استطاع القائمون على مسيرات العودة أن يعيدوا للقضية الفلسطينية صدارتها وإعادة بناء الهوية الوطنية, وفق مفاهيمها التاريخية، والخروج من دائرة رد الفعل إلى الفعل, ومن الصمت والنداءات إلى المواجهة والاحتجاج.
الصورة الوطنية رسمت معالمها على حدود غزة بوسم وطني تدور فيه الفصائل وتعلو فيه الوطنية، ويشارك فيها المهجر من وطنه عام 1948 وأحفاده الصغار من تحت خيمة اللجوء.
السلمية هنا شكل جديد من المقاومة ولم يُنس في أي يوم شكل من أشكال المقاومة الأخرى, وفي مقدمتها المقاومة العسكرية, وهذا هو الجديد في النضال الفلسطيني ضد الاحتلال, بعد محاولته جاهدًا أن يرسم صورة واحدة للفلسطيني الإرهابي.
في مخيمات العودة ترسم طريق العودة نحو المدن والقرى التي هجر أصحابها منها , وهذا ما يميز هذه المسيرات بأن مطالبها واضحة ومحددة, بعيدًا على التفاصيل التي عمل الاحتلال في سنوات طويلة على إشغال الفلسطيني فيها.
من شارك أو زار مخيمات العودة يدرك حجم الوحدة الوطنية التي جسدها المخيم أكثر بكثير من المؤتمرات واللقاءات والحوارات في غزة والقاهرة وغيرها.
تجسيد الوحدة الوطنية يحدث بوحدة المطالب والتخلص من الاحتلال وإثارة وفضح ممارساته القمعية, كما حدث الجمعة الماضية وحالة الهستيريا التي تنتاب جنود وقادة الاحتلال حول فشلهم في التعامل مع المسيرات الشعبية السلمية المطالبة بحقهم في العودة.
يمكن القول إن غزة أعادت بناء الصورة النضالية الفلسطينية بعد حالة التشويه التي قام بها الاحتلال وبعض الأنظمة العربية وبينها السلطة الفلسطينية.
المطلوب فلسطينيا في هذه المرحلة تحديد خطوات فعلية لتحقيق أهداف المسيرات, وصولا إلى ذكرى النكبة في مايو القادم لتتحول هذه الخطوة من تحرك تكتيكي إلى تحرك استراتيجي, يتم البناء عليها في إقناع العالم بحقنا في العودة وتقرير المصير والبناء عليها في إقامة كيان فلسطيني على الأراضي المحتلة بديلا عن الاحتلال.