذكر العالم بحجم الجريمة التي اقترفت بحق من تم طردهم من بلداتهم ومدنهم المحتلة، وحجم الظلم الذي فرض عليهم بعدها.

سنوات طويلة صمت الفلسطينيون المهجرون من أرضهم، وخرس العالم منذ 70 عامًا على الجريمة كما ترى الحاجة أبو جامع، وأن استمرار صمت الفلسطينيين وعدم تحركهم لن يغير من الواقع شيئًا، وستبقى حالة اللجوء إلى ما لا نهاية.

وتأمل ألّا يبقى لاجئ فلسطيني في قطاع غزة جرى تهجيره من فلسطين المحتلة إلا ويشارك في مسيرة العودة ويعتصم داخل المخيم، وأن تُنقل كلّ مناحي الحياة لهذا المكان وبشكل يومي ليشكل إنذارًا للجميع عنوانه أن العودة حتمية.

ولا ترى الحاجة أبو جامع أي أرض أو مكان من الأماكن من الممكن أن تكون بديلة عن بلدتها ومدينتها بئر السبع، وأن تعويضها بأموال الأرض كلها مقابل بديل عن العودة لبئر السبع لن تقبل به مطلقًا.

وتدعو الله أن يحقق وعده للمسلمين بطرد اليهود وكنسهم عن أرض فلسطين وتحرير مدينة القدس المحتلة، وإنهاء كلّ ألوان الظلم الذي يمارسه الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني منذ 70 عامًا.