قائمة الموقع

فلسطينيون يستلهمون وسائل انتفاضة الحجارة في مواجهة الاحتلال

2018-04-07T05:43:46+03:00
جانب من فعاليات مسيرة العودة أمس (تصوير / رمضان الأغا)

كان الشاب عوني أحمد وهو في الثامن والعشرين من عمره، يغطي وجهه بالكوفية الفلسطينية السمراء، وهكذا فعل عشرات الشبان خلال إشعال إطارات السيارات "الكاوتشوك"، قرب السياج الفاصل شرق مخيم البريج وسط قطاع غزة.

ركل بقدمه اليمنى أحد الإطارات المشتعلة، موجهاً إياه صوب السلك الفاصل، حيث يتواجد جنود الاحتلال الذين يعتلون السواتر الرملية، ويستعدون لقنص المتظاهرين السلميين المشاركين في مسيرة العودة.

هنا صامدون

بحذر شديد، يحاول الاقتراب رويداً رويداً نحو السلك الفاصل، بعدما تخطى ما يُسمى بشارع "جكر" الذي يبعد قرابة 300 متر عن قناصة الاحتلال، فيقول لصحيفة "فلسطين": "جئنا لإشعال الكاوشوك للتغطية على قناصة الاحتلال، والتمكن من قطع السلك الزائل".

علامات القوة والحماسة بدت واضحة عليه، حينما ردد "جئنا هنا لندافع عن أرضنا، ولن نعود إلا بعد أن نحرر كل شبر منها (..) سنبقى هنا صامدين وعزيمتنا قوية".

"أنا من بلدة بئر السبع المحتلة، وسأعود إليها بإذن الله (..) لو بدهم يقطعونا أشلاء لن نتنازل عن شبر من أرضنا"، بهذه الكلمات عبّر ما يجول في خاطره، وتمسكه بحقه في العودة إلى أرضه المحتلة".

في تلك اللحظات، ينادي عليه صديقه المنُدفع وهو يرفع علم فلسطين "يلا يا عون بدنا ننزل تحت نولع الكاوشوك"، فيقطع حديثه مع مراسل "فلسطين"، ويهرول مُسرعاً برفقة صديقه.

بضع دقائق حتى عاد إلى حيث مكان تواجدنا، فيقول رافضاً الكشف عن اسمه: "بدنا نحرر فلسطين من اليهود ونرجع للبلاد بإذن الله".

ويؤكد "سنستمر في تحركاتنا حتى تحرير بلادنا، ونحقق حلمنا برؤية أراضينا المحتلة، التي هجر الاحتلال أجدادنا منها".

هكذا هي الروح والحماسة العالية التي تمتع بها مئات الشبان السلميين المشاركين في مسيرة العودة الكبرى قرب السياج الفاصل شرق مخيم البريج، وكافة المحافظات الخمسة الأخرى.

هذه المرة ليست الأولى التي يستخدم فيها الفلسطينيون إطارات السيارات خلال المواجهات مع جيش الاحتلال، إذ جرى استخدامها في فترة الانتفاضة الأولى عام 1987 لعرقلة قمع جنود الاحتلال والتشويش عليهم.

لكن هذه المرة تُعد الأولى من حيث الحجم الضخم من العدد على أطراف شرق قطاع غزة، مع جنود الاحتلال المتمركزين خلف السياج الفاصل، حيث أشعل المتظاهرون قرابة 10 آلاف إطار على الحدود الشرقية لقطاع غزة.

وجند القائمون على الحملة، العشرات من عربات "الكارو" و"التوكتوك" وحتى المركبات لنقل الإطارات للمناطق الشرقية من القطاع.

عائدون

على بُعد أمتار من الإطارات المشتعلة التي تصاعدت منها ألسنة دخان سوداء، تتعالى أصوات الأناشيد الوطنية "عهد الله ما نرحل، أرض الثورة والثوار، نجوع نموت ولا نرحل"، حيث تتواجد عشرات العائلات داخل خيام العودة المنصوبة منذ أكثر من عشرة أيام.

رائحة البلاد تفوح من المنطقة التي يتمركز فيها المواطن أكرم غراب (50 عاماً) برفقة عائلته وأقاربه، وهو ينصب خيمة العودة، ويشعل النار تحت "إبريق الشاي"، على طريقة أجداده.

وضع غراب أمام الخيمة لوحة بيضاء كبيرة يتوسطها عبارة "عائدون إلى اسدود" وغرس طرفيها في الأرض، تأكيداً منه على تمسكه بحقه في العودة لأرضه المحتلة.

ويقول غراب لصحيفة "فلسطين": "جئنا برفقة العائلة، للمشاركة في خيام العودة، حتى نرجع للبلاد"، مُعتبرًا نصب الخيام "الخطوة الأولى للعودة الحقيقية للبلاد بإذن الله".

ويروي أنه "زار بلدته اسدود مرة واحدة برفقة جده، ومشى فيها مسافة طويلة"، يصمت قليلاً ثم يقول "من يومها وأنا قلبي متعلق في هذه الأرض، وإن شاء الله نرجع لها".

ويأمل غراب أن يعود لبلدته ويسكن فيها برفقة عائلته، موجهاً رسالته للاحتلال "أنتم قاعدين في أرض ليست ملككم، ارحلوا عنها".

تجلس المواطنة انتصار غراب (46 عاماً) بالقرب من ابن عمها أكرم، الذي حضرت معه للمشاركة في خيام العودة.

وترى غراب لصحيفة "فلسطين"، في خيام العودة أنها "الخطوة الأولى لتحرير فلسطين من الاحتلال، والتي من المفترض حدثت من زمن طويل".

وتروي غراب التي اصطحبت معها طفلتيها أنها جاءت للمشاركة في خيام العودة، لتثبت حقها في العودة لأرضها المحتلة، مضيفةً "رغم أنني لم أرها، إلا أنني أتشوق لرؤيتها، بعدما سمعت عنها من أجدادي".

"يا مغتصب اطلع من أرضنا، لأن هذه الأرض لها أصحابها، وسيعودون لها يوماً"، أرادت غراب من خلال هذه الكلمات إيصال رسالتها للاحتلال الاسرائيلي.

وتزامن إطلاق مسيرة "العودة الكبرى" في الثلاثين من شهر آذار/مارس الماضي مع إحياء الفلسطينيين ذكرى "يوم الأرض" وهي تسمية تُطلق على أحداث جرت في 30 مارس/آذار 1976، استشهد فيها 6 فلسطينيين داخل الأراضي المحتلة عام 1948، خلال احتجاجات على مصادرة سلطات الاحتلال مساحات واسعة من الأراضي.

وبحسب القائمين على المسيرات فإنها ستتواصل وصولا إلى ذروتها في 15 أيار/مايو المقبل الذي يوافق الذكرى السبعين للنكبة الفلسطينية، وجرى فيها تهجير حوالي 900 ألف فلسطيني، أي ما نسبته 66 في المائة من إجمالي الفلسطينيين الذين كانوا يقيمون في فلسطين التاريخية آنذاك".

اخبار ذات صلة