بأجساد هزيلة لم تذق طعم النوم أياما متتالية ، وعيون منتفخة يملؤها الحزن تطالع نافذة زجاجية تعتلي باب غرفة العناية المركزة في مشفى الشفاء بمدينة غزة ، يقف عشرات أهالي المصابين بجراح خطيرة خلال مسيرات العودة أمام باب الغرفة لساعات طويلة للاطمئنان على صحة أبنائهم .

ويقضي أهالي المصابين رحلة عذاب طويلة لا متناهية ، بدءا بتلقيهم خبر الإصابة وصولا إلى المبيت أمام باب غرفة العناية المركزة لانتظار أي جديد على حالة أبنائهم الصحية و السماح لهم برؤيتهم .

وقال الستيني منير الهسي والد الجريح تيسير الهسي :"منذ لحظة إصابته الجمعة الماضية بقدمه برصاص متفجر في قدمه على الحدود الشرقية شمال قطاع غزة، لم نفارق أنا ووالدته وزوجته وابنه الذي لم يتجاوز الخمس سنوات باب العناية المركزة منتظرين مواعيد الزيارة للاطمئنان على صحته ".

وأوضح أن الزيارة اليومية لا تتعدى الخمس دقائق يطمئنون فيها على وضعه الصحي ، ثم يخرجون للوقوف أمام الباب ، مشيرا إلى أنه ترك عربة الكعك التي تمثل مصدر دخلهم الوحيد للبقاء بجانب ابنه .

وتابع :" أجريت له أربع عمليات جراحية آخرها لم يخبرنا الأطباء بإجرائها، خوفا من انهيارنا كما في حدث معنا أثناء عملياته السابقة ".

فصول معاناة الانتظار تمتد لـ 106 جريح من جرحى مسيرة العودة من اصابات خطيرة من بين 3078 مصاب ، فيما وصل عدد الشهداء إلى 30 شهيدا .

أما والدة الجريح محمد الهسي المصاب بكلتا قدميه جراء اختراق عيار ناري لهما خلال مشاركته في مسيرة العودة ، فأعربت عن قلقها على وضعه الصحي بعد حدوث نزيف داخلي معه نقل على إثره لغرفة العناية المركزة .

وقالت :"سلامته بالدنيا كلها " لذلك تركت البيت أنا ووالده ، ونبيت أمام غرفة العناية المركزة مفترشين الأرض لمتابعة حالته الصحية " .

من جانبه ، أوضح رئيس غرفة العمليات بمشفى الشفاء جهاد الجعيدي أن الزيارة للمصابين في غرفة العناية المركزة محدودة لا تتجاوز الدقيقتين لصعوبة وحرج وضعهم الصحي ، وخشية من انتقال العدوى لهم بسبب ضعف المناعة لديهم .

وتابع :" وقت الزيارة يستغل للاطمئنان على وضع المريض الصحي فقط لأنه يكون مجهدا ، ونضع أهالي المصابين في صورة أوضاع أبنائهم الصحية أولا ، مقدرين خوفهم على أبنائهم "، منوها إلى أنهم يحاولون إفراغ قسم العناية المركزة قبل كل جمعة تحسبا لوصول أعداد كبيرة من الإصابات .