قائمة الموقع

​جرحى لبّوا النداء.. فالإعاقة الحركية ليست عذرًا

2018-04-04T08:59:22+03:00

كما لو كانت وسام شرف، تحتفظ أجسادهم بآثارٍ تثبت دفاعهم عن وطنهم، فالإصابات تحوّلت إلى إعاقات حركية ترافقهم طيلة حياتهم، ومع ذلك لا يتركون مناسبة وطنية دون أن يضعوا بصمتهم فيها.. شبابٌ من ذوي الإعاقة آثروا الوطن على أنفسهم، ولبوا نداء الوطن فشاركوا في فعاليات مسيرة العودة.

في مخيمات العودة، ترى العديد من المعاقين حركيًا، فيكون أول يفكر به من يراهم: "ماذا لو أطلق الاحتلال النار عليه، كيف سيركضون ليحموا أنفسهم؟".. يبدو السؤال منطقيًّا، لكنهم لم يبذلوا جهدًا في طرحه أو التفكير في إجابته والتخوف من العقبات، والأكثر ذلك أن منهم من نتجت إعاقته عن إصابة بنيران الاحتلال، ومع ذلك هو موجود في مكان الخطر.

تلبية للنداء

ظريف الغرة (33 عامًا)، آمن بقضيته، وبحتمية العودة إلى "الكوفخة"، قرية الأجداد والآباء التي هجرهم الاحتلال منها عام 1948، وُلِد ونشأ في مدينة غزة، واليوم يسكن في مخيمات العودة على الحدود الشرقية حتى العودة إلى قريته، كما قال لـ"فلسطين".

وأضاف: "اتخذت قراري منذ اللحظات الأولى للإعلان عن مسيرة العودة الكبرى، فالأمر لا يحتاج للكثير من للتفكير، فالمشاركة فيها واجب وطني على كل فلسطيني، فعقدتُ العزم على المشاركة فيها بكل قوة، وشجّعت أهلي وأصدقائي وخاصة من فئة الجرحى وذوي الإعاقة على المشاركة".

بمجرد أن وطئت قدماه المكان المخصص للمسيرة على الحدود الشرقية للقطاع، استعاد شريط ذكريات مرّ على تسجيله ما يقارب 18 عامًا، حيث كان أُصيب في نفس المكان في بداية انتفاضة الأقصى.

وأوضح: "تذكرت كل تفاصيل التاسع عشر من نوفمبر عام 2000، بدءًا من المواجهات مع الاحتلال، وحتى لحظة إصابتي، ونقلي بسيارة الإسعاف إلى المستشفى".

نتج عن الإصابة، شللٌ نصفي سفلي، ومع ذلك فلم يشعر الغرة أنه استعاد ذكرى أليمة عندما عاد إلى مكان إصابته ليشارك في مسيرة العودة، بل تملكه شعور بالعزة والكرامة والفخر، وخاصة أنه لا يزال يلبي نداء الوطن لاسترداد حقه، ويمضي في ذات الطريق الذي قرر السير فيه، واصفًا إياه بأنه "طريق وطني ورجولي، دفعت من خلاله ضريبة الدفاع عن الوطن".

لا يستطيع أن يتحرك دون قدمه الثالثة "العكاز"، ومع ذلك يتردد بشكل شبه يومي على مخيمات العودة.

وأكّد: "يتحتم على الجرحى وذوي الإعاقة المشاركة في المخيمات، ويجب أن يكونوا في الصفوف الأولى لعدة أسباب، أولها أن الجرحى دائمًا سبّاقون في التضحية والبذل والعطاء، وثانيًا ليثبتوا للعالم كله أن جراحهم وإعاقاتهم لم ولن تثنيهم عن تلبية نداء الوطن".

وبين: "مشاركة الجرحى وذوي الإعاقة تشكّل حافزًا لكل المتكاسلين عن تلبية النداء، وتحمل رسالة تحدٍ للاحتلال مفادها أنه خاب وخسر وفشل في تحقيق أهدافه بأن يعزل الجرحى عن المجتمع، وأن ينطووا على أنفسهم ويغيبوا عن مشهد المقاومة، ورسالة أخرى العالم كله بأن كل أبناء شعبنا متمسكون بحق العودة ومستعدون لبذل الغالي والنفيس لاستعادته".

ورغم بعض المخاوف من تعرضه للإصابة مرة أخرى أو اختناقه بالغاز، إلا أنه آمن بأن خطر الاحتلال على حياة الشعب الفلسطيني ومستقبله وقضيته أكبر من خطره على حياته الشخصية.

ووجه الغرة رسالة للكل الفلسطيني بضرورة تلبية نداء الوطن والواجب، والمشاركة في مسيرات العودة الكبرى, كونها تنادي بحق أصيل, ولأنها وسيلة من وسائل المقاومة التي كفلتها كل القوانين الدولية، "ولنوصل رسالة واضحة للاحتلال بأننا موحدون مجتمعون على حقوقنا، وصحيح أن كبارنا ماتوا، ولكن صغارنا لم ينسوا وها هم يطالبون بحقهم, وما ضاع حق وراءه مطالب"، وفق قوله.

أحقية العودة

عام 2003، أصيب محمد الكحلوت (32 عامًا) برصاصة أدت إلى إصابته بشلل نصفي، فأقعدته على كرسي متحرك، ومع ذلك إلا أنه لم يتوانَ عن المشاركة في مسيرة العودة.

ففي صبيحة الجمعة، انطلق برفقة أبناء عمومته وأصدقائه إلى الحدود الشرقية، لإيمانه بأحقية الفلسطينيين بالعودة إلى أراضيهم.

وقال الكحلوت، وهو ناشط في شؤون الجرحى: "نحن الجرحى، ما أُصبنا إلا لأننا رفضنا الذل والخنوع، وآلامنا لن تُثنينا عن المشاركة، رغم أنها قد تشكل خطرًا علينا في ظل همجية المحتل وجبروته في الضرب العشوائي للرصاص وقنابل الغاز".

وأضاف لـ"فلسطين": "وفي حال تم الاعتداء علينا، فنحن لسنا أكثر أهمية من أرواح شبابنا وفتياتنا، ويا حبذا لو نلنا شهادة فيرضى الله عنا، ويُسجل اسمنا في سجل الخالدين".

ووجه رسالة لمن امتنعوا عن المشاركة: "كونوا على نهج الشهيد الشيخ أحمد ياسين، والجريح الشهيد إبراهيم أبو ثريا، فلا عذر لكم بعد اليوم، والله النصر قادم لا محالة بكم أو من دونكم، وإن لم تكونوا معول بناءٍ فلا تكونوا معول هدم، والنصر ينبت حيث يرويه الدم".

رسالةٌ أخرى وجهها للاحتلال: "نقول لكم من رأس الهرم إلى أصغر جندي في الكيان، إن الضربة التي لا تُميتنا تزيدنا قوة وصلابة، وأنا كجريح فلسطيني أعلم بأن النصر قاب قوسين أو أدنى، وسأقتص ممن تسبب بآلامي".

اخبار ذات صلة