تشكل المقاطع المصورة التي توثق إطلاق جيش الاحتلال الإسرائيلي، الرصاص الحي صوب المتظاهرين السلميين في مسيرة العودة، التي انطلقت الجمعة، قرب السياح الفاصل مع الأراضي المحتلة 48م، دليلا دامغا على ارتكاب الاحتلال لانتهاكات تصل لـ "جريمة حرب"، وفقا لحقوقيين.
وأكد مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة "بتسيلم" أن إطلاق النّار على المتظاهرين عزّل مخالف للقانون، وأمر بتنفيذه يتعارض بوضوح مع القانون، محذرا من التعامل مع موقع المظاهرة على أنّه "ساحة حرب" ومن استهداف المتظاهرين بالنيران الحيّة، حيث أن كلا الأمرين محظور قانونًا.
وأضح "بتسيلم"، في بيان، أمس، أنه لا توجد حالة "قتال" بين جنود مدجّجين بالسّلاح ومتظاهرين عزّل، مبينا أن تعليمات إطلاق النار المخالفة للقانون، والانصياع لها، أدّى إلى هذا العدد الكبير من الخسائر البشرية والإصابات في قطاع غزة.
حقائق ثابتة
مدير عام مؤسسة الحق شعوان جبارين، قال إن الوقائع الميدانية التي صاحبت أحداث مسيرة العودة السلمية تدين الاحتلال الإسرائيلي بشكل واضح وتصل إلى حد ارتكاب جرائم الحرب ضد المدنيين العزل.
وأضاف جبارين لصحيفة "فلسطين" أثبتت مقاطع الفيديو واللقطات المصورة من حدود غزة أن إطلاق النار كان يجري من قبل الجنود والقناصين بدم بارد دون وجود أي ضرورة أو مبرر لقتل المدنيين بشكل عمد، وكل ذلك يشكل مادة دسمة في ملف محاسبة الاحتلال وملاحقته في المحكمة الجنائية الدولية.
وأوضح جبارين أن عملية المحاسبة يتوجب أن تبدأ بتقديم الدول العربية الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان بدعوة لانعقاد الجمعية العامة للمجلس ثم المطالبة بتشكيل لجنة تحقيق، أو من خلال دعوة الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو غوتيريش" بنفسه إلى تشكيل لجنة تقصي حقائق.
وشدد عضو اللجنة الوطنية للمتابعة مع المحكمة الجنائية الدولية، على أهمية عمل المؤسسات الفلسطينية المحلية والهيئات الدولية على إعداد تقرير شامل بالأحداث التي واكبت مسيرة العودة يوم الجمعة، ويشمل على المعلومات الوثائقية وأدلة الإدانة بمختلف تصنيفاتها، وذلك استعدادا لأي تطورات قد تطرأ على صعيد ملاحقة الاحتلال.
وكان الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قد دعا إلى إجراء تحقيق مستقل وشفاف في الأحداث التي واكبت مسيرة العودة، معبرا عن قلقه وتعاطفه مع "أسر الضحايا" الفلسطينيين.
قوة مفرطة
من جهته، ذكر الحقوقي صلاح عبد العاطي، أن الاحتلال نفذ انتهاكات جسيمة بتعمده استخدام الرصاص الحي والقوة مميتة، رغم عدم وجود أي تهديد مباشر لجنوده، مشيرا إلى أن موقف الأمين العام للأمم المتحدة يأتي في الإطار الصحيح. وأوضح عبد العاطي لصحيفة "فلسطين" أن حجم الشهداء والجرحى يظهر أن دولة الاحتلال كانت تعد العدة لارتكاب الجرائم بهدف ثني المتظاهرين السلميين عن المشاركة، مما يؤكد ارتكاب جرائم حرب ينبغي احالتها إلى المحكمة الجنائية في أسرع وقت.
وبين أن هناك إصابات تمت على بعد كيلومتر من السياج الفاصل وأخرى على بعد 700 متر، وكل ذلك يدلل بشكل واضح على تعمد الاحتلال استخدام القوة المفرطة غير آبه بمبادئ القانون الدولي والاتفاقيات التي تنص على التناسب والضرورة في استخدام القوة.
ودعا عضو اللجنة القانونية في مسيرة العودة، السلطة الفلسطينية إلى مطالبة مجلس حقوق الإنسان للانعقاد في دورة استثنائية لمناقشة الانتهاكات الجسيمة، وتشكيل لجنة تقصي حقائق ترسل على الفور إلى الأراضي الفلسطينية لمباشرة عملها، مبينا أن "هناك توثيق وإفادات وأدلة ثبت ارتكاب الاحتلال لجرائم".