فلسطين أون لاين

​"أنا مسحور" شمّاعةٌ لتعليق المشاكل دون التحرك لعلاجها

...
صورة تعبيرية
غزة مريم الشوبكي

أن تمسّك أعمال السحر والشعوذة هذه مشكلة كبيرة قد تقلب حياتك، ولكن أن تُقنع نفسك بأنك مسلط عليك "سحر" أو "عمل" تلك المصيبة نفسها، والشماعة التي تعلق عليها فشلك في عملك ودراستك ومشاكلك الصحية، دون أن تكتشف قدراتك وإمكاناتك وتقوي ثقتك بنفسك.

"لأني مسحور"

"حازم" شاب في الخامسة والعشرين من عمره مقتنع بأن فشله الدراسي، ومشاكله الصحية، وعدم استمراره في أي مهنة يريد تعلمها تعود إلى كونه "مسحورًا"، وبسبب "السحر" أيضًا يتقوقع حول نفسه ويلازم البيت ولا يخالط أحدًا، وليس له أصدقاء، والصراخ هو أسلوبه في التعامل مع أسرته.

خمول "حازم" وانطوائيته ورفضه العمل أتعبت والده الذي لم يدخر جهدًا في نصحه وإرشاده، وكذلك إخوانه، ولكنه في كل مرة يصر أن شخصًا ما قد استهدفه بـ"عمل"، ولا يتقبل أي أفكار لإخراجه من الهالة المظلمة التي وضع نفسه فيها بإرادته.

أصبح "حازم" يشك في من حوله، ويرفع صوت هاتفه المحمول طوال اليوم بتسجيلات الرقية الشرعية، ولما يحدثه أحد منتقدًا ما يقوم به؛ يردد بلسانه المعوذتين وسورة الإخلاص، متعوذًا من شروره التي قد يصيبه بها.

مقتنعة

أما "عائشة" ذات الأربعين عامًا فعاشت أيامًا صعبة في حياتها الزوجية، بدأت بانتكاسات صحية ولم يعرف الأطباء لها سببًا، وخسرت على إثرها وظيفتها، واستمرت على هذا الحال سنوات طويلة أمضتها تطرق أبواب الأطباء والمعالجين بالقرآن.

وقالت لـ"فلسطين": "بعد ترددي إلى معالجين بالقرآن تحسنت حالتي الصحية، واستعدت نشاطي في متابعة شئون المنزل وأطفالي، ولكني أشعر أن صحتي تتراجع في موعد محدد من كل سنة، فأشعر من جديد بالوجع وأصاب بوعكة صحية أقضيها بتناول المسكنات".

وأضافت: "لا أزال مقتنعة أنني لم أشف تمامًا، وأن السحر يتجدد كل مدة، فمشاكلي مع زوجي وأهله لا تتوقف بسببه، إضافة إلى عدم راحتي في بيتي".

يلصقها بالآخرين

وفي السياق نفسه بيّن الاختصاصي النفسي زهير ملاخة أن الأشخاص الذي يقنعون أنفسهم بأنهم "مسحورون" يعانون من هوس، وإزاحة، بمعنى أن الفرد يلصق إخفاقاته في الحياة بالجن وبأشخاص آخرين، ويحمّلهم المسؤولية عن كل ما يحدث له.

وأشار ملاخة في حديثه لـ"فلسطين" إلى أن هؤلاء يعانون أيضًا من اضطرابات وجدانية، وليس ليس لديهم وعي كافٍ بذواتهم وإمكاناتهم ولا ثقة بأنفسهم، ويستخدمون وسائل دفاع عن أنفسهم وتبرير لخطئهم بادعاء وجود عوائق.

وذكر أن الشخص الذي لديه هوس في هذا الأمر قد يكون متأثرًا بالبيئة الأسرية التي نشأ فيها، وبشخصيتي الأم والأب المتسمتين بالخوف الزائد والشك وإرجاع كل المشاكل إلى السحر، إضافة إلى ضعف الجانب القيمي والإيماني، ما يجعل مجرى التفكير يتجه نحو أسباب أخرى.

بعض الأشخاص الذين خضعوا للعلاج من السحر يبقون على اقتناعهم التام بأنهم لم يشفوا تمامًا، وعنهم قال ملاخة: "حينما يمر الشخص بخبرات وتجارب سيئة كأن يصيبه سحر أو شعوذة؛ فقد يرى أنها السبب في أي مشاكل أخرى يمر بها، لكن إذا ما كانت شخصيته قوية ولديه توجه عقلي عاطفي متوازن، وإيمانه قوي؛ فلن يتأثر".

الاستعانة باختصاصيين

ولفت الاختصاصي النفسي إلى ضرورة الاعتناء بمن يقنع نفسه بأنه مسحور، لأنه قد يعاني من وساوس قهرية أو اضطراب في مجرى التفكير والوجدان أو هوس، ما يؤثر على علاقته بنفسه، ولا يعرف كيفية التعامل مع انفعالاته السلبية والإيجابية والتعامل مع أسرته، وهذا يزيد من توتره، فلابد من تغيير رؤاه وتعديل سلوكياته، والاستعانة بالأهل، وشخصيات قوية مؤثرة تعدل فهمه وتعامله مع القضايا، وأيضًا يمكن الاستعانة بالاختصاصيين وأهل الخبرة، لمحاولة إخراجه من المشكلة بأسلوب نفسي سليم.