على صخور ميناء غزة، وقفت "إنصاف حبيب" لتلتقط صورة لها وتنشرها على حسابها على موقع تبادل الصور "إنستجرام"، ولما نشرتها ذيّلتها بوسم "# مغامرة- إنصاف"، ومن هنا كانت الانطلاقة الحقيقة لفريق "مغامرات غزة"، إذ قررت "إنصاف" أن توسع فكرتها الاستكشافية وتستدعي ثلاث من صديقاتها هن براءة الغلايني وفاطمة أبو مصبح وروان الكباريتي، ومن ثم بدأت رحلة الشابات الأربع اللواتي جمعتهن الموهبة في إظهار الوجه الضاحك لقطاع غزة.
وتجتمع عضوات الفريق على وسم (هاتشاج) #مغامرات_ غزة، إذ تنشر كل واحدة منهن ما تم تصويره على حسابها على "انستجرام"، ويتجاوز عدد متابعي صفحاتهن مئات الآلاف.
شريكاتٌ في الموهبة
"إنصاف حبيب" طالبة في قسم الصحافة والإعلام بالجامعة الإسلامية، تبلغ من العمر 21 عاما، شغوفة بالتصوير عبر هاتفها المحمول، فهي تصور مناطق ومعالم غزة وتنشرها عبر "انستجرام" ليستمتع بها 10 آلاف متابع لحسابها.
وعن شريكاتها في الفريق، فالمغامرة براءة الغلايني (21 عاما) طالبة إعلام واتصال جماهيري في جامعة الأزهر، وتدرس فاطمة أبو مصبح (20 عاما) هندسة الاتصالات والحاسوب، أما روان الكباريتي فتبلغ من العمر 22 عاما، وهي خريجة علاقات عامة وإعلام من الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية.
تحدثت إنصاف لـ"فلسطين" عن الصدفة التي جمعت "مغامرات غزة": "روان وبراءة جارتان وصديقتا دراسة في المرحلتين الإعدادية والثانوية، التقيت بهما لأول مرة في معرض شبابي، وفي أحد الأعمال التطوعية تعرفنا على فاطمة، ووجدت لديهن شغف بالتصوير والإبداع الذي أنتمي له، وكذلك يتابعهن عدد كبير من المتابعين على (انستجرام)".
وأوضحت: "بعد شهرين من انطلاقنا كبرت (مغامرة إنصاف) لتصبح (مغامرات غزة)، واقترحت على رفيقات يفي الفريق الفكرة، وأبدين موافقتهن فورا، ومن هنا انطلقنا بالتصوير لنظهر الوجه الضاحك لغزة، ولنعمل على تحويل صورتها البائسة كمدينة الدمار والحرب، إلى صورة جميلة تبتسم، وكذلك نحاول عرض حياة الفتاة الغزية العشرينية للمتابعين من داخل غزة وخارجها".
وبينت: "تحولت الفكرة من مغامرة فردية الى فكرة جماعية أشبه بجولة، وبأقل الإمكانيات، حيث نستخدم كاميرا الهاتف النقال لنلتقط صورا ومقاطع فيديو لمعالم غزة الأثرية والسياحية ولنبرز الوجه الجميل الآخر لها، فالإبداع لا يحده شح الإمكانيات".
المغامرة الحقيقية
البعض قد يتهم مغامرات غزة بأنهن يسعين للشهرة من خلال نشر ما يصورنه على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن "إنصاف" ردّت قائلة: "كل ما حدث كان محض صدفة، والشهرة ليست هدفًا، فمن يتمسك بفكرة الشهرة يكون الفشل مصيره، ورغم إيجابياتها القليلة إلا أن سلبياتها كبيرة، فنحن تحكمنا عادات وتقاليد، ولذا فإن تحركاتنا محسوبة، ونحن حريصات للغاية للظهور بمظهر ملائم لطبيعة المجتمع".
النجاح الذي حققته المغامرات الأربع جعلهن وجهًا إعلانيًا لبعض الشركات في غزة، إذ صوّرن إعلانات لعدد من الشركات، وكذلك فإن شركات أخرى تطلب منهن نشر إعلانات على صفحاتهن، فيقمن بنشره ليومين وبعدها يحذفنه حتى لا تتحول حسابتهن إلى مكان إعلاني بعيدا عن الهدف الأساسي، وقد حققن من خلال الإعلانات عائدا ماديً بسيطا ولكنه مناسب لهن كطالبات جامعيات.
وأشارت إنصاف إلى أنها ورفيقاتها طوّرن موهبتهن من خلال الالتحاق بدورات لتنمية مهاراتهن في التصوير والمونتاج وإدارة مواقع التواصل الاجتماعي، مبينة: "نسعى لنغير الواقع الموجود، فأغلب الوجوه المعروفة على هذه المواقع هي من الذكور".
وعن التطلعات المستقبلية للفريق، لفتت إلى رغبتها بتوسيع الفكرة التي بدأتها قبل ستة أشهر، بحيث تصبح "مغامرات فلسطين"، لتشمل صديقات أخريات في القدس ورام الله والداخل المحتل، ليساهمن في توحيد شطري الوطن، موضحة: "نحلم بتمثيل فيديو مغامرات غزة وفلسطين، والتمكن من زيارة مدينة القدس، وحينها ستكون المغامرة الحقيقة باجتماعنا هناك".
تطوير المهارات
ومن جانبها، قالت براءة الغلاييني إن ما جمعها بالمغامِرات حبّهن للتصوير ونشاطهن على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث كن يصورن وينشرن على صفحاتهن الشخصية كل على حدة، إلى أن اجتمعن في فريق واحد، ثم طورن فكرتهن فأصبحن يصورن فيديوهات بالصوت والصورة.
وأضافت أن المغامرات يتناقشن حول ما يرغبن بتصويره، ثم يطوّرن فكرتهن لتخرج بصورة إبداعية، فينفذنها حسب الطريقة المتفق عليها، إذ تتولى هي اختيار زاوية التصوير والإخراج والمونتاج، وتُوكل مهمة كاتبة السيناريو لـ"إنصاف"، أما التنسيق وجمع المعلومات عن المكان المراد تصويره فهو من مهام "فاطمة" و"روان".
ولفتت إلى أن تنفيذ هذه المهام دفع المغامرات للالتحاق بدورات تدريبية في الإلقاء الإذاعي، وتوصيل "الفوتو" والفيديو أيضا، ومهارات المونتاج.
كل فكرة ناجحة لها منتقدون كما لها معجبون، فكيف تقابل مغامرات غزة هذا الانتقاد: "بدكم تورجونا حالكم! ليش بتطلعوا بالصور والفيديو؟"، أجابت براءة : "لا نلتفت لما يقوله المنتقدون السلبيون، لا سيما أن من بينهم من شابات صغيرات استطعن أن يخلقن لأنفسهن فرص عمل، ويصنعن كيانًا واسمًا في المجتمع، وهؤلاء تتملكهن الغيرة ويسعين إلى إحباطها".
بعد نجاح الفريق، هل طالت الغيرة قلوب أعضائه بفعل التنافس؟، أكدت الغلاييني: "الغيرة ليس لها مكانا بيننا، نحن أربعة أجساد ولكن بقلب واحد".