من التهديد باستخدام العنف والإرهاب ضد الغزيين المشاركين في مسيرة العودة السلمية، إلى ممارسة الدعاية الكاذبة، ينشر مسؤولو الاحتلال الإسرائيلي عبر وسائل الإعلام الجديد والتقليدي، كلماتهم، ورسائلهم، التي تضمر الخوف والجبن في مواجهة الحق الفلسطيني.
فهذا المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي هدد في منشور له، الخميس الماضي، النساء والأطفال الغزيين بأن جيشه لن يتردد في استخدام الوسائل العنيفة المتوفرة لديه، متناسيا أن في قطاع غزة فقط نحو مليون و400 ألف لاجئ فلسطيني أعزل شردتهم العصابات الصهيونية من أرضهم في فلسطين التاريخية سنة 1948.
ويُقَدَّر عدد اللاجئين الفلسطينيين المشتتين داخل وخارج فلسطين بـ5.9 مليون شخص، بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
وتناسى أدرعي، أن كيانه الاحتلالي، يحاصر الأبرياء برا وبحرا وجوا بشكل مشدد وجماعي في قطاع غزة منذ 11 سنة، خلافا لقواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بما ينتج عنه من معاناة في حياة الغزيين بكافة المجالات: الصحة، التعليم، الكهرباء، حرية التنقل، وغيرها.
كما تغافل أدرعي، عن مواصلة دولة الاحتلال الاستيطان وهو جريمة حرب مستمرة بحسب القانون الدولي، وتواصل خلافا للقرارات الدولية احتلال الأراضي الفلسطينية، وبناء جدار الفصل العنصري، وتهويد مدينة القدس العربية الإسلامية، ومعاداة المنظمات الدولية التي تقر بحقيقة عروبة فلسطين، وزيف رواية الاحتلال.
ويسعى أدرعي ومن خلفه قادة الاحتلال، دون جدوى، إلى تبرير جرائمهم بحق الشعب الفلسطيني أمام شعوب العالم، التي لا ينطلي على معظمها الكذب.
هي مسيرة شعبية سلمية تطالب بتطبيق قرار 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي قرر وجوب السماح بالعودة في أقرب وقت ممكن للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكاتهم وعن كل مفقود أو مصاب بضرر.
لكن لماذا لا يجيب أدرعي وقادته عن سبب ضرب كيان الاحتلال، القرارات الدولية، بعرض الحائط؟ ولماذا لا يركز قليلا على حقيقة أن هذا الكيان أقيم على القرى والمدن الفلسطينية التي هدمتها العصابات الصهيونية على رؤوس أصحابها الأصليين سنة 1948؛ ما أدى إلى استشهاد نحو 15 ألف فلسطيني وتشريد نحو 800 ألف آخرين قسرا؟
مسيرة العودة سلمية
ويقول المختص في الشؤون الإسرائيلية، د. مأمون أبو عامر، إن كيان الاحتلال يحاول دائما أن يجد لنفسه مبررا لاستهداف الفلسطينيين، ولهذا يصف المسيرة الشعبية السلمية بما يسميه "الإرهاب"، وهذا ليس غريبا على سياسة الاحتلال الذي أباد عائلات بأكملها في الحروب العدوانية الأخيرة على غزة.
ويضيف أبو عامر لصحيفة "فلسطين"، أنه كان واضحا أن هناك ارتباكا إسرائيليا حصل منذ البداية في قضية التعامل مع مسيرة العودة، وهو ما ظهر في بحث المجلس الوزاري المصغر لشؤون السياسة والأمن "الكابينيت" خيارات ذلك، ثم حسم الأمر باتجاه استخدام القوة.
ويوضح أن جيش الاحتلال لم يتجنب قتل الفلسطينيين بل كان يستهدف ذلك، وهو ما يظهر من خلال جلب القناصة وقوات الجيش، وتعمد إصابة وقتل حتى الأشخاص البعيدين عن السياج الفاصل.
كما أصاب الارتباك الاحتلال الإسرائيلي بعد رد الفعل الدولي على المجزرة التي ارتكبها في أول أيام مسيرة العودة، بحسب أبو عامر.
والحق في التظاهر السلمي مكفول ومعترف به في كافة المواثيق الدولية إذ تنص المادة (٢١) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن يكون الحق في التجمع السلمي معترفا به.
وللتذكير، حتى المقاومة المسلحة للاحتلال مكفولة بالقوانين الدولية، ومن ذلك اتفاقية لاهاي عام 1907، والقرار الأممي رقم 3236 الصادر في 1974 فقد أعطى الشعب الفلسطيني الحق في استخدام كافة الوسائل لنيل حريته المتاحة بما فيها الكفاح المسلح، وغير ذلك من القوانين والقرارات.
ويُبيِّن أبو عامر، إن (إسرائيل) تخشى مسيرة العودة لما لها من تداعيات سياسية، أولها أن الشعب الفلسطيني مصمم على حق العودة رغم مضي 70 سنة على النكبة، وأن هذا الشعب لم ينس هدفه.
كما أن من التداعيات التي تظهر فشل الإجراءات التي تم فرضها على قطاع غزة خلال العام الماضي، والتي كان ترمي لإخضاع الغزيين، فرغم هذه الإجراءات ثاروا على الاحتلال، والكلام لا يزال لـ"أبو عامر".
من جهته، قال المحلل السياسي هاني المصري في منشور عبر صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، إن "مسيرة العودة لم تؤد لإصابة أي إسرائيلي ولكنها أصابت (اسرائيل) في مقتل إذ ذكرتها بعدم شرعيتها رغم مرور سبعين عاما على إقامتها، وأن صاحب الحق رغم أنه قابض على الجمر ولكنه يقاوم".
وبحسب مراقبين، يخشى كيان الاحتلال، عودة الفلسطينيين –أصحاب فلسطين التاريخية الأصليين- إلى ديارهم، لئلا يفوق عددهم أعداد الإسرائيليين المحتلين لهذه الأرض، التي لو نطقت، لقالت: "أنا عربية".