قائمة الموقع

​إعداد الطعام.. وسيلة النساء للمشاركة في "الرباط"

2018-04-05T06:13:52+03:00

أثبتت المرأة الفلسطينية عبر العقود أنها تقف كتفًا إلى كتف مع الرجل، فهي شريكته في الرباط بأشكاله المختلفة، لتساعده على الصمود، وفي مسيرة العودة الكبرى ظهر عملها لأجل القضية الفلسطينية جليًا بمظاهر مختلفة، منها أن النساء باختلاف أماكن وجودهن على الشريط الحدودي لقطاع غزة قدّمن الطعام للمشاركين في المسيرة.

منهن من صنعن الطعام في بيوتهن وتقاسمنه مع المحتشدين في الميدان نهارا، أو المرابطين فيه ليلا، وأخريات صنعن "الفريكة" و"الشراك" بين الناس على الحدود، وهي أكلات تراثية، رائحتها تعيد الفلسطينيين بالذاكرة إلى "ريحة البلاد".

شركاء للرجال

"أم بلال شراب"، ربة بيت من مدينة خانيونس، صنعت بجهد شخصي أقراص البيتزا وحبات الكعك لإمداد المرابطين ليلا على حدود خزاعة، حتى تطور الأمر ليصبح مبادرة شاركت بها عدد من النسوة.

قالت شراب لـ"فلسطين": "بعد مسيرة العودة الكبرى والحشود الرائعة التي شاهدتها في الميدان، والتعاطف الشعبي أيضا، لأول مرة أشعر أن الشعب الفلسطيني بجميع أطيافه اجتمع على حب فلسطين وحق العودة".

وأضافت: "وكان لا بد لنا نحن نساء محافظة خانيونس أن نقدم شيئا للمرابطين في الميدان، ولو ما نقدمه يسيرا، كشربة ماء أو لقمة غذاء، ولأن السيدان يرغبن بأن يكون لهن سهم في هذا الرباط، تفاعلن مع المبادرة دون تردد".

وتابعت: "قمنا بعجن أكثر من 50 كيلو من الدقيق في أقل من ثلاث ساعات، وبعض النساء جلبن الخضار من بيوتهن، وأخريات اشترين الجبن لإضافته لأقراص البيتزا، وغيرهن تبرعن بالصواني لخبز المعجنات والكعك أيضا".

ولفتت إلى أن المبادرة مستمرة، حيث تقدم النسوة على فترات قريبة طعامًا للمحتشدين على الحدود.

وأشارت شراب إلى أن العمل في المبادرة يكون بروح الفريق، حيث كان هدف النسوة المشاركات هو الإنجاز والنجاح بتقديم الطعام للشباب في الصفوف الأولى على حدود الوطن.

وقالت: "اتفقنا نحن النسوة على البقاء في الميدان، والاستمرار بصنع الطعام حتى العودة، حيث نشعر أننا على مرمى حجر من تحرير الوطن، وستناول الوجبات في ساحات الأقصى بمشيئة الله تعالى".

وأوضحت: "الشعب الفلسطيني أبدع في المقاومة السليمة، وتقديم الطعام هو دعم لهذا الشكل من المقاومة"، مبينة أن : "النساء الفلسطينيات عندما يقدمن الدعم يشعرن أنهن شركاء للرجل في الرباط".

"هجرة الفلسطينيين عام 1948م سُميّت بالتغريبة الفلسطينية، والرباط اليوم على الحدود ضمن مسيرة العودة نتمنى أن نستطيع أن نقوم بالتشريقة الفلسطينية" قالت شراب مازحة.

صنع الطعام في نقاط تجمع مسيرة العودة، يعيد إلى الأذهان صور المرابطات المقدسيات اللاتي يقدمن الطعام في كل حشد، سواء كان اعتصاما أو مسيرة، وعن ذلك قالت شراب: "الشعب الفلسطيني أينما حلّ يترك بذرة خير، وصنع الطعام جزء من سلسلة ما تقدمه المرأة الفلسطينية في كل بقاع الوطن، والتي تنمّ على روح العطاء لديها، كأنها جُبلت على أن تكون معطاءة ومبادرة".

أُسوة بالمرابطات

وفي أول أيام مسيرة العودة الكبرى، انتشرت صورة لسيدة تحمل على رأسها قدرًا به "محشي ورق العنب"، سارت به مسافة غير قصيرة، لتشارك في المسيرة، وانتشرت الصورة بكثرة على منصات التواصل الاجتماعي.

كانت صاحبة هذه الصورة الصحفية دعاء عمار، التي كانت برفقة أبنائها ووالدتها أيضا، وتم التقاطها أثناء توجه العائلة إلى الحدود الشرقية لمدينة غزة.

عن القصة وراء هذه الصورة، قالت "أم دعاء عمار": "أعدّت ابنتي محشي ورق العنب، و(بكرج) القهوة، لنتقاسمهما مع المشاركين في المسيرة، وجهزت الصينية لتقلب بها (القدر) أسوة بمرابطات المسجد الأقصى".

وأضافت: "فوجئنا بأن المسافة بين مكان توقف الباصات ومكان التجمع طويلة، فاضطرت دعاء لحمل القدر على رأسها لتتمكن من الامساك بأطفالها حتى الوصول إلى المكان، وفي هذه الأثناء التقطت صديقاتها صورتها، وهددنها، مازحات، بنشرها عبر (فيس بوك)".

وتابعت: "ما كان من دعاء إلا أن نشرت الصورة بنفسها، وتفاجئنا بالصدى الكبير الذي أحدثته هذه الصورة ليس في فلسطين وحدها، إذ تناقلها متابعون من دول مختلفة، معبرين عن مدى سعادتهم وفخرهم بما يفعله أهل غزة".

وأوضحت أن ابنتها أعدّت بنية الرباط حتى التحرير والوصول إلى بيت المقدس.

"أم دعاء" سارت لمسافة طويلة لم تتخيل يوما أنها ستقطعها مشيا على الأقدام سيرا بسبب معاناتها صعوبات في المشي ناتجة عن مشكلة صحية، ولكنها عندما مشت في المسيرة بالتعب قط، على حد قولها.

وأضافت مازحة: "حينما وصلنا إلى أماكن الخيام وتجمع الحشود على الحدود، قدمنا التهاني لبعضنا بالوصول بسبب بعد المسافة، وعاهدنا أنفسنا أن يكون ملتقانا الأقصى".

ورأت أن المشاركين في المسيرة هم من أوصلوا صوتها ورسالتها إلى العالم أجمع ونجحوا في كسب مناصرته، وذلك بما مارسوه من أنشطة.

اخبار ذات صلة