حاول الاحتلال الإسرائيلي بترسانته العسكرية وجنوده المدججين بالسلاح مرارا فض التظاهرات السلمية بمخيم العودة شرق محافظة رفح، جنوب قطاع غزة.
وتعددت وسائل الاحتلال الإسرائيلي بقمع للمتظاهرين الذين جاؤوا يؤكدون على تمسكهم بحق العودة إلى أراضيهم المحتلة، فتارة يهدد الجنودُ المتظاهرين عبر مكبرات الصوت ويحذرونهم من التواجد على طول الحدود، وتارة أخرى يطلقون عليهم الغاز السام المسيل للدموع، ومرارا يطلقون الرصاص الحي عليهم دون رحمة.
إجراءات الاحتلال القمعية لم تثنِ اللاجئين الفلسطينيين عن مشاركتهم بمسيرة العودة الكبرى؛ بل شهد أرض المخيم توافد حشود جديدة.
وتوسعت مساحة المخيم لازدحامه باللاجئين والمتظاهرين، الأمر الذي دفعهم للزحف إلى أطرافه وافتراش التراب على امتداد الأراضي المجاورة له.
أما الخطوط الأمامية للمواجهات مع الاحتلال، شهدت تقدم الكبار والصغار والنساء والأطفال دون خوف، رافعين الأعلام الفلسطينية وعلامة النصر، رغم يقينهم أن الاحتلال يمكن أن يستهدفهم في أي لحظة.
وقال بشير الحمايدة الذي جاء من مخيم الشابورة للمشاركة في مسيرة العودة لصحيفة "فلسطين": "جئت لأرسل رسالة للعالم أجمع أنني لن أفرط في حق عودتي إلى بلدتي الأصلية في قضاء الرملة، التي هجر الاحتلال أهلي منها بالقوة".
وأوضح أن المشاركة في فعاليات مسيرات العودة "هي أقل ما يمكن فعله، للتعبير عن تمسكي بحقي، ومن له حق يجب أن يطالب به ويسعى خلفه بكل الوسائل المتاحة"، مؤكدا على مواصلة المظاهرات السلمية على حدود غزة للفت أنظار العالم لحقوق الشعب الفلسطيني.
ولفت الحمايدة في حديثه لصحيفة "فلسطين" إلى أن أرضنا مسلوبة ويجب أن تعود إلى أصحابها، مشددا على أن صاحب الحق لا يخاف.
وأضاف: "إن قمع الاحتلال للمتظاهرين السلميين ليس جديدا، لكننا نقول للمحتل إن شعبنا شعب جبار لا يهاب الموت ولا يخاف القمع".
من ناحيته، أوضح المسن سمير نصار الذي شارك في فعاليات مسيرة العودة برفقة زوجته وابنته، أنهم جاؤوا للتأكيد على حقهم بالعودة إلى سلمة بمدينة يافا المحتلة.
وقال لصحيفة "فلسطين" على مقربة من موقع كرم أبو سالم العسكري التابع للاحتلال شرق رفح: "خرجنا بمظاهرات سلمية لنطالب بحقوقنا وليس معنا سلاح أو قنابل، في حين يقمعنا جنود الاحتلال بالرصاص وقنابل الغاز السام".
وتابع نصار: "نريد العودة إلى بلادنا وتطبيق القرارات الأممية التي تحفظ حقنا بالعودة"، مضيفا: "إلى متى سنبقى لاجئين؟".
وأكمل حديثه: "نقف قرب الجنود ولا نخافهم، لأننا أصحاب حق، ومن لديه حق لا يهاب الموت،.. لا خوف بعد اليوم ولا يمكن العيش في ظل هذا الحصار وخنق غزة".
واستطرد وهو يشير بيديه إلى السلك الفاصل وجنود الاحتلال المتمركزين في تحصيناتهم وخلف السواتر الرملية: "هؤلاء عابرون لأنهم سارقون، أما نحن أصحاب الأرض فيها باقون متجذرون".
وأعرب عشرات المتظاهرين الذين توشحوا بالكوفية الفلسطينية ورفعوا الأعلام الفلسطينية بمسيرات العودة شرق رفح، عن تمسكهم بحق العودة وعدم التفريط به، كما أبدوا استعدادهم لتقديم التضحيات من أجل عودة أراضيهم المحتلة وتحريرها.
وفي غزة لم تكن مشاركة الطبيب أحمد شملخ، أمس، بمسيرة "العودة الكبرى"، إلا تأكيداً على حق الشعب في العودة لأراضيه المحتلة عام 1948، وأن ذلك الحق لا يسقط بالتقادم.
ورغم الرصاص الحي وقنابل الغاز المسيلة للدموع، التي يستهدف فيها جيش الاحتلال الإسرائيلي المشاركين ضمن مسيرات العودة على حدود غزة، أصرّ "شملخ"، على البقاء برفقة عدد من أصدقائه.
شملخ، وهو طبيب أسنان، يشارك في المسيرات للأسبوع الثاني على التوالي، يقول لوكالة "الأناضول": "أتيت للتأكيد على حق عودة الفلسطينيين المهجّرين إلى بلادهم المحتلة".
وأضاف: "يجب أن يعرف العالم أن الشعب الفلسطيني صاحب حق، ولن يترك حقه، ولن يسقط حق العودة بالتقادم، وسنعود لبلادنا وأرضنا".
وليس بعيداً عن شملخ، يقف جمال نعيم، قائلاً: "نقول اليوم للجميع، أن الشعب الفلسطيني لا يمارس إلا حق مكفول بالقانون الدولي، وحقنا في الأرض مقدس".
وأضاف: "رسالتنا أن ينظر إلينا العالم والمجتمع الدولي بكلتا العينين، فشعبنا مظلوم، وحقه كفلته كل الأعراف والقوانين الدولية".
ولفت إلى أن "الفلسطينيين المهجّرين يريدون العودة لأراضيهم التي سلبت على أيدي العصابات الصهيونية". وأضاف: "ونحن مشاركون في خيام العودة على حدود غزة للتأكيد على ذلك".
وتبعد خيام العودة، المقامة على طول الأراضي الشرقية لقطاع غزة، مسافة 700 متر عن السياج الأمني الفاصل.
من جانبه، قال المواطن سامح شاهين، "نحن شعب لم ننس ولن ننسى أرضنا التي هُجرنا منها".
ودعا شاهين، الفصائل الفلسطينية "إلى التوحد، للوقوف في وجه الاحتلال الإسرائيلي وكل من يريد تصفية القضية الفلسطينية".
ومن المقرر أن تصل فعاليات مسيرة العودة ذروتها في 15 مايو/ أيار المقبل، بالتزامن مع الذكرى السبعين للنكبة، وكذلك مع بدء تنفيذ القرار الأمريكي بنقل سفارة واشنطن من (تل أبيب) إلى مدينة القدس المحتلة.