تثير مصادقة حكومة رام الله على إخراج شركة "شل" العالمية للنفط والغاز من ائتلاف الشركات المطورة لحقل "غزة مارين"، خشية خبراء فلسطينيين من احتمالية سقوط السلطة في فخ نصبه الاحتلال الإسرائيلي عبر إخراج كل الشركات المطورة للحقل للاستفراد بالحقل الفلسطيني ونهبه دون حسيب أو رقيب.
يقع الحقل الفلسطيني على بعد 36 كيلومتر غرب قطاع غزة، في مياه البحر الأبيض المتوسط، وكان اكتشِف نهاية تسعينيات القرن الماضي، فيما بنت الحقل عام 2000 شركة الغاز البريطانية "بريتيش غاز".
وتصل حصة شركة "شل" في حقل غزة إلى 55%، وكان تقرير لشركة الكهرباء الإسرائيلية كشف عن أن كمية الغاز الطبيعي الموجودة في الحقل تتجاوز 33 مليار متر مكعب.
وأعلنت حكومة الحمد الله الثلاثاء الماضي، أنها صادقت على تخارج شركة "شل" العالمية للنفط والغاز، من حقل "غزة مارين" قبالة سواحل قطاع غزة في البحر الأبيض المتوسط.
وقالت الحكومة في بيان أعقب اجتماعها الأسبوعي في رام الله، إن "شل" خرجت من ائتلاف الشركات المطورة لحقل الغاز، بعد انتهاء النقاشات التجارية والقانونية ذات الصلة بين الأطراف المعنية في تطوير الحقل.
كانت الشركات العالمية متعددة الجنسيات، قد طلبت العام الماضي من الحكومة، التخارج من الحقل، بسبب عدم وجود أفق لتطويره وصعوبة الوصول لتفاهمات بين السلطة الفلسطينية ودولة الاحتلال على استثماره.
رئيس سلطة الطاقة والموارد الطبيعية ظافر ملحم، بين أن مصادقة الحكومة على خروج شركة "شل" جاء نتيجة عدم اهتمامها في تطوير حقل الغاز، بعد أن اشترت "شل" حصة "بريتش غاز" البريطانية، لافتًا إلى أن لدى "شل" أسبابها الخاصة في الخروج من الشركات المطورة.
وقال ملحم لصحيفة "فلسطين": "إن عدم اهتمام الشركة بتطوير الغاز جعل الحكومة تشتري حصتها المقدرة بنحو 55% مؤقتًا إلى حين وجود شركة مطورة أخرى"، مشيرًا إلى أن الحكومة ومنذ أشهر طويلة وهي تبحث عن بديل لشركة "شل" إلا أنها وبعد نقاشات ومفاوضات مع شركات مختلفة لم تجد البديل حتى الآن.
وبين أن المشكلة الأساسية في موضوع تطوير الحقل هي التسويق، لافتًا إلى أن أي شركة بحاجة لتسويقه بالسرعة الممكنة حتى يعود الاستثمار والعائد عليها خلال 7 سنوات، فضلًا عن معيقات الاحتلال الإسرائيلي في تطوير الغاز.
وتابع: "نحن بحاجة لاستخراج الغاز من خلال أنابيب خاصة، وهي بحاجة لموافقات من الاحتلال، ولسوق يكون قادرًا على استيعاب هذه الكميات المستخرجة"، لافتًا إلى أن هناك مفاوضات مع الاحتلال لم تنتهِ لتسويقه عبر أنابيب إسرائيلية.
سيناريو السقوط
أمام ذلك، يقول أستاذ الجغرافيا بجامعة بيرزيت الدكتور عبد الله حرز الله: "إن الاحتلال منع استفادة الفلسطينيين من الاستثمار من هذه الموارد؛ لأن ذلك يعني زيادة في الدخل الفلسطيني وتقوية موقفه، باعتبار أن السياسة الإسرائيلية قائمة على حرمان الفلسطينيين من حقوقهم".
وأضاف أن سياسة الاحتلال اعتمدت على ايجاد شريك ضعيف في حقل الغاز قبالة غزة يمكن أن يحل بدل الشريك البريطاني الذي لم يستطع الاحتلال الاعتداء على حقوقه.
وتابع حرز الله لصحيفة "فلسطين": "إن خطة الاحتلال خلال السنوات السابقة اعتمدت على تغيير الشريك البريطاني، وتماشت السلطة مع ذلك بالتوقيع مع شركة "شل" على العمل بالحصة البريطانية، والتي قررت الانسحاب بعد عامين من العمل ولم تجد أي آفاق للاستثمار في هذا الحقل"، منوها إلى أنه طالما تمتلك هذه الشركة حقوقا يجب أن تكون قد باعتها لطرف حتى اللحظة غير معروف.
ورجح أن يكون هناك سيناريو وضعه الاحتلال حيث نصب كمينا وقعت فيه السلطة بإخراج كل الشركاء من حصصهم في الحقل، حتى تعتدي على الحق الفلسطيني وتنهب موارده دون أن يكون هناك من يحاسبه، بعد عدم استطاعته نهب تلك الحقوق سابقا بعد أن كان هناك حصة للبريطانيين فيه.
ورأى أن بإخروج "شل" دون وجود بديل عنها، يكون الاحتلال قد نقل الصراع على البترول لمرحلة لا يمكن للفلسطينيين حمايته، معتقدا أن السلطة سقطت في الكمين الذي نصبه الاحتلال.
وعبر عن خشيته أن يقوم الاحتلال خلال الفترة القادمة بالإعلان عن مصادرة هذه الموارد الفلسطينية والاعتداء عليها ونهبها، معتبرا أن مصادقة حكومة الحمد الله على خروج شركة "شل" من الائتلاف المطور للحقل "خطأ كبير وقعت فيه في حال لم يوجد البديل".
الأكثر ترجيحًا
الخبير الاقتصادي الدكتور نصر عبد الكريم يشير إلى أن "شل" حصلت على حق الامتياز في حقل غزة مارين من "بريتش غاز" البريطانية، التي استحوذت عليه على مدار 18 عاما.
وقال عبد الكريم لصحيفة "فلسطين": السبب الأكثر ترجيحا لخروج شل من الحقل هو عدم قدرة الشركة على ممارسة عمليات التنقيب والحفر والاستخراج بشكل فعلي، باعتبارها شركة تهدف للربح والاستثمار، لافتا إلى أنه قد يكون هناك سبب آخر بوجود شريك آخر اشترى حقوق الشركة.
وأضاف: "إن الاحتلال منع الشركة من الاستثمار من خلال العوائق التي كان يفرضها"، مشيرا إلى أنه لا يوجد أحد له مصلحة في تعطيل الاستخراج من الحقل سوى الاحتلال الذي لا يريد للفلسطينيين الاستفادة من مواردهم، في الوقت الذي يستفرد بتلك الموارد ويقوم بعقد صفقات بيع الغاز الطبيعي مع الدول العربية المحيطة. ورغم أن الاستخراج متوقف في حقل غزة، إلا أن عبد الكريم لا يستبعد أن يقوم الاحتلال بمصادرة وسرقة الغاز عبر أنابيب وطرق مختلفة مثلما يفعل بالضفة الغربية المحتلة.