يتكامل المشهد الفلسطيني الوطني على ساحة قطاع غزة, تجهيزات على قدم وساق استعداداً لانطلاق الحدث الوطني الكبير "مسيرة العودة الكبرى" , يتزامن ذلك مع رسالة المقاومة القوية, عبر مناورات الصمود والتحدي التي نفذتها كتائب القسام, فالحق بلا قوة معرض للضياع ونهش الضباع, وكأنه قطاع غزة المحاصر يخط بنود المشروع الوطني بعنوانيه الرئيسيين هما الإصرار على الحق الفلسطيني, والتمسك بالعودة وكنس الاحتلال, وإسقاط كل مشاريع التسوية والاعتراف, يستند ذلك إلى مقاومة صلبة راسخة الأقدام ذات بوصلة وطنية , تتمتع بالاحتضان الشعبي الكبير الذي أسقط كل الدعايات الرخيصة المعادية للمقاومة وسلاحها.
يستعد شعبنا الفلسطيني بشرائحه ومكوناته كافة لمسيرة العودة الكبرى, في مناسبة إحياء ذكرى يوم الأرض, الذي يصادف الثلاثين من آذار مارس, تأكيداً على مطالب شعبنا بالعودة إلى ديارهم التي هجروا منها, وتصويب للبوصلة الفلسطينية نحو القضايا الوطنية المهمة, والتي تشكل جوهر القضية الفلسطينية, كقضية تحرر وطني ومشروع حرية وانعتاق من الاحتلال البغيض, وإعلاء حق العودة كراية للمشروع الوطني الفلسطيني, وهذا يعني إفشال المسارات الغريبة التي يحاول أعداء القضية زج شعبنا في متاهاتها, عبر محاولة تغليب الوصف الإنساني والمعيشي على القضية الفلسطينية, والعمل على تفريغها من مطالب الوطنية لشعبنا في التحرير والاستقلال التام.
مسيرة العودة الكبرى هي ذلك التجسيد الجماهيري للمشروع الوطني الفلسطيني, وتعبيراً عن ذلك العهد الوطني الذي تعاهد عليه شهداء فلسطين منذ أكثر من سبعين عاما, فالعودة هي خلاص الإنسان والأرض من الاحتلال وإرهابه الدموي, فتحقيق العودة هو إنجاز للتحرير وانقشاع غمة الاحتلال عن فلسطين, فالعودة هي سلاحنا للتمسك بفلسطين الوطن والهوية, وتأتي مسيرة العودة الكبرى كإعلان جماهيري مدوٍ لرفض كل المبادرات السياسية والتسويات التفريطية, التي تنال من حقنا وتقزم من ثوابثنا الوطنية, فلا بديل عن العودة إلى فلسطين, لتسقط كل الدعاوي الخبيثة التي تنادي بحلول تصفوية كالتعويض والتوطين والوطن البديل, فهذه الملايين التي شردت من مدن وقرى فلسطين, ليس أمامها إلا وجهة واحدة لتتحرك من خيام ومخيمات اللجوء نحو فلسطين فقط, لن تسقط إرادة العودة أمام الإغراءات أو التهديدات, فحق العودة لفلسطين ثابت وطني لا تنازل عنه ولا تفريط به وغير خاضع للابتزاز أو المساومة.
مسيرة العودة الكبرى, هي انتفاضة الذاكرة الجمعية لشعبنا الفلسطيني لتبقى العودة حاضرة في التفاصيل اليومية للفلسطيني تلازم روحه التي تهفو وتحن إلى ديار الأجداد والآباء, مسيرة العودة الكبرى هي إزالة الوهم والوهن الذي يحاول البعض زراعته في عقول أجيالنا الفلسطينية, عبر التسليم بالاحتلال ووصفه بالجار وعقد اتفاقيات وتفاهمات يعترف فيها الفلسطيني للسارق الصهيوني بوطن على أنقاض القرى والمدن الفلسطينية.
مسيرة العودة الكبرى, صرخة في وجه العالم الظالم, الذي نكص عن كل المفاهيم والمبادئ التي ترفض الاحتلال وتدعم الشعوب التي تقاوم من أجل خلاصها من الاحتلال والعدوان, مسيرة العودة الكبرى تذكير للعالم أجمع بالقرارات الدولية والمواثيق الأممية والتي توجب عودة اللاجئين إلى ديارهم والتعويض عن معاناتهم, ومنها قرار مجلس الأمن الدولي رقم "194" رغم قناعتنا بأن هذا المجتمع الدولي ومؤسساته لا يفهم إلا لغة الأقوياء, ولا يرتدع إلا بلغة المصالح, ويقف عاجزاً عن نصرة المظلوم ولا يتحرك أقطاب هذا العالم إلا ضمن منظومة المصالح الخاصة, ولكن من المفيد تعرية هذه المنظومة الظالمة, وإزالة كل الأصباغ عن شعاراتها الكاذبة, أمام مشهد الظلم البين الواقع على شعبنا الفلسطيني وبدعم من أقطاب المنظومة الأممية وفي مقدمتهم الإدارة الأمريكية.
وحتى نرى المشهد الفلسطيني بشموليته, تمنحنا حالة الصمود في قطاع غزة مسالك للنجاة من المؤامرات الكونية التي تتعرض لها القضية الفلسطينية, ويعطينا هذا المشهد الثوري الوطني بامتياز, وصفة وطنية فعالة لإفشال المخططات الصهيوأمريكية لتصفية القضية الوطنية لشعبنا الفلسطيني, ما نحتاجه هو تعزيز الوحدة الوطنية والالتفاف حول برنامج الحقوق الوطنية والتحرك الجماعي نحو المطالبة بحقوقنا التاريخية بلا نقصان أو تنازل , مع الدعم الكامل والمساندة التامة لأشكال المقاومة كافة وفي طليعتها الكفاح المسلح, حتما سينكسر العدو وحتما سيعود شعبنا لوطنه.