فلسطين أون لاين

​والله "وقصّينا" السّلك

...
كتبت - حنان مطير

يقولها الشاب جمعة مرجان البالغ 20 عاماً، مندفعاً بابتسامةٍ واسعةٍ "والله وقصّينا السلك.."، راويًا الحكاية أمام مجموعةٍ من الشباب المشاركين في مسيرة العودة الكبرى والجالسين على التّلّة العالية المقابلة للسياج الحدودي الشرقي الذي يفصل بيت لاهيا شمالاً عن الأراضي الفلسطينية المُحتلة.

تحدّثت إليه "فلسطين" ليخبرها أن الأمر لم يكن مخيفاً له، وهو اللاجئ من قرية "كوكبة"، ولا لأصدقائه الخمسة، بل شعور بالتّحدي للاحتلال ولدباباته ومدرّعاتِه الضخمة كان ينتابه، وفق قوله.

ويروي: "لمعت الفكرة في رأس أحد أصدقائي في جِلسةٍ شبابية مسائية في مكان سكننا في مخيم جباليا فقلت لهم: "رِجال ونعملها.."، فكان اتّفاقنا أننا سنقوم بقص جزء من السلك في جمعة "الكوتشوك".

وبالفعل أحضر مرجان أربع قطّاعاتٍ احتفظ بأحدها، ووزّع الثلاث الأخريات على أصدقائه، وانطلقوا جميعاً إلى السلك الحدودي عند تلّة أبو صفيّة ودخان الإطارات المشتعلة تملأ سماء الحدود، وفق حديثه.

يوضح: "قطعنا مربعاً يقارب النصف متر طولا وعرضًا، بعد أن تأكّدنا أن القناص الإسرائيلي بعيدٌ عنّا، لكننا توقفنا عن القصّ بعد إصابة صديقنا بلال مسعود في ذراعة وساقه ونقلِه إلى المستشفى".

ويقول: "إنه يرقد في العناية المركّزة وندعو له الله أن يسلِّمه، فقد كان متحمساً جداً لتلك الخطوة".

ومنذ اليوم الأول لمسيرات العودة يأتي مرجان وأصدقاؤه يومياً من معسكر جباليا إلى أقصى الشرق من بيت لاهيا مشياً على أقدامِهم، للمشاركة في تلك المسيرات، فهم كما يقول: "لن نكلّ أو نملّ من القدوم للحدود، ورسالتنا للعالم بأننا شعبٌ سرق الاحتلال أرضه وهجّر أهلها بقوة السلاح لا بد وأن تصل على حقيقتها".

ويضيف: "تلك الرسالة تزعج الاحتلال، فتدفعه لقتل الصحفيين المدنيين الذين لا يحملون سلاحاً غير كاميرا تكشف إجرامِهم".

أما والدة مرجان المُهجّرة من قرية حمامة، فتنتظر يوم الجمعة على أحرّ من الجمر لتأتي إلى الحدود مشارِكةً في مسيرات العودة السّلمية، فهي كما يصف: "حماميّة جبّارة وقويّة لا تخاف أحداً، إنها تحلم أن تعود لبلادِها التي لم تتوقف عن الحديث لنا عنها يومياً".

ويبين: "في جمعة الكاوشوك جاءت أمي برفقة أخواتي ونزلْن جميعاً باتجاه الشرق حتى وصلن شارع جَكَر، وعُدنَ من بعدها فرِحات".